يستيقظ كل صباح يرمق شهادته الجامعية "ليسانس حقوق" المعلقة على الحائط بنظرة يشوبها الحيرة، ثم يجهز معداته بعد ارتداء ملابس العمل ويذهب لكسب رزق يومه من "النقاشة".
"الشهادة في مصر معروف مصيرها هتتعلق على الحيطة، إنما الشغل والاستثمار هو اللي هيخلي عندك حيطة تعلقها عليها"، هكذا وصف محمد بدر الطريقة التي يفكر بها، فقلة فرص العمل والمقابل المادي دفعت الشاب للتفكير خارج الصندوق ووضع أهداف جديدة تتعاكس تمامًا مع المتوقع من خريج حقوق، الشهادة التي تركها لتكون الباب الوحيد له في حالة أن أدارة له الحياة ظهرها.
فضل محمد بدر أن يتجه للعمل الحر بدلًا من الالتحاق بوظيفة بعد إنهاء دراسته في كلية حقوق جامعة عين شمس، وسار في طريقه لتحقق حلمه بتأسيس شركة مقاولات، ولقلة خبرته في مجال المقاولات والتشطيبات قرر أن يبدأ العمل مساعدًا: "قولت أنزل اشتغل صنايعي في موقع عشان أتعلم الصنايعية بيفكروا وبيشتغلوا إزاي، واشتغلت مع واحد صاحبي مساعد نقاش".
"عشان تفتح مشروع وتنجحه لازم تبتديها من تحت".. هذه استراتيجة محمد من سكان منطقة شبرا الخيمة التي وضعها لإنجاح مشروعه المستقبلي، ويرى محمد أن أصعب ما في الأمر ليس فقط التسويق للشركة أو إبرام التعاقدات فهي أمور يمكنه تدبيرها بالدراسة والعمل، وإنما هو التعامل مع العاملين الحرفيين، والذين يتقاضون أجرهم بـ"اليومية": "ممكن كل حاجة تقف لو عامل قرر إنه ميجيش في يوم، لازم أتعلم إزاي موقفش الشغل على حد".
وواجه محمد العديد من الصعوبات في بداية عمله كمساعد نقاش: "في البداية مكنتش متحمل وكان بيصعب عليا نفسي، كنت بغسل وبكنس وبمسح، والريس بتاعي مكنش حتى متعلم وأنا خريج حقوق، إحساس مش حلو خالص"، ولكن يرى صاحب الـ24 عامًا ان من له هدف عليه أن يتحمل حتى يتذوق طعم النجاح.
لم يمنع معارضة والد "محمد" بشدة على عمله في "النقاشة"، بعدما رأى ابنه لديه هدف يسعى لتحقيقه بطريقة غير اعتياده ولا تتناسب مع مستواهم الاجتماعي والتعليمي، ولكن إصرار محمد دفع والده إلى مساندته في النهاية حتى يصل لهدفه: "كل أمله يشوفني مبسوط ومحقق حلمي، ومقدر إنه سبني اشتغل عامل".
يعتبر محمد نفسه في حرب مع الحياة ويجب على أي فرد أن يقاتل ويعمل بجهد حتى يمكنه التغلب على المصاعب التي تواجهه وأن العمل ليس عيبًا مهما كان هو طالما كان شريفًا.
ويطمح محمد في إنهاء خدمته العسكرية حتى يبدأ في تأسيس شركته ويبدأ مشروعه، وأن يصبح رجل أعمال معروف ومرموق، وأن يكون ما يفعله الآن قصة نجاح تحكي لأجيال قادمة.
تعليقات الفيسبوك