«أبوبكر» بيصحى الفجر وبيغسل أطباق فى مطعم شعبى: 12 ساعة أشغال شاقة عشان ما أمدش إيدى لحد
«أبوبكر» أثناء عمله فى المطعم
رغم برودة الجو يشمر عن أكمامه، يرفع طرفى بنطلونه حتى ركبتيه، وأحياناً يدخلهما فى «الكزلك» الذى يرتديه ليحمى قدميه من الماء، لا يرتجف الرجل صاحب الـ83 عاماً لانخفاض الحرارة، فحركته المستمرة تجعله دائماً يشعر بالدفء، عدا اللحظة الأولى التى يلمس فيها الماء البارد، وقتها يشعر برجفة تزول بمرور عدة دقائق.
فى أحد المطاعم الشعبية بشارع كلوت بك برمسيس، يعمل أبوبكر حمود، يومياً فى غسيل الأطباق والأكواب وأرضية المطعم، لا يتوقف على مدار ساعات العمل، انحناءة ظهره تسبّب له ألماً، لكنه أقل بكثير من ألم الجلوس فى البيت بلا عمل وبلا نقود. سنه الكبيرة تجعل الزبائن والمارة يتعجّبون من أمره فجميعهم يرتدون الجواكيت والكوفيات ويضعون كفوفهم فى جيوبهم، وما زالت البرودة تتسرّب إليهم، أما هو فيقف وسط الماء يغسل ويشطف ويجفف الأرض: «كل ما بيمر الوقت بيقل إحساسى بالبرد، غسل الحلل والأطباق صعب فى أول نص ساعة، بعد كده بيبقى عادى».
يعمل «أبوبكر» 12 ساعة يومياً، وفى كثير من الأحيان يذهب للعمل بعد صلاة الفجر: «بابقى بردان جداً، لكن أول ما بابدأ شغل بادفى، ربنا بيقوينى يا ابنى». ينفق الرجل التسعينى على زوجته المريضة، يتحمّل مشاق العمل من أجل توفير ما يعجل بشفائها: «عندها غدة ورا ودنها، مش قادرة تقوم خالص، وطول الوقت تعبانة، فباشتغل علشان أجيب لها العلاج».
فى آخر اليوم تداهمه آلام فى الظهر، يعرف سببها، لكنه يتجاهلها، لأنه لا يستطيع أن يترك عمله: «ضهرى واجعنى أوى من الشغل، وعندى أملاح بس مفيش حل تانى».
فى مرحلة الشباب كان «أبوبكر» يعمل فى إحدى ورش النجارة، ثم عمل مزارعاً فى الواحات الداخلة، حتى استقر به الحال لغسل صحون المطعم منذ عام وشهرين: «أنا طول حياتى من شغل لشغل، ماقدرش أقعد أستريح شوية، تعبان فى المعيشة، وباخد أجر يادوب يكفى يوم بيوم».