«40 سنة مهرجان».. كتاب ومعرض يرويان مسيرة وكواليس «الهرم الذهبى»
«أميتاب تشان» مع سمير صبرى فى إحدى الدورات
فكرة عابرة راودت مخيلة المفكر الكبير كمال الملاخ، حولها بعزم وجهد وعمل شاق لحقيقة فى فترة من أحلك الفترات التى مرت فى تاريخ البلد، ليصبح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أول مشعل يحمل وهج الفن والثقافة فى مصر والوطن العربى، خرج للنور فى وقت صعب يشهد تعافى «المحروسة» من آثار حرب ظلت سنوات تحصد الأرواح وتأكل الأخضر واليابس، وأقيمت دورته الأولى عام 1976، ومنذ وقتها لعب دوراً مهماً فى تشكيل الوعى الفنى للمشاهد المصرى والعربى، وقدم خلال 40 دورة الكثير لمحبى السينما وصناعها، ونجح فى حفر اسمه بين الكبار عالمياً، واحتل مرتبة متقدمة فى صفوف المهرجات الفنية الدولية.
ورغم إقامة 39 دورة من المهرجان، بعضها حصد الكثير من الإشادات، يظل كمال الملاخ بمثابة الأب الروحى لمهرجان القاهرة السينمائى، الذى يحتفى بعامه الـ40 الليلة، إذ إنه من وضع اللبنة الأساسية للحدث الفنى الضخم، وترأس سبع دورات ناجحة شهدت استضافة مجموعة من أبرز الفنانين العالميين، من بينهم كلوديا كاردينالى، راج كومار، إليزابيث تايلور، وكيرك دوجلاس، وساهم فى إرساء قواعد «نجومية» وشهرة المهرجان المصرى العالمى، ليرحل عن «وليده» عام 1983 تاركاً كنزاً ثميناً نجحت وزارة الثقافة فى استغلاله لاحقاً.
«جميل»: «شاهين» تظاهر داخل القاعة.. وتكريم «سالم» على كرسى متحرك
خلف الملاخ فى رئاسة المهرجان المخرج كمال الشيخ عام 1984، لكن ما لبث أن شكلت وزارة الثقافة لجنة مشتركة ضمت أعضاء الجمعية واتحاد نقابات الفنانين للإشراف على الحدث العالمى عام 1985، لتبدأ الفترة الذهبية لـ«القاهرة السينمائى»، إذ تولى رئاسته الكاتب سعد الدين وهبة، ونجح فى إعلاء اسمه وقيمته ليتوج ثانى أفضل مهرجانات للعواصم عام 1990، من أصل ثلاثة، وفقاً للاتحاد الدولى لجمعيات المنتجين السينمائيين، واستمر النجاح على مدار الدورات اللاحقة.
واحتفاء بالدورة الـ40، أطلقت إدارة المهرجان كتاباً يوثق تاريخ الحدث فى 39 دورة أقيمت على مدار 42 عاماً، ويؤرخه الكاتب محب جميل فى كتاب بعنوان «40 سنة مهرجان»، يجمع أهم البيانات الرئيسية التى تروى قصة مهرجان يرتبط تاريخه بتاريخ السينما، ووفقاً لمؤرخ الحدث، ينقسم الكتاب إلى 3 أجزاء، يضم الأول أبرز اللقطات التى حدثت فى كل الدورات السابقة فيما يتعلق بالأفلام والدول المشاركة، وأسماء أعضاء لجان التحكيم، والثانى جدول للجوائز الرسمية التى منحت على مدار تاريخ المهرجان من الجهات أو اللجان المختصة، موضحاً: «هناك سنوات لم تذكر فى الجدول، وهى التى لم يكن بها مسابقة دولية فى المهرجان، واقتصرت وقتها الأفلام على المشاركات الشرفية، ولم يكن هناك مسابقات أو جوائز رسمية فى الفترة من الدورة الرابعة وحتى الدورة الـ15».
