الحكومة تبحث تعديل برنامج «دعم الصادرات».. والشركات: تأخر المستحقات أحبط قدرتنا على المنافسة فى السوق العالمية
تنمية الصادرات - صورة أرشيفية
دفعت التغيرات الطارئة فى ساحة التجارة، العالمية والمحلية، الحكومة المصرية لبدء إجراء مراجعة عاجلة لبرنامج رد الأعباء التصديرية، والذى يمثل أحد المكونات الرئيسية التى تعتمد عليها الدولة لتنمية الصادرات وزيادة القدرات التنافسية للمنتجات المصرية بالأسواق الخارجية، خاصة فى ظل تنامى المشكلات المتعلقة بمتأخرات دعم الصادرات المستحقة للشركات لدى وزارة المالية، والتى تفاقمت بشكل كبير خلال الأعوام الماضية.
وقالت مصادر حكومية مطلعة إن وزارة التجارة والصناعة بدأت مؤخراً فى مراجعة كافة البنود الخاصة بالبرنامج بالشكل الذى يتضمن إتاحة العديد من الحوافز الجديدة لتشجيع الابتكار والتوسع فى الأسواق الرئيسية المستهدفة، خاصة فى أفريقيا، وكذلك إدخال معايير جديدة لرد أعباء الصادرات، تميل لتحقيق العدالة والارتقاء بالمكون المحلى والتكنولوجى، بالإضافة إلى تحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التوجه نحو التصدير للأسواق الخارجية.
وأضافت أن هناك تعاوناً بين كافة وزارات الحكومة لتعديل البرنامج والوصول لصيغة جديدة له، خاصة فى ظل وصول حجم متأخرات رد الأعباء التصديرية لأكثر من 12 مليار جنيه.
وكان الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أعلن مؤخراً قيام وزارته بصرف نحو 1.2 مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة لصالح برنامج رد الأعباء التصديرية، لافتاً إلى أن هناك ضرورة حتمية لإعادة النظر فى المنظومة الحالية من دعم الصادرات ومحاولة وضع حلول حاسمة تضمن مواصلة النهوض بالصادرات وتفادى تكرار مشكلة المستحقات المتأخرة.
مصادر: 12 مليار جنيه حجم متأخرات برنامج «رد الأعباء التصديرية» و«المالية»: استمرار البرنامج فى شكله الحالى «صعب»
وقال رجل الأعمال هانى برزى، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إن البرنامج الحالى لرد الأعباء التصديرية استطاع القيام بدوره طيلة الأعوام الماضية، إلا أنه فى حاجة شديدة للتعديل خلال الفترة المقبلة، حتى تتمكن الحكومة من زيادة القدرات التنافسية للمنتجات المصرية بالخارج.
وأشار إلى أن البرنامج شهد تعديله عدة مرات خلال الأعوام الماضية، حيث تم تعديله خلال عام 2008، ليشمل أن يكون رد الأعباء بناء على القيمة المضافة للمنتجات، مطالباً بضرورة أن يعمل البرنامج على محورين أساسيين هما دعم جهود المصدرين، وكذلك الاتساق مع خطط الحكومة والأسواق والمنتجات التى تستهدفها ذات القيمة المضافة والعائد الأكبر.
وشدد أيضاً على ضرورة أن يشهد البرنامج التركيز على تحفيز المنتجات ذات العمالة الكثيفة، وكذلك المنتجات ذات المكون المحلى والتكنولوجى العالى، وهو الأمر الذى من شأنه أن ينعكس إيجاباً على مؤشرات الصادرات خلال الفترة المقبلة.
وقال وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إن منظومة رد الأعباء التصديرية تفتقد للوضوح، وهو الأمر الذى أدى لتكرار مشكلات تأخر مستحقات الشركات لدى الحكومة وعدم نجاح البرنامج فى تحقيق الأهداف المرجوة منه بالشكل الكبير، مشيراً إلى ضرورة أن تسارع الحكومة فى الإعلان عما إذا كانت تنوى صرف المستحقات من عدمه، وذلك حتى يستطيع المصدرون توفيق أوضاعهم مع تلك الإشكالية خلال المرحلة المقبلة.
وليد جمال الدين: نحتاج رداً حاسماًَ من الوزارات المسئولة إما بصرف المستحقات أو الإعلان عن عدم نيتها فى ذلك حتى تستطيع الشركات تنسيق أوضاعها
ولفت جمال الدين إلى أن الحديث عن منظومة جديدة للمساندة التصديرية أصبح أمرا ملحا، ويتوافق مع مطالب المجلس السابقة لوزير التجارة والصناعة، مقترحا تشكيل لجنة مشتركة من وزارتى المالية، والتجارة والصناعة، والمجالس التصديرية لدراسة نظام جديد يتم تطبيقه، على أن يتم منح فترة سماح لبدء تطبيق النظام الجديد حتى 2020، وفى الوقت نفسه يتم سداد كافة المتأخرات، ومن الممكن ألا تكون المساندة التصديرية الجديدة مالية مثل النظام الحالى، فيمكن أن تكون فى صورة خفض ضرائب أو أى نوع من تخفيف الأعباء على القطاع الصناعى. وأضاف أن أغلب دول العالم تمتلك برامج لتنمية الصادرات، بنسب دعم تصل لنحو 17%، فى حين أقصى دعم فى مصر يصل إلى 12%، منوهاً بأن البرنامج الحالى لم يحقق التحسن المأمول للصادرات المصرية، كما أنه لم ينعكس إيجاباً على تنامى قاعدة المصدرين المصريين، خاصة من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومن جانبه أكد ماجد جورج، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الطبية، أن الاجتماعات الأخيرة للجنة الصناعة بمجلس النواب لبحث أزمة رد الأعباء التصديرية التى تقف حائلاً أمام المصدرين المصريين فى كل القطاعات المختلفة لتحقيق استراتيجية وزارة التجارة والصناعة 2020، لم تسفر عن أى نتائج إيجابية، وأنه لا يمكن القبول بالوضع الراهن، فى ظل معاناة الشركات التى تمتد لسنوات عديدة.
ونوه بأن توقف الحكومة عن صرف مخصصات رد الأعباء التصديرية دفعت بالعديد من الشركات نحو التوقف عن نشاطها التصديرى، خاصة أن تلك المخصصات تمثل أحد العناصر الداعمة للشركات على المنافسة بالأسواق الخارجية، والسبب فى ذلك أن السعر النهائى للمنتج بعد الدعم كان مناسباً لسعر السوق العالمى، ولكن فى ظل عدم صرف مستحقات الدعم أُجبرت الشركات على رفع سعر المنتج، مما أدى إلى ضعف تنافسيتها مع الدول المنافسة لها بالأسواق العالمية المستهدفة، ورفضت الشركات المستوردة التعامل معها بعد التسعير الجديد للشركات المصدرة.
وأضاف أن أغلب المنتجات الصناعية تعانى من ارتفاع تكلفة الإنتاج، وكذلك المصاريف الجمركية، وهو الأمر الذى يصعّب من قدرة الشركات على المنافسة خارجياً، مقترحاً أن يتم خصم مستحقات المصدرين عن برنامج رد الأعباء من الإقرار الشهرى للقيمة المضافة الذى يتم تقديمه.
وقال المهندس محمد الصياد، رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إن تأخر صرف مستحقات المساندة التصديرية يهدد بتوقف المصانع عن العمل وتسريح العمالة بسبب عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية وتكبدها خسائر فادحة بسبب اعتمادها على التصدير أثناء تسعير منتجاتها.
وأشار إلى أنه تم تقديم عدة مقترحات للحكومة لحل الأزمة، خاصة إذا لم تكن لديها اعتمادات كافية، أولها جدولة المستحقات القديمة للمساندة التصديرية بتوقيتات محددة، أو عمل مقاصة بخصم الضرائب والجمارك لمساندة المصدرين بشكل فعلى وحقيقى، خصوصاً أنه سبق أن تم الاتفاق مع وزارة المالية على سرعة رد المستحقات المتأخرة للمصدرين دون أى تقدم. وأضاف أن نسبة دعم الصادرات فى الملابس الجاهزة تصل إلى 5%، على عكس الدول الأخرى، حيث تمنح الصين، أكبر الدول المصدرة للملابس الجاهزة، المصدرين دعماً مالياً قدره 17% من قيمة الصادرات، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على رد المستحقات التى سبقت عملية تحرير سعر الصرف، وذلك طبقاً لقرار 155 لسنة 2002.