رئيس "المنظمة العربية": أمريكا لا تكترث بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان
علاء شلبي، رئيس للمنظمة العربية لحقوق الإنسان
قال علاء شلبي، رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن قدرة الأمم المتحدة على الفعل والتأثير ارتبطت بتوافر الإرادة السياسية للدول الأعضاء، خاصة القوى الكبرى.
وأضاف "شلبي"، في حوار لـ"الوطن" بمناسبة مرور 70 عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، أن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها دور رائد في دعم حماية حقوق الإنسان خلال تنافسها مع الاتحاد السوفييتي وخلال محاولتها قيادة العالم، لكن هذا الدور لطالما كان يتأثر بمصالحها، وتجلى ذلك في حرب فيتنام، ودعمها الاحتلال الإسرائيلي، ومنع التجديد للدكتور بطرس غالي في موقع الأمين العام للأمم المتحدة.
- هل استطاعت الأمم المتحدة تطبيق مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
الأمم المتحدة شكلت ولا تزال الوعاء الحاضن لقضية حقوق الإنسان، وأداة نشرها وتعميمها، وكذا أداة لفرض احترامها، وفي بعض الأحيان حمايتها، فحقوق الإنسان شكلت أحد عناصر الأساس القوى للعمل الجماعي الدولي لدى إنشاء الأمم المتحدة، ونجحت في إصدار العشرات من الاتفاقيات والصكوك موضع الالتزام، ووفرت آليات تبني ومتابعة تطبيق تلك الاتفاقيات، مع توافر بنية نظرية وواقعية لفرض حقوق الإنسان وتعزيزها واحترامها، سواء من خلال الإلحاح على تطبيق الاتفاقيات ومكافحة الخروقات، أو من خلال الإرشاد والدعم التقني لتفعيل الصمانات، وصولًا إلى ممارسة أدوار فاعلة بلغت في بعض الحالات استخدام الإجراءات القسرية والتدخل العسكري لأغراض إنسانية والمحاسبة الجنائية.
"شلبي": الأمم المتحدة هي الوعاء الحاضن لقضية حقوق الإنسان وأداة نشرها وتعميمها
- وما الضمانات التي قدمها الإعلان للقضية الفلسطينية؟
قدرة الأمم المتحدة على الفعل والتأثير ارتبطت بتوافر الإرادة السياسية للدول الأعضاء، وخاصة القوى الكبرى، وتخضع في كثير من الحالات لتوازن القوى الدولي، وهذا أثر بشكل كبير على معالجة قضايا كبرى مثل الحقوق الفلسطينية التي باتت تشكل أبرز معضلة تاريخية على جدول أعمال الأمم المتحدة، كما تأثرت منجزات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان بشكل كبير ومتزايد خلال العقدين الأخيرين بسبب السياسات غير الأخلاقية للإدارات الأمريكية المتعاقبة، لاسيما منذ غزو العراق وتدميره في 2003 وما بعدها.
- في تقديرك.. هل يتماشى الإعلان مع ظروف القرن الحالي ومتغيراته؟
هناك تطورات علمية مذهلة، ويشهد العالم متغيرات متسارعة تؤدي لتغير العوامل الحاكمة في مسيرة الأسرة الإنسانية، فضلا عن تحولات المشهد السياسي الدولي الذي لايزال في مرحلة مخاض حتى الآن، ويشكل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات القانون الإنساني الدولي جنبا إلى جنب مع اتفاقية اللاجئين واتفاقيات منظمة العمل الدولية أساسا ثابتا وقويا، لضمان حماية حقوق الإنسان، والأولوية حاليا لسد الفجوات القائمة التي تسمح بالتسامح إزاء انتهاكات حقوق الإنسان والعمل من أجل منع الإفلات من العقاب.
وربما في وقت قريب نحتاج لإعادة النظر في النصوص، بالإضافة إلى إصدار مزيد من الاتفاقيات الضرورية، لا سيما في مجال الحقوق الثقافية ومكافحة الفقر وضمان حقوق الضحايا.
- يُشار إلى الولايات المتحدة على أنها منبع الإعلان ونراها تقوم بأبشع الانتهاكات بغزو العراق وأفغانستان ودعمها المتواصل للاحتلال الإسرائيلي؟
منبع الإعلان لم يكن الولايات المتحدة الأمريكية، رغم المشاركة المقدرة لإليانور روزفلت، زوجة الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت، فيه، ولكن العشرات من الثقافات والحضارات المتنوعة شاركت بجهد كبير في وضع الإعلان وتبنيه، بما في ذلك أسماء عربية مهمة مثل شارل مالك، ومحمود باشا عزمي.
كان للولايات المتحدة دور رائد في دعم حماية حقوق الإنسان خلال تنافسها مع الاتحاد السوفييتي ومحاولتها قيادة العالم، لكن هذا الدور لطالما كان يتأثر بمصالحها، كما حدث في فيتنام وفلسطين ومنع التجديد للدكتور بطرس غالي في موقع الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أن انتقلت لعدم الاكتراث التام بحقوق الإنسان، بما في ذلك إصابة قضية حقوق الإنسان بإصابات قاتلة، وخذ مثالا الانتفاضة الفلسطينية الثانية وغزو العراق وأفغانستان بإدعاءات الحرب على الإرهاب، وتعطيل مبادرات تعزيز العدالة في مسار التنمية الدولية وخاصة حقوق البلدان النامية، والانسحاب من اتفاقية طوكيو وباريس للمناخ.
- لماذا يتغافل العالم عن تطبيق الإعلان؟
- كل إنسان على وجه الأرض هو صاحب حاجة ومصلحة في احترام الإعلان والالتزام بالاتفاقيات التي تأسست عليه، وقد لا ينطبق هذا تماما على الدول الكبرى، فما فائدة التزام غالبية الدول بحقوق الإنسان إذا كانت الدول الكبرى تخترقها كل يوم، وإذا كانت الدول الغنية تمارس التمييز بحق مواطني الدول النامية. خذ مثالا واضحا أكثر تعبير، ما هي فائدة المحكمة الجنائية الدولية إذا بقيت الولايات المتحدة وروسيا والصين خارجها، فهل تنضم إليها الدول النامية كي تحاسب وحدها؟
- هل ترى إذن أن الأمم المتحدة لا تمتلك القدرة على إلزام الدول بتطبيق الإعلان؟
لا يمكن التقليل من حجم التطور المهم في منظومة الآليات الأممية لحقوق الإنسان، غير أن التأثير تراجع مع الأسف، فمن ناحية لن تكون هذه المنظومة قادرة على التأثير المنشود في ظل الاختلالات السياسية الراهنة، ومن ناحية أخرى نحتاج لاستلهام خبرة جيل العظماء من الحقوقيين كي نتغلب على الإشكاليات الكبرى التي نواجهها حاليًا.