ثورة اتصالات: بعد «السوشيال ميديا».. طابور السنترال أصبح «محمول» فى إيدك
عدد تليفونات أرضية قديمة معروضة للبيع فى أحد الأسواق
كانت الزبائن تقف فى صفوف أمام السنترالات العامة والخاصة، فى انتظار دورها لاستخدام التليفون المثبت فى كابينة صغيرة، زحام شديد تتداخل فيه الأصوات، أغلبهم جاء للاتصال بأهله الذين يقطنون بمحافظة أخرى غير التى يقطنها للاطمئنان عليهم لتعذر الاتصال من التليفونات الأرضية غير المزودة بخدمة «المباشر».
فى سنترال قديم بشارع خيزر بإمبابة، يقف عبدالكريم بغدادى إبراهيم، لم يختلف السنترال فى شكله، كابينات صغيرة متراصة إلى جوار بعضها كل منها تتسع لشخص وعدة تليفون، لكن المضمون تغير كثيراً، فلم يعد هناك زحام ولا حركة عمل أصلاً، فقط لافتات أسعار لا ينظر إليها أحد، فلم يعد هناك حاجة لدخول السنترال فى عصر التليفون المحمول، والسوشيال ميديا. الدقيقة المحلى بـ25 قرشاً، المباشر 75 قرشاً، المحمول 50 قرشاً، وللاتصال لإحدى دول أوروبا نهاراً بـ5 جنيهات، وليلاً 4 جنيهات، أمريكا نهاراً 4 جنيهات وليلاً 3، وباقى دول العالم 6 جنيهات ليلاً و5 نهاراً، والدول العربية 4 جنيهات نهاراً و3 ليلاً، قائمة أسعار قديمة ما زال «عبدالكريم» يحتفظ بها، رغم التراب الذى يغطيها: «أكتر حاجة كانت الناس تتكلم مباشر يعنى من محافظة للتانية، المكالمات الدولية خلاص محدش بيطلبها كله معاه نت، مابقاش حد يتكلم عندى».
هجرته الزبائن بحكم التطور، بينما ظل هو على حاله، يحتفظ بكل ركن كما هو، لا مكالمات أرضية ولا دولية ولا زبون إلا عدد قليل من الذين يطلبون دقيقة تليفون محمول: «أنا فاتح السنترال بدل قعدة البيت، أهو محلى وفاتحه وخلاص، مش عايز أقفله وبقى علامة من علامات الشارع».
الكبائن موجودة كديكور فقط، والتليفون الأرضى ليس به خط، حتى «عبدالكريم» عندما يود الاتصال بأهله فى قنا يستخدم تليفونه الشخصى: «كله بالتليفون والنت، خلاص بقى راح فين زمن الكباين؟». عدة التليفون الأرضى كبيرة الحجم، ما زالت موجودة بمنزل والد نبيلة سمير، فى شارع ذو الفقار بشبرا، كانت أول عائلة تشتريه بين الجيران، وبعد علم الجيران بالأمر، قاموا بإعطاء رقم التليفون لأقاربهم للتواصل معهم عن طريقه: «الشارع كله عرف، بقينا كل شوية ننادى على واحدة جارتنا، تعالى جايلك تليفون، وكانت الناس تفرح قوى، كانت أيام حلوة».. نظام شديد وصارم لاستخدام التليفون الأرضى، يتم منعه بعد العاشرة مساء وفى الصباح إلا للطوارئ فقط: «كان أبويا، الله يرحمه، يعمل قفل فى التليفون علشان محدش يكلم حد من وراه». بعيداً عن الهواتف الذكية «سمارت فون»، ما زال تليفون «نوكيا القديم» فى أيدى البعض، يفترشه بعض الباعة الجائلين فى الأسواق الموسمية لكبار السن الذين لا يقدرون على مصاريف التليفون الحديث. يقول أحمد فكرى، موظف فى هيئة النقل العام، بائع موبايلات قديمة: «ثابت وبيستحمل وله زبونه وبعض الناس لسه بتشتريه». اشترى سلامة سيد، سائق على المعاش، تليفوناً قديماً بـ50 جنيهاً: «المهم فى التليفون إنه يقول آلو، مش عايز كاميرا ولا نت». أسامة فوزى، بائع تليفونات يعود تاريخ إنتاجها إلى أكثر من 15 عاماً ويزيد: «ناس كتير مالهاش فى النت ولا التاتش بتشترى، الزمن وقف بيهم ييجى عشرين سنة». يبدأ سعر التليفون من 10 جنيهات ويصل إلى 150 جنيهاً، ويختلف بحسب الحالة والنوع والموديل.