تربية الجيل الجديد أصبحت مهمة شاقة: عنيد.. وصاحب شخصية مستقلة
ساعات طويلة يجلسها الأطفال أمام الأجهزة الإلكترونية
التربية لم تعد سهلة، الآباء يواجهون صعوبات بالغة فى توجيه وتقييم سلوك أطفالهم، فلم تبق الأسرة، المدرسة، النادى، هى المؤثرات الأساسية على عقل الطفل، بسبب انعزالهم التام عن الجميع والجلوس لساعات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية، للمشاهدة أو اللعب، كما أن الاستخدام المفرط للإنترنت الذى يستمدون منه معلوماتهم ويجدون فيها ما يحبونه، يؤثر سلباً على سلوكهم ويكسبهم بعض السلوكيات مثل العند والتسلط وعدم تقبل الرأى الآخر والرغبة فى تكوين شخصية مستقلة، وكلما حاول الآباء فرض أساليب العقاب المختلفة من خلال حرمانهم وإبعادهم عن هذه الوسائل الترفيهية التكنولوجية، يزداد الأمر تعقيداً وعنداً من جانب الأطفال وتزداد الفجوة بين الطرفين.
«مها»: ابنى بيقلد «الكارتون».. و«داليا»: باعانى مع ابنى بسبب ارتباطه بالإنترنت
تواجه مها الشامى، ربة منزل، صعوبة بالغة فى التعامل مع طفلها صاحب الـ4 سنوات: «بجد أوقات كتير مبعرفش أتعامل مع ابنى، ولما بتكلم معاه بلاقيه بيقلد الكارتون اللى بيشوفه، فى طريقة الكلام والحوار حتى فى طرق الانتقام، بجد إحنا ماكناش كده»، على الرغم من صغر سن ابنها إلا أن «مها» تؤكد أنه يجلس كثيراً أمام مواقع الإنترنت سواء لمشاهدة الفيديوهات الكوميدية أو للعب: «يمسك الموبايل من هنا وبينسى نفسه، وآجى أكلمه ما يردش عليّا، وبقعد أفهمه بالراحة وده مش جايب نتيجة برضه ما بيسمعش الكلام». خصام «مها» لابنها لبعض الوقت، هو الوسيلة العقابية الوحيدة التى تلين قلبه، وتجعله يسمع كلامها لبعض الوقت: «لما باخد جنب منه وأزعل وأقوله مش هكلمك ييجى بقى يتحايل عليّا عشان أكلمه ويقولى سورى، لكن برضه بيرجع تانى مجرد ما يمسك الموبايل ما يسمعش الكلام».
صعوبة شديدة تشعر بها داليا مصطفى، ربة منزل، أثناء تربية أطفالها الثلاثة: «معايا 3 صبيان ودول تربيتهم صعبة، وأصعبهم فى التربية هو أصغر واحد 9 سنين لأنه طول النهار قاعد على النت ما بيسمعش الكلام، وكل كلمة لازم يرد عليها ولو اتكلمت معاه بالراحة ما بيسمعش».
معاناة «داليا» مع طفلها الأصغر بسبب ارتباطه بالإنترنت: «لو رايحين مشوار أو قاعدين كلنا فى البيت هو لوحده قاعد منزوى وبيفضل يلعب حتى لو جيت كلمته أو ندهته ما يردش عليّا خالص، لازم أناهد كتير عشان يرد عليّا وأضطر آخد منه الموبايل»، لا يتوانى ابنها الأصغر «عمار» عن إعلان غضبه وثورته على من فى المنزل: «بيصعب عليّا وبديله الموبايل تانى خاصة لما يتحايل عليّا، والموقف بيتنسى بسرعة وكأنه محصلش حاجة».
اجتهدت «داليا» كثيراً لفرض أساليب الثواب والعقاب على طفلها، لكنها يئست منه خاصة أنها لم تجد أى جدوى من أساليبها: «أنا بعانى حقيقى عشان ابنى يسمع كلامى ولما ييجى يسمع كلامى فى مرة بيبقى بعد مناهدة طويلة، والمذاكرة آخرها معاه ساعة بالكتير ويقولى هقوم ألعب، حقيقى تربيته صعبة جداً».
الأطفال يميلون بطبيعة الحال إلى تقليد الكبار وكل ما تراه أعينهم، بحسب سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: «لو الطفل شاف أبوه وأمه بيقعدوا كتير على النت وقدام التليفزيون هيطلع زيهم، فلو الطفل بيقضى وقت كبير قدام النت فالأساس مبنى غلط»، تؤكد «سامية» أنه لا بد من إدراج جدول للأطفال يسيرون عليه، حتى تصبح حياتهم منظمة وغير عشوائية: «من ضمن الحاجات الغلط اللى الأهل بيعملوها إنهم بيسيبوا النت مفتوح قدام عيالهم ومبيتابعوش هما بيتفرجوا على إيه، ولو عايزين يستخدموه المفروض يكون فى حاجات مفيدة تحت إشراف الأهالى عشان ميكتسبوش سلوك وحش من الحاجات اللى بيشوفوها».
تشدد «سامية» على أهمية البداية فى توجيه سلوك الأطفال خصوصاً جيل الإنترنت، ولإعادة التوجيه مرة أخرى بشكل إيجابى لا بد من وضع خطط بديلة أمامهم للاستغناء عن الإنترنت والسلوكيات السيئة التى تنتج عنه: «ناخدهم فى زيارة لأماكن أثرية أو نشترك لهم فى لعبة فى النادى، تقعد الأسرة كلها تتفرج على فيلم أو يلعبوا على الإنترنت كلهم لعبة مشتركة فهيطلع الطفل مش منطوى على نفسه مع الإنترنت بالعكس هيكون اتعود يقعد مع مجموعة قدام الشاشة».
عمار
سليم