مهمة إنقاذ تنتهى بـ«الوفاة»: كم مشرداً ينتظر مصير «أحلام»؟
«أحلام»
الصدفة وحدها قادته إليها، أثناء سيره فى «الطالبية فيصل» تعثر فيها على أحد الأرصفة، كان مشهدها لافتاً له ولأصدقائه، عجوز فى السبعين من عمرها، لا تكترث لعطايا المارة، ولا تعبأ سوى بذلك الصندوق الذى يجاورها ويحمل قدراً قليلاً من بقايا الطعام، تلك التى تقتات عليها، لم يشأ أحمد عبدالخالق أن يغادرها كغيره، مكتفياً بنظرات مشفقة وأسئلة لم تخرج من ذهنه إلى لسانه، ذهب إليها محاولاً مساعدتها، لكن أحلام محمود محمد لم تكن بحاجة لمساعدة بعينها، أمام البرد والجوع وحالة الإعياء التى كانت عليها.
«أحمد» حاول إنقاذ «أحلام» ورعايتها على الرصيف
حملها «أحمد»، بمساعدة رفاقه، مصراً على اصطحابها إلى منزله، لتنعم برعاية منزلية تعالج ما ألم بها من مرض، لكنها رفضت وتمسكت بموقفها، لم يكن أمامه سوى الرضوخ لمطلبها، غادرها وضميره يؤنبه، مجرد ساعات وعاد إليها مع زوجته وقد حمل معه من العلاج والطعام والغطاء ما يكفيها، نظف مكانها على الرصيف، وجمع ما تناثر حولها من أموال ورتب لها أحوالها، لكنها رفضت المال واكتفت بـ«خليك معايا.. انت هتنفعنى أكتر من الفلوس».
كانت كلماتها مؤثرة، قرر أن يساعدها رغماً عنها، والبحث عن مستشفى قد يقبلها بحالتها، يروى أحمد «مستشفى خاص فى الطالبية رفضها، وبالعافية مستشفى بولاق الدكرور قبلها لإجراء جلسة تنفس، مجرد ساعتين وخرجنا تانى، ورجعت لقعدتها فى ميدان الساعة».. رحلات مكوكية من عمله إلى منزله ومنهما إلى مكان «أحلام» فى الشارع ليرعاها ويحاول التخفيف من آلامها، حتى جاءت اللحظة القاسية على قلبه «جيت مالقيتهاش، عرفت أنها ماتت من ساعات والشرطة أخدت الجثمان، ماتت وكان نفسها تعيش وتتعالج، ماتت وكان نفسها حد يسأل عليها ويراعيها».
لا يعلم «أحمد» أى تفاصيل عن المشردة الراحلة، يحمل مبلغ 500 جنيه هو كل مقتنياتها الذى رفضت أخذه منه، ولا يدرى كيف يتصرف فيه، يبحث عن حلول لأزمة المشردين وأحوالهم شديدة البؤس، ويحاول البحث عن آخرين يتبرع لهم بالمبلغ الذى تركته «رحمة ونور عليها، وعشان أساعد فى إنقاذ آخر قد يلقى مصير أحلام».