بالصور| شمس تشاد تشرق في مصر بدراسة 30 فتاة داخل جامعة قناة السويس
شمس تشاد تشرق في مصر بدراسة 30 فتاة داخل جامعة قناة السويس
ضحكة بيضاء محملة بالأمل متسلحة بالعلم تشرق على أرض مصر من جامعة قناة السويس، تحملها بنات دولة تشاد الشقيقة بعد أن قررن أن يحملن الطموح على بعد مسافات ليست بقليلة عن ساحات وطنهن، على أمل العودة إليه مجددا لينشرن ما يتلقين من علم ينفعن به أبناء بلادهن، لتشرق شمس التعاون الإفريقي مجددا بحضور 30 فتاة تشادية يجلسن داخل مدرجات 6 كليات هي، العلوم ،الطب البشري، الآداب والعلوم الإنسانية، التجارة، الصيدلة، التربية، فتيات أرادن أن يعدن صياغة الأحلام، يحصلن مفردات العلوم لاكتمال معناها وعلمها، متخذات من بلد الحضارة مصر قبلة للعلم تبثها بعد سنوات ليست بطويلة على أرض تشاد قبلة التحضر الإنساني.
كانت البداية بقرار من سيدة تشاد الأولى هيندا ديبي اتنو زوجة رئيس الدولة إدريس ديبي، عندما قررت من خلال مجموعة جمعية القلب الكبير، أن ترسل بعثة تعليمية إلى مصر داخل جامعة القناة في سابقة هