"الدستورية" تبطل نص المادة 56 من قانون نقابة المهن التعليمية
المحكمة الدستورية العليا
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار حنفي جبالي، في الدعوى رقم 118 لسنة 26 قضائية دستورية، بعدم دستورية نص الفقرة الأولى، وعبارة "وتفصل محكمة النقض في الطعن" الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، وسقوط نص الفقرة الثانية وباقي أحكام الفقرة من المادة ذاتها.
وأصدرت المحكمة حكمها، تأسيسا على أن المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، تنص على أن "لخمس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية حق الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجالس الإدارة أو في القرارات الصادرة منها، بتقرير موقع عليه منهم يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقادها بشرط التصديق على التوقيعات من الجهة المختصة"، إذ يجب أن يكون الطعن مسببا وإلا كان غير مقبول شكلا.
وتفصل محكمة النقض في الطعن على وجه الاستعجال في جلسة سرية، وذلك بعد سماع أقوال النقيب أو من ينوب عنه ووكيل عن الطاعنين.
وتابعت المحكمة إن البيّن من نص الفقرة الأولى من المادة (56) المشار إليه أن شرطين، يتعين توافرهما معا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية، أو في تشكيل مجالس الإدارة، أو القرارات الصادرة منها أولهما: أن يكون هذا الطعن مقدمًا من خمس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل، ثانيهما: أن يكون الطعن على قراراتها مستوفيا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، مصادقا عليها جميعا من الجهة المختصة.
وبينت أن الطعن على قرار معين – وكلما توافر أصل الحق فيه – لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التي يقتضيها تنظيم هذا الحق، وإلا كان القيد مضيقا من مداه أو عاصفا بمحتواه، فلا يكتمل أو ينعدم، وكان حق النقابة ذاتها في تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشؤونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها في الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنمائها للقيم التي يدعون إليها في إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانا لصون الأسس التي حددها الدستور بنص المادة (76) منه، وإن كان كافلا لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابي ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضي تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددا لكل قاعدة قانونية مجالا لعملها، ومقيدا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطا للأعمال جميعها، محيطا بكل صورها، ما كان منها تصرفا قانونيا أو متمحضا عملا ماديا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعا، ليكون تقويمها حقا مقررا لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.
وقالت المحكمة أن نص الفقرة الأولى من المادة (56) المشار إليها قد نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن فى قرار صادر عن الجمعية العمومية لنقابة فرعية، نصابًا عدديًا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من خمس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو الفرعية أو اللجنة النقابية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالا عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التي أخل بها القرار المطعون فيه، والتى لا يقوم العمل النقابي سويا بدونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهم أو تغض بصرها عنها، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقا.
وافترض النص المطعون فيه كذلك، أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابا محتوما للطعن في قراراتها – متحدون فيما بينهم في موقفهم منها، وأنهم جميعا قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدا لها من آثارها وتعطيلا للعمل بها، لتتخلي نقابتهم عنها، وهو افتراض قلما يتحقق عملا، ولا يتوخى واقعا غير مجرد تعويق الحق في الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه، ليكون " أفدح عبئا، وأقل احتمالا".
وأكملت المحكمة: حيث إنه لما تقدم، فإن النصوص المتقدمة تغدو مصادمة لنصوص المواد (76، 77، 94، 97، 184، 190) من الدستور الحالي، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (56) المشار إليها برمتها، وكذا عبارة "وتفصل محكمة النقض في الطعن" الواردة بصدر الفقرة الأخيرة من هذه المادة، وسقوط نص الفقرة الثانية، وباقي الأحكام التي تضمنتها الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها، لارتباطها بالنصوص المقضي بعدم دستوريتها ارتباطا لا يقبل الفصل أو التجزئة، بحيث لا يمكن فصلها عنها أو تطبيقها استقلالا عنها.