«نانسى»: نستعرض «الكنوز المدفونة» بشكل معاصر.. ومقاطع فيديو من الدورات الأولى
«لم يغفل الكتاب ذكر المكرمين فى المهرجان سواء كانوا السينمائيين العالميين أو العرب»، حسب جميل، مشيراً إلى تطرق العمل إلى أبرز ضيوف الشرف بالدورات السابقة، إضافة إلى المطبوعات والكتب التذكارية الخاصة بتكريمات النجوم أو الحلقات النقاشية والبحثية المقامة ضمن فعالياته، التى انطلقت بداية من عام 1991، إذ لم يصدر «القاهرة السينمائى» مطبوعات قبل هذا التاريخ، وتطرق الكاتب إلى احتفال المهرجان بـ«اليوبيل الفضى» عام 2001، وإصداره كتاباً تذكارياً عن الحدث العالمى، موضحاً أنه أدرج فى الكتاب باعتباره مطبوعاً رسمياً.
وفيما يتعلق بالكواليس، قال محب لـ«الوطن»: «لم يستغرق العمل على الكتاب مدة طويلة، إذ بدأت فى شهر مايو الماضى، وحتى فترة قريبة كنت أراجع مع الناقد أحمد شوقى الكتاب تحريرياً ليخرج بالشكل الاحتفائى والتذكارى الذى ترغب فيه إدارة المهرجان، وكنت حريصاً ألا يكون عبارة عن مادة جافة للمتخصصين، بل كتاب سيرة عن الحدث يضم مواقف وحكايات طريفة تهم الجمهور العادى ويرغب فى التعرف عليها، إضافة إلى مجموعة من الصور تغطى معظم الفعاليات والشخصيات المهمة التى كرمت، واعتمدت على أرشيف المركز الصحفى للمهرجان فى التوثيق بجانب أرشيف دار الكتب، لأن هناك عدداً من الدورات المفقودة كان علىّ جمع معلومات عنها، فضلاً عن بعض النشرات ومناقشات مع بعض النقاد».
ورصد كاتب «40 سنة مهرجان» أبرز اللقطات التى تميزت بها الدورات السابقة، حسب جميل، موضحاً: «هناك عدد من المواقف الطريفة التى حدثت ويضمها الكتاب، منها تنظيم المخرج الراحل يوسف شاهين ومجموعة من السينمائيين مظاهرة داخل المهرجان؛ احتجاجاً على قرار لوزير الثقافة آنذاك، فضلاً عن حضور المخرج عاطف سالم، الذى كان قعيداً فى آخر أيامه، تكريمه على كرسى متحرك، كما حرصت إدارة المهرجان فى دورات كثيرة على تكريم نجوم رغم غيابهم، منهم الفنانة إيمان التى ابتعدت عن السينما منذ عام 1962 وسافرت إلى النمسا، وكانت سعيدة للغاية بتذكرها وتكريمها بعد سنوات من الغياب، إضافة إلى الفنانة سعاد حسنى التى كرمها المهرجان خلال رحلة علاجها ولم تستطع الحضور، وسجلت رسالة صوتية أذيعت خلال حفل الافتتاح تشكرهم فيها على التكريم والاحتفاء بها، وقدمت الناقدة ماجدة موريس كتاباً تذكارياً مهماً عنها».
ولا يقتصر احتفاء إدارة «القاهرة السينمائى» بالدورة الأربعين على الكتاب التذكارى فقط، إذ يقام معرض تنظمه خبيرة الأرشيف نانسى على، ومن المقرر أن يفتح أبوابه للجمهور يوم 21 نوفمبر فى الهناجر، وهو بمثابة معرض لـ«الكنوز المدفونة» للمهرجان، منها المخاطبات والمراسلات الأولى الخاصة بتأسيسه، أى إنه يوثق مسار الحدث عبر سنواته، ووفقاً لـ«نانسى»، لا يضم المعرض صوراً تذكارية أو بوسترات الدورات السابقة فقط، بل يضم مواد سمعية وبصرية تقدم معلومات للزوار عن المهرجان بشكل تفاعلى معاصر، موضحة لـ«الوطن»: «بدأت العمل على المعرض منذ شهر يونيو الماضى، ويضم عدداً من مقاطع الفيديو لافتتاح الدورات الأولى من المهرجان، إذ نسعى للاحتفاء بالحدث وإعادة سنواته الذهبية لأذهان الجمهور، ومن المهم أرشفة تاريخ المهرجان وغيره من المؤسسات حفاظاً على التراث السينمائى فى مصر».
«كلوديا كاردينالى» ضيفة الدورة الأولى