حملة «الوطن».. شرايين مصر المسدودة: ترعة «مباشر الناصرى» بالبحيرة.. التعديات والإهمال يُهدران 80% من مياهها
القمامة والمخلفات والحيوانات النافقة تمنع مرور المياه من ترعة «مباشر الناصرى»
لم يعد السكوت ممكناً، بعد أن تحولت شبكة الترع والمصارف فى كل محافظات مصر إلى شرايين مسدودة بالقمامة وورد النيل والأعشاب الضارة.
وخلال كلمته فى سبتمبر الماضى، أثناء افتتاح الطريق الدائرى الإقليمى، فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسى الجميع بأنه يعرف حقيقة ما آلت إليه الأمور فى هذا الملف الخطير الذى يشكل عصب الحياة فى مصر.
وأوضح الرئيس: لا يمكن أبداً لمسئولى الحكومة والمحافظين والأهالى أن يسمحوا بكل هذا الإهمال للترع والمصارف.
وطالب الرئيس الجميع ببذل أقصى الاهتمام بتطهيرها فوراً والحفاظ عليها من التعديات.
«الوطن» تفتح هذا الملف فى حملة متصلة، لتشير إلى أن شبكة الرى العملاقة التى تصل أطوالها إلى أكثر من 55 ألف كيلومتر، ما زالت تعانى من إهمال خطير، وأن هذا الإهمال لو استمر أكثر من ذلك سنصحو على كارثة انسداد أهم شرايين الحياة والنماء والخصوبة فى كل قرى ومدن مصر.
المزارعون: أعمال الصيانة متوقفة منذ 8 سنوات وعناد المهندسين يتسبّب فى هدر حصتنا المائية
لم تعد أزمة مياه الرى مجرد نقص فى حصة الترعة فقط، بل تعدّت ذلك، لتصل إلى خلافات بين مهندسى الرى والمزارعين، تسبّبت فى إهدار كميات كبيرة من المياه، وهو واقع شهدته ترعة «مباشر الناصرى»، الكائنة فى مركز أبوحمص بالبحيرة، حيث دأب مهندسو الرى على عدم فتح دورة المياه بالترعة، حسب قول المزارعين، وهو ما حرم 7 قرى من مياه الرى، بالإضافة إلى إهمال المخالفات الواقعة على مجراه الذى يتجاوز 7 كيلومترات، وعدم تنفيذ أعمال الصيانة اللازمة للبوابات الخاصة بالترعة، مما نتج عنه إهدار أكثر من 80% من حصة تلك القرى من المياه.
«ماعندناش أزمة رى، مهندسو الرى بكفر الدوار هما اللى بيعملوا الأزمة»، تلك الكلمات أجمع عليها أهالى قرى «الغابة، النجارين، سيدى عيسى، عزب نصرالله، على حبيب، الفقهاء، جرار»، خلال حديثهم مع «الوطن»، ليصفوا سبب عدم وصول المياه إلى أراضيهم.
وقال عبدالله أحمد محمد، إمام وخطيب بالأوقاف: إن القرى المذكورة جميعها تابعة للوحدة المحلية لقرية بركة غطاس بمركز أبوحمص، إلا أنها تتبع هندسة رى مركز كفر الدوار، وهو ما يصعب التعامل مع المهندسين، فى حالة وجود شكوى أو غيره، لافتاً إلى أن مجرى الترعة مكتظ بمختلف أنواع المخلفات، سواء كانت قمامة أو حيوانات نافقة أو حتى مخلفات مبانٍ، فضلاً عن الحشائش والبوص، والتعدى بالبناء على ضفتى الترعة، وأمام تلك المخالفات لم يتحرك مهندسو الرى، وتركوا الفلاحين فى تلك القرى يواجهون الأزمة بأنفسهم، حتى إنهم إذا تقدموا بمذكرة للمطالبة بتطهير الترعة، يكون رد المهندسين بالرى: «روحوا طهروها انتو».
وأضاف أن عقود صيانة البوابات الخاصة بالترعة، تنص على تنفيذ أعمال الصيانة بها بصفة مستمرة، وذلك لضمان وصول مياه الرى إلى مستحقيها، وعدم إهدار مياه الرى الزائدة، إلا أن البوابات التى تغذّى الترعة لم تشهد أى أعمال صيانة منذ أكثر من 8 سنوات، مما أدى إلى تهالك العديد منها، وأبرزها بوابة «ترعة الشركة»، التى تهدر مياه الرى على الفلاحين، وبوابة ترعة الغابة التى تهالكت تماماً ولم يهتم بإعادة إنشائها أحد، رغم تحذيرات الفلاحين وتقديمهم شكاوى بهذا الشأن، بالإضافة إلى بوابة ترعة المنشاوى، التى تتغذّى من ترعة مباشر الناصرى، وتهدر أكثر من 80% من حصة مياه الترعة، وتطلقها فى الخلاء، بعيداً عن الأراضى الزراعية المستحقة.
عيد السيد الجزار، مزارع، انفعل قائلاً: «مع كل شكوى نقدّمها لمديرية الرى بخصوص تطهير ترعة مباشر الناصرى، يتعمّد المهندسون تعطيل عملية التطهير، عقاباً لنا على تقديم الشكاوى، حتى إننا تقدّمنا بشكوى لرئاسة مجلس الوزراء، نستغيث فيها من ظلم هندسة الرى بكفر الدوار، والضحية أكثر من 3 آلاف فدان من أجود أنواع الأراضى الزراعية، بسبب عدم تمكن الفلاحين من الحصول على حصتهم من المياه، واستعانتهم بمياه الصرف لتعويض العجز فى مياه الرى، ورغم أن دور «مباشر الناصرى» من مياه الرى له ميعاد محدّد، فإن مهندسى الرى يتعمّدون إغلاق الدور عن الترعة، ونحن فى هذه الأيام لم نحصل على حصتنا من المياه منذ أكثر من 40 يوماً، وهو أمر كارثى يهدّد الأراضى الزراعية بزمام تلك الترعة.
المهندس محمد هلال، مدير عام مديرية الرى بالبحيرة، أكد لـ«الوطن»، أن عمليات التطهير بالترعة تتم بشكل مستمر، وآخر عملية تطهير كانت منذ شهرين ونصف الشهر، مشيراً إلى أن المديرية تسعى بشكل مستمر للحفاظ على نظافة الترع، لافتاً إلى أن الترع التى تغذّى مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية، تأتى على رأس أولويات المديرية، لما ينعكس بالإيجاب على العملية الزراعية.
وأضاف أنه بخصوص صيانة البوابات، هناك ورشة خاصة بمديرية الرى، تعمل بشكل دورى على صيانة البوابات الخاصة بالترع، حيث إن البوابة هى المصدر الرئيسى لتغذية الترع، وأى خلل بتلك البوابات يؤدى إلى مشاكل كثيرة، وسنقوم بفحص شكاوى الفلاحين بشأن صيانة البوابات.