خبراء: دور الإعلام فرزُهم جيداً.. والاحتفاء الزائد يدمرهم نفسياً
العالم
اهتمام الإعلام بالشباب الموهوب بات أشبه باقتحام منطقة شائكة، فقد يجد نفسه تارة أمام السخرية من قِبل الجمهور، وتارة أخرى أمام ضرورة الاعتذار، فقد يصل حرصهم على الاهتمام بهذه الفئة وتسليط الضوء على مواهبهم وإبداعاتهم إلى نتائج غير مرغوب فيها، وقد يكون ذلك بسبب المبالغة أو التناول الإعلامى غير الصحيح.
ويقول الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، إن هناك حالة من الصرع تجتاح بعض وسائل الإعلام، واعتبارها أى ادعاء من قبل أى باحث أو غير ذلك، بأنه اخترع شيئاً ما على أنه حقيقة، وذلك يرجع إلى تراجع المعايير المهنية فى هذه الوسائل الإعلامية، لافتاً إلى الخلط بين مفهوم الحصول على براءة اختراع والاختراع نفسه، حيث إن الأولى لا تُعنى جدواه وكفاءته بينما تنسبه إلى صاحبه فقط، «بعض القنوات تتعامل مع البراءات باعتبارها اختراعات».
وأوضح «عبدالعزيز» لـ«الوطن»، أن حالة الصرع أسهمت فى الترويج لبعض الناس على اعتبارهم عباقرة ومخترعين، الأمر الذى أغرى الكثير فى السعى نحو الشهرة، موضحاً أن ذلك يُسبب أضراراً بمعدل الثقة فى الإعلام والعلم أيضاً، لافتاً إلى ضرورة تدريب الصحفيين والعاملين فى الإعداد التليفزيونى، وتعليمهم أدوات الاستقصاء، وأن يكونوا قادرين على فرز الادعاءات فى البحث العلمى، فضلاً عن وجود قواعد مكتوبة فى المؤسسات لتنظيم التعاطى مع الأخبار العلمية والصحية.
وأعرب الدكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، عن استيائه لاعتماد بعض القائمين على البرامج، لاستقطاب معلوماتهم وضيوفهم من خلال «السوشيال ميديا»، والتعامل معها باعتبارها حقيقة، لافتاً إلى إطلاق بعض البرامج لقب «المخترع الصغير» على الأطفال الموهوبين: «يجب ألا نبالغ أو نطلق اسم المخترع على هؤلاء الأطفال، حيث إن ذلك اللقب له شروط معينة ويحتاج إلى بذل جهد علمى كبير»، وتابع «العالم» لـ«الوطن» أن إطلاق هذه المسميات دون الاعتماد على أبحاث أو دراسات علمية، قد يستفز الآخرين، كما أن الاحتفاء الزائد بهذه النماذج قد يدمرها نفسياً مع الوقت، مشيراً إلى ضرورة تدقيق القائمين على البرامج فى المعلومات، فضلاً عن أهمية تواصلهم المباشر مع أكاديمية البحث العلمى وكذلك العلماء الكبار.
ومن جانبها، تقول الدكتورة إلهام يونس، أستاذ الإعلام المساعد ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالمعهد الدولى العالى للإعلام، إن المُخترع هو الشخص الذى اكتشف مادة أو طريقة أو جهازاً ما، وحصل على براءة اختراع من الجهات الرسمية، التى بدورها تُقيمها من قِبل متخصصين، ودون ذلك لا يُعد اختراعاً، واصفة ظهور الشباب فى البرامج التليفزيونية بغير تلك الإجراءات، بالفوضى الإعلامية، ويُعرض القناة للمساءلة القانونية، وأضافت «إلهام» لـ«الوطن» أنه من الضرورى التفرقة بين الاختراع والموهبة، مع إمكانية استضافة النماذج الموهوبة عبر الفضائيات، لإظهار إمكانياتهم العلمية والثقافية، لافتة إلى أهمية زيادة وعى الإعلاميين، وبذل مجهود أكبر خلال مرحلة صناعة المحتوى، وتحرى الدقة فى اختيار الضيوف، الأمر الذى يُسهم فى القضاء على هذه الظاهرة العشوائية.
وأكدت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، إن هناك استسهالاً من قِبل مُعدى البرامج التليفزيونية، فضلاً عن المبالغة فى الإهمال أو الاهتمام تجاه الشباب، الأمر الذى يُسبب لهم ضرراً كبيراً، حيث بات أى شاب يسعى للشهرة، يدعى القيام بأى شىء، وطالبت «عبدالمجيد» بعدم المبالغة والتهويل تجاه الشباب، «حال استضافة شاب على الشاشة، ولم يكن على قدر الكفاءة المطلوبة، سوف تؤثر عليه نفسياً، ولن يصدقه الجمهور مجدداً، حال ابتكاره أى شىء آخر» متابعة «المُذيع فى هذه الحالة ارتكب جريمة فى حق المجتمع والشاب أيضاً».
وأشارت إلى ضرورة تقصى القائمين على البرامج من جدية الاختراع، قبل استضافة صاحبه، منعاً لعرض الوهم للجمهور، موضحة أن معيار استضافة المُخترعين «الاختراع مثل الدواء، يجب أن يكون تم اختباره وتجريبه وثبتت جدواه، وأن تكون الجهات العلمية المختصة قد أقرته.. وفى هذه الحالة تتم استضافة صاحبه».
ليلى