لا انفصال ولا صياعة ولا قطع رحم.. تركن بيوتهن وأسرهن ورفعن شعار «الكفاح من أجل الاستقلال»
شيرين حسن
رغم الدفء الأسرى، وحياة الترف التى كن ينعمن بها، اخترن طريق الاستقلال بعيداً عن أسرهن، على الرغم من صغر أعمارهن، أسسن حياة جديدة لها كيان ووضع اجتماعى مختلف، ورغم الصعوبات والمعوقات التى واجهتهن ولا تزال، إلا أن تفكيرهن الذى يميل إلى «الغربى» بعض الشىء، كان طاغياً على طموحاتهن وأحلامهن، ودافعاً لهن wعلى الاستمرار.
استقلت شيرين حسن، 23 عاماً، تاركة حضن أسرتها منذ 4 أعوام، وانتقلت للعيش بأكثر من مكان حتى استقرت فى مدينة «دهب»، وعملت فى إحدى الشركات الخاصة، حتى تقوى على إدارة شئون حياتها وحدها، دون اللجوء لأفراد أسرتها، «شعورى بالاستقلال بدأ معايا من صغرى، ومن وأنا عندى 7 سنين كنت دايماً بحس بعدم راحة وحاجة غريبة، وطول الوقت عايزة أمشى، وفعلاً لما كبرت شوية بقيت باتنطط من بين بابا لبيت ماما، وكل واحد أقعد عنده شوية، ماكانش فى استقرار فى حياتى، لحد ما حبيت يكون ليا حياة لوحدى، وبيت بتاعى أنا بس، وأنا دلوقتى كبرت وأقدر أعرف الصح من الغلط وأقرر حياتى تمشى إزاى».
كانت «شيرين» تلتحق بأى وظيفة تستطيع من خلالها تدبير أمور معيشتها بالكامل، فهى من المهتمين بالحياة البسيطة والعقلانية جداً: «باشوف إن أى حد من حقه يرسم حياته بالشكل إللى عايزه، مش يخرج يلاقى نفسه وسط أسرة والمفروض يفضل مربوط بيها، بالعكس أنا نجحت جداً فى استقلالى، وغلطت كتير واتصدمت، وباتعلم، ولسه باتعلم، وبحاول أنجح وأقف على رجلى».
الاستقلال عن منزل الأسرة، لا يعنى الانفصال عن أفرادها وهجرهم، ولا يتعارض مع الحفاظ على صلة الرحم وودهم باستمرار، وهو ما فعلته «شيرين»، التى كانت دائمة الزيارة لمنزل الأسرة، وعلى تواصل تليفونياً بوالدتها وشقيقتها الأكبر، التى استقلت هى الأخرى قبلها بعدة سنوات.
كثير من المواقف القاسية والمؤلمة مرت بها «شيرين» وواجهتها وحدها، لكن إصرارها جعلها تصمد حتى النهاية حتى تجاوزت بعض المحن: «أكتر حاجة وجعتنى مرة تعبت وجالى نزيف ودخلت المستشفى وقعدت فترة تعبانة جداً، وكنت محتاجة أمى تبقى جنبى، وأى حد من أسرتى أو قرايبى، بس كنت لوحدى جداً لفترة طويلة، بس الحمد لله قدرت أتجاوز كل ده».
وأخيراً، استفادت الفتاة العشرينية كثيراً من تجربة الاستقلال، ويكفيها أنها أصبحت قادرة على اتخاذ قرارات حكيمة دون استشارة أحدهم، وقادرة على تقبل صعوبات وصدمات الحياة.
رغم تعلقها الشديد بوالدتها وشقيقاتها الثلاث، إلا أن مى الغزالى، 30 عاماً، اختارت بناء حياة مستقلة لها، فعندما بلغت الـ21 عاماً، انفصلت فى بيت خاص بها، وجمعت بين دراستها وعملها، حتى تستطيع تدبير أمور معيشتها دون الاعتماد على أسرتها، خصوصاً بعد وفاة الأب: «اشتغلت كل حاجة، بياعة، وساعات مندوبة مبيعات لشركات صغيرة جداً، كنت باخد ملاليم، واشتغل شغلانتين عشان أقدر أقف على رجلى من غير أهلى»، وكانت رغبتها الأولى طوال الوقت الخروج من المنزل والاستقلال وحدها «ماكنتش حابة أقعد فى بيتنا نهائى، وبلغت أمى إنى هأجَّر شقة ليا لوحدى وأعيش فيها، وماكانش بالساهل بالنسبة لها، بس بعد كده وافقت».
واجهت «مى» صعوبات وأزمات كثيرة من جانب عمها الذى أجبرها على العودة إلى المنزل عنوة: «رجعت من الشغل فى يوم لاقيته واخد العفش، وقفل الشقة، وأجبرنى أرجع ومارضيتش، رُحت لواحدة صاحبتى 3 أيام ماستحملتنيش، لحد ما ضغطت عليهم وبردو خدت شقة بعيد لوحدى وفرشتها، وأمى ساعدتنى فى الفرش كمان، وبقت تيجى تزورنى وأزورها».
بعد فترة قليلة استقرت ظروفها وتحسنت كثيراً، بعد عملها فى أحد البنوك الخاصة: «الاستقلال مش دلع وخروج ورجوع براحتنا وعلى كيفنا، بالعكس ده شقاء ومجهود كبير جداً، ومحتاج حد عنده صبر يقدر يتحمل كل الضغوط والظروف الصعبة لوحده، حتى لو وقع يقدر يقوم يقف تانى على رجله من جديد، حتى أختى الأصغر اتعلمت من قصتى، وهى كمان بقت مستقلة فى حياتها لوحدها».