م الآخر| الزهق
كلّ شيء أيّامها كان تقليدي عادي
حتّى كان النيل بيجري بشكل هادي
الهوا كان شكله واقف زيّ صورة
الكلام كان رغي فاضي بدون ضرورة
كلّ أشعار الغَزَل كانت (صابون)
والأغاني صوت (رغاوي) مالوهش لون
الملاحم تتكتب في بشير وبيبو
والحبيب يحكي عن الجون ده لحبيبه
اللي يتكلّم سياسة يكون قديم
والكتب كانت آخرها ع (الريجيم)
ولّا لو شفت الصحافة والمُعارضة
كدب بالي ..خُردة باردة شاردة عارضة
كلّ شيء حاوطُه الملل حتى الشجر
ع الغصون كان ورقُه يغلي م الضجر
بُكره بعدُه زيّ أمس وقبل أمس
والسما صِغرِت أكَلها قُرص شمس
الوشوش كانت كتاب مفتوح ومُنهك
حتى قلبك كان يتوه مش لاقي كُنهك
مانت نفسك كنت مين أو كُنت إيه؟
وقت تحت الصفر.. أوقات تانية بيه
حتى وصفك (طبقة وسطى) كان (موالس)
لا انت فوق بسيجار ولا تحت بسبارس
يعني إيه (وُسطى)؟ ده حتى وصف عايم
ما انت إمّا تكون يا صاحي يا إمّا نايم!
فجأة صِحيِت يوم بلادك ع الهتاف
كلّه (فتّح) صوته ومافيش حدّ خاف
حتّى (زهقك) كان بيهتف يومها جنبك
صرخته كانت: (بريء) والذنب ذنبك
ما انت كنت ف نوم غطيس ساكت وخامل
عايز العود ينعزف من غير أنامل
بس حاول إنّ صحوَك يبقى دايم
مش بعَكّك تنقلب ثورة (يانايم)
فجأة برضه الغاز ملا الدنيا ف قنابل
والنَفَس راح واختلط حابل بنابل
و(الزهق) جنبك وقع مخنوق (شهيد)
من ساعتها وكلّ ساعة فيه جديد
و(الهدوء) شاف (الشهيد) بيموت شَهَق
بسّ تعرف.. كان جميل برضه الزهق
راح وخد في إيديه (هدوء) البال معاه
ساب لك القتل اليوماتي نظام حياه
برضه لسه النيل بيجري بس هاج
لونه دمّ و طعمه كالملح الأُجاج
والهوا اتحوّل عواصف ريحها سمّ
والكلام أصبح بيِوجع كلّه دمّ
أمّا أشعار الغزل سهتانة باردة
والأغاني بقت تجارة ف دمّ شُهَدا
بيبو وبشير اتنسوا وقعدوا ف بيوتهم
والحبيب سايب حبيبته تقول يا ريتهم..
أصل يومه مابين تظاهر واعتصام
والحبيبة (فلول) ومش قدّ المقام
السياسة بقت حكاية كلّ بيت
والكتب تكرار سخيف باهت غتيت
كلّه بيتاجر بدمّ و كام شعار
صورته في التحرير دي ختم الاعتبار
والصحافة زيّها زي المعارضة
كدب بالي.. خُردة باردة شاردة عارضة
والشجر وَحَشُه الضجر من غير سبب
والورق ناشف على غصنه اكتأب
(أمس) أصبح زي حلم بعيد جميل
أمّا بكره زي صحرا بدون دليل
شمسُه حارقة والسما من غير نسيم
والوشوش اتبلّدت والحالة جيم
قلبك اللي تاه زمان أصبح جماد
والكآبة بقت صديق كلّ العباد
كلّه سطَّح ع الرصيف يائس وساكت
كان كمان فيه (طبقة وسطى) بس ماتت
والسيجار هو السيجار ومافيش سبارس
أصل ثورة بلدي مشيت في المُعاكس
ثورة قامت للفقير خَرَبت حياته
ماتطالبش بحقّه غير ساعة مماته
يتقتل تزأر تقول رمز وشهيد
بس لو عايش خلاص ياكل حديد
والله كانت حلوة أيام (الزهق)
كان فقيرها حزين لكن ياما اترزق