"الإفتاء" تفند أهداف وشروط الجهاد في الإسلام والآثار المترتبة عليه
دار الإفتاء - أرشيفية
ناقشت دار الإفتاء المصرية دعاوى المتطرفين حول الجهاد بتقرير مطول حول أهداف الجهاد وشروطه في الإسلام والآثار المترتبة عليه، وجاء في التقرير: "مكث رسول الله (ص) بمكة ثلاثة عشر عامًا، يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان نتاج هذه المرحلة أن دخل في الإسلام خيار المسلمين من الأشراف وغيرهم، والداخلون أغلبهم من الفقراء، ولم يكن لدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثروة عظيمة يغري بها هؤلاء الداخلين، لم يكن لديه إلا الدعوة والدعوة وحدها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تحمَّل المسلمون -لا سيما الفقراء والعبيد ومن لا عصبية له منهم- العذاب وألوان البلاء؛ ما تعجز الجبال الرواسي عن تحمله، فما صرفهم ذلك عن دينهم، وما تزعزعت عقيدتهم، ويتبين من التدبر لآيات الله سبحانه وتعالى في الجهاد؛ يجد أن القتال في الإسلام من أنقى أنواع الحروب، وتجلى ذلك في عدة نواحٍ كالتالي:
1- من ناحية هدفه وأسلوبه.
2- من ناحية شروطه وضوابطه.
3- من ناحية ما ترتب عليه من نتائج.
- أولًا: أهداف الحرب في الإسلام:
1- رد العدوان والدفاع عن النفس.
2- تأمين الدعوة إلى الله، وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها.
3- المطالبة بالحقوق السليبة.
4- نصرة الحق والعدل.
- ثانيًا: شروط الجهاد:
1- النبل والوضوح في الوسيلة والهدف.
2- لا قتال إلا مع المقاتلين، ولا عدوان على المدنيين.
3- إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال؛ فلا عدوان إلا على الظالمين.
4- المحافظة على الأسرى ومعاملتهم بالحسنى بما يليق بالإنسان.
5- المحافظة على البيئة، ويدخل في ذلك النهي عن قتل الحيوان لغير مصلحة وتحريق الأشجار، وإفساد الزروع والثمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت.
6- المحافظة على الحرية الدينية لأصحاب الصوامع والرهبان، وعدم التعرض لهم.
- ثالثًا: الآثار المترتبة على الجهاد:
1- تربية النفس على الشهامة والنجدة والفروسية.
2- إزالة الطواغيت الجاثمة فوق صدور الناس، وهو الشر الذي يؤدي إلى الإفساد في الأرض بعد إصلاحها.
3- إقرار العدل والحرية لجميع الناس مهما كانت عقائدهم.
4- تقديم القضايا العامة على المصلحة الشخصية.
5- تحقيق قوة ردع مناسبة لتأمين الناس في أوطناهم.
- حقائق غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفتوحات الإسلامية:
1- إن مجموع تحركات النبي (ص) العسكرية نحو 80 غزوة وسارية وإن القتال الفعلي لم يحدث إلا في نحو سبع مرات فقط.
2- المحاربون كانوا كلهم من "قبائل مضر" أولاد عمه صلى الله عليه وآله وسلم فلم يقاتل أحدًا من ربيعة ولا قحطان.
3- أن عدد الشهداء من المسلمين في كل المعارك 139 شهيدًا، ومن المشركين 112 قتيلًا، ومجموعهم 251، وهو عدد القتلى من حوادث السيارات في مدينة متوسطة الحجم في عام واحد، وبذلك يكون عدد القتلى في كل تحرك من تلك الثمانين 3.5 أشخاص، وهذا أمر مضحك مع ما جُبل عليه العرب من قوة الشكيمة والعناد في الحرب أن يكون ذلك سببًا لدخولهم الإسلام وتغيير دينهم.
4- هناك حقائق حول انتشار الإسلام توضح بجلاء أن الجهاد ليس آلية لإنتشار الإسلام كما يظن البعض؛ حيث يتبين الآتي:
في المائة العام الأولى من الهجرة: كانت نسبة انتشار الإسلام في غير الجزيرة كالآتي: في فارس (إيران) كانت نسبة المسلمين فيها هي 5%، وفي العراق 3%، وفي سورية 2%، وفي مصر 2%، وفي الأندلس أقل من 1%.
أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 25% من السكان فهي كالآتي: إيران سنة 185هـ، والعراق سنة 225هـ، وسورية 275هـ، ومصر 275هـ، والأندلس سنة 295هـ.
والسنوات التي وصلت نسبتهم فيها إلى 50% من السكان كانت كالآتي:بلاد فارس 235هـ، والعراق 280هـ، وسورية 330هـ، ومصر 330هـ، والأندلس 355هـ.أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 75% من السكان فكانت كالآتي:بلاد فارس 280هـ، والعراق 320هـ، وسورية 385هـ، ومصر 385هـ، والأندلس سنة 400هـ.
- وأوضح التقرير أن خصائص انتشار الإسلام:
أ- عدم إبادة الشعوب.
ب- معاملة العبيـد معاملة راقية، وتعليمهم، وتدريبهم، بل وتوليتهم الحـكم في فترة اشتهرت في التاريخ الإسلامي بعصر المماليك.
ج- الإبقاء على التعددية الدينية من يهود ونصارى ومجوس؛ حيث نجد الهندوكية على ما هي عليه وأديان جنوب شرق آسيا كذلك.
د- إقرار الحرية الفكرية، فلم يعهد أنهم نصبوا محاكم تفتيش لأي من أصحاب الآراء المخالفة.
هـ- ظل إقليم الحجاز مصدر الدعوة الإسلامية فقيرًا حتى اكتشاف البترول في العصر الحديث.
إن هذه الحقائق ظلت باقية إلى يومنا هذا وعبر التاريخ، وعلى العكس منها تعرض العالم الإسلامي للاستعمار، ولإبادة الشعوب، وتهجيرها، ولمحاكم التفتيش، والحروب الصليبية، ولسرقة البشر من غرب أفريقيا، وصناعة العبيد في أمريكا من ملف واسع كبير، والغرض من ذكر ما سبق المقارنة بين نقاء الإسلام والحروب عند غيرنا قديمًا وحديثًا، وسمات الجهاد في الدين الإسلامي.