مساعد وزير العدل للتفتيش يتحدث لـ«الوطن»: لا أستبعد صدور قرار جمهورى بقانون السلطة القضائية
قال المستشار زغلول البلشى، نائب رئيس محكمة النقض، المنتدب مساعداً لوزير العدل ومديراً لإدارة التفتيش القضائى، إنه لا يستبعد صدور قرار جمهورى بقانون السلطة القضائية، واعتبر أن القضاء يحتاج «تطويراً» لا «تطهيراً»، وأنه سيعمل على رفع مستوى القضاة مهنياً قبل محاسبتهم.
وشدد فى حوار مع «الوطن»، هو الأول إعلامياً له بعد توليه المنصب، على أن من تثبت عليه شبهة سيحاسب حساباً عسيراً ولن يكون له مكان بين القضاة، وقال، «اللى مش عايز يشتغل يشوف شغلة تانية غير إنه يكون قاضى».
ونفى ما تردد عن وجود خصومة بينه وبين المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، وقال إن اختلافه مع نادى القضاة يتعلق برؤية كل منهما لاستقلال القضاء.[Quote_1]
* ما دلالات خطاب وزير العدل إلى مجلس القضاء بنقل تبعية التفتيش القضائى إلى المجلس بدلاً من الوزارة؟
- المستشار أحمد مكى جاء إلى الوزارة وهو لديه تصور لاستقلال القضاء منذ عام 1986 أثناء مؤتمر العدالة الأول، وخطابه إلى مجلس القضاء الأعلى بداية لتنفيذ هذا التصور حرفياً، ودليل على أنه لن يتوانى لحظة فى تحقيق ما تمناه وسعى إليه طوال عمله فى القضاء، ويعتبر فى ذات الوقت بشرى بأنه ما زال على عهده، وأقطع بأنه سيوفى به وغير قابل للرجعة عنه، فنحن الآن لدينا رئيس لمجلس القضاء الأعلى هو المستشار محمد ممتاز متولى، ووزير عدل هو المستشار أحمد مكى ونائب لرئيس الجمهورية وهو المستشار محمود مكى، يؤمنون جميعاً باستقلال القضاء، ووجود هذا الثلاثى سيسرع من استقلال القضاء خلال فترة قصيرة جداً ربما لا تتجاوز شهراً.
* لكن القرار فى حد ذاته لا يكفى ويحتاج إلى تعديل تشريعى لقانون السلطة القضائية؟
- كل المسئولين يؤمنون الآن باستقلال القضاء، ولا أستبعد أن يصدر قرار جمهورى بقانون للسلطة القضائية يؤكد خطاب وزير العدل بنقل تبعية التفتيش إلى مجلس القضاء الأعلى.[Quote_2]
* هل يؤثر خطاب وزير العدل فى أولويات عملك كمساعد له لشئون التفتيش القضائى؟
- خطاب المستشار مكى إلى مجلس القضاء الأعلى يؤكد أنه لن يتدخل فى عمل التفتيش القضائى، وتنازل منه عن صلاحياته التى خوّلها له القانون فى شأن التفتيش على القضاة، أما أنا فأول شىء أسعى إليه هو النهوض بالمستوى الفنى للقضاة وإمدادهم بالكتب والمراجع القانونية وعمل دورات تدريبية لهم لرفع مستواهم الفنى والعلمى، وسيكون لإدارة التفتيش القضائى فى عهدى دور فى التوجيه والإرشاد قبل العقاب والمحاسبة، ونرفع فى البداية مستواهم ثم نحاسبهم إن أخطأوا، أى شخص تثبت عليه أى شبهة سيكون حسابه عسيراً جداً، ومُطابقاً لما ورد بقانون السلطة القضائية.
* تعنى أن إدارة التفتيش ستكون مقصلة للقضاة؟
- مفيش مقصلة.. إعداد القاضى ورفع مستواه أولاً ثم محاسبة من تثبت مخالفته، ولن يكون فى القضاء مكاناً للقاضى الكسلان و«اللى مش عاجبه أو مش عايز يشتغل يشوف شغلة تانية غير إنه يكون قاضى»، ومن يحتاج معاونة سنساعده.
* وهل بين القضاة من تنقصهم المعرفة والعلم؟
- هناك قضاة فى حاجة إلى تدريب وصقل معرفتهم وإمدادهم بالمراجع القانونية والكتب والأحكام القضائية التى استقرت عليها المحاكم العليا، وأنا ملتزم بتوفير ذلك، إضافة إلى توفير سبل الراحة للقاضى داخل المحكمة بدءاً من قاعات الجلسات وانتهاءً بدورات المياه، وإذا لم أستطع تحقيق ذلك فسأنسحب فوراً.
* هل ترى أن مشاكل العدالة تكمن فى ضعف القضاة وأنهم فقط يحتاجون إلى تدريبات وصقل معارفهم؟
- مهمتى الأولى والأساسية فى التفتيش ستكون التطوير والسعى إلى تحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا، خصوصاً أننى عملت كمفتش قضائى أثناء فترة إعارتى إلى الإمارات، وعلة القضاء المصرى فى أن خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون - المفرخة التى تمد القضاء بأعضاء النيابة العامة ليكونوا قضاة فيما بعد - ليسوا على المستوى الذى يؤهلهم للعمل بالقضاء مباشرة، إذ يجب تدريبهم وإعدادهم وتطويرهم وعدم الاكتفاء بما درسوه نظرياً فى الكليات.
* ما هى الآلية التى ستعتمد عليها فى التحقيق مع القضاة المقدم ضدهم شكاوى؟
- التحقيق مع أى قاضٍ سيكون بمنتهى الشفافية والحزم والحسم دون مخالفة لقانون السلطة القضائية، بحيث يتوفر للقاضى كل الضمانات لإجراء تحقيق عادل وشفاف، ومن يثبت أنه أخطأ أو أن هناك شبهات عليه فلن يكون له مكان بين القضاة، وإذا ثبت أن الشكوى المقدمة ضده غير صحيحة وكيدية فسنحاسب مقدمها.
* وما هو مصير الشكاوى الموجودة ضد قضاة فى الإدارة ولم يتخذ قرار فيها؟
- سنبحثها، وإذا ثبتت صحتها فسنتخذ إجراءات حاسمة، ولن أسمح لقاضٍ أن يخرج عن مقتضيات وظيفته، ولا تستر على أحد، فمن يخطئ سيحصل على عقابه.
* حتى لو كانت الشكوى المقدمة ضد المستشار زكريا عبدالعزيز؟
- ليس لدىّ علم بها ولكن سأحقق فيها مثل غيرها من الشكاوى التى لم يبت فيها، ليحصل كل قاضٍ على حقه.
* وماذا عن الشكاوى التى جرى الفصل فيها أثناء وجود وزراء سابقين وتظلم منها قضاة بعد إحالتهم إلى الصلاحية؟
- ما جرى البت فيه لن نتطرق إليه.
* أهذه رسالة لتطهير القضاء؟
- شعارى هو تطوير القضاء وليس تطهيره، فالقضاء يحتاج إلى تطوير وليس تطهيراً لأنه يطهر نفسه بنفسه، وسأعمل جاهداً على أن تختفى هتافات «الشعب يريد تطهير القضاء»، وأن يطمئن الشعب إلى أن القضاء سيظل طاهراً نقياً محافظاً على الحقوق والحريات للأفراد، ولا يجب أن يخاف قاض، «اللى يخاف هو اللى على رأسه بطحة، وإذا كان هناك قاضٍ لديه ما يخشى عليه فعليه أن يخاف ويرتعب، لأننى لن أترك منحرفاً أو متكاسلاً»، القاضى قاض، عليه أن يتفرغ لعمله فقط.
* كم نسبة القضاة المحالين إلى الصلاحية كل عام؟
- لدينا 14 ألف قاضٍ ولو افترضنا أن كل عام يحال 14 قاضٍ، وهذا لا يحدث، فستكون النسبة 1 فى الألف، ونسبة من يحالون إلى الصلاحية ضئيلة جداً وتكاد لا تذكر.
* ولكن المطالبة بالتطهير تأتى من أعضاء فى السلطة القضائية؟
- القضاة ليسوا ملائكة والقضاء أصابه ما أصاب جميع مؤسسات الدولة، ولا ننكر وجود فاسدين فى القضاء ولكن بنسب ضئيلة جداً، لأن القضاة اعتادوا أن يطهروا أنفسهم بأنفسهم وإلا كنا ألغينا إدرا ة التفتيش القضائى التى تحاسب القضاة، وهناك كثير من الشكاوى التى تقدم ضد القضاة كيدية، فعلى سبيل المثال وثائق أمن الدولة التى تضمنت أسماء بعض القضاة المشاركين فى تزوير الانتخابات عام 2005 لم يكن كل ما جاء بها صحيحاً، وأعرف قضاة لم يشاركوا أصلاً فى الإشراف على الانتخابات ورغم ذلك وردت أسماؤهم فى تلك الوثائق.
* بعض القضاة يعملون بالتجارة إلى جانب عملهم القضائى؟
- نفترض أن قاضياً ورث عن والديه قطعة أرض وباعها واشترى أخرى، كل هذا لا غبار عليه، إنما من يشترى أرضاً ويبيعها بغرض السمسرة والتجارة فسيطبق عليه نصوص القانون لأن العمل التجارى محظور على القاضى.
* وماذا عن العمل بالسياسة؟
- للقاضى أن يبدى رأيه فى المسائل العامة التى تخص الوطن شأنه شأن أى مواطن، لكن ليس له أن يتحدث فى السياسة.
* ماذا تقصد بالحديث فى السياسة؟
- التحزب والانتماء إلى حزب سياسى.
* والخروج فى المظاهرات ألا يُعد سياسة؟
- الخروج فى المظاهرات يتناقض مع طبيعة القاضى وتقاليد وأعراف القضاء التى عليه الالتزام بها.
* هل ترى أن ثقة المواطنين فى القضاء لم تعد كما كانت فى السابق؟
- حينما تشك الناس فى قاض فعليه أن يتنحى، وحينما أثير لغط حول قاضٍ بعينه طالبته بالتنحى، ولك أن تعلم أن هناك قضاة كان سيف أمن الدولة مسلطاً على رقابهم ولما تخلصوا منه أصبحوا من أشرف القضاة، فالقضاة بشر ومنهم من يخاف على أسرته، خصوصاً فى ظل السلطات التى كانت ممنوحة لهذا الجهاز.
* كيف ترى المطالبات بإقالة النائب العام؟
- لا بد من اختيار النائب العام من خلال مجلس القضاء الأعلى وليس رئيس الجمهورية حتى يكون مستقلاً، وأقترح اختياره من بين أقدم 5 مستشارين بمحكمة الاستئناف وأقدم 5 مستشارين فى محكمة النقض لضمان عدم بقائه لفترات طويلة.
* ما هو موقفك من أعضاء نادى القضاة ورئيسه المستشار أحمد الزند، وهل يمكن التحقيق معهم انتقاماً منهم لمعارضتهم لتيار الاستقلال؟
- القاضى لا ينتقم من أحد وليس بينى وبين الزند أو أى من أعضاء نادى القضاة خصومة شخصية، فقط كل منا له رؤيته فى استقلال القضاء، نحن كتيار استقلال نعتمد فى آرائنا على المواثيق الدولية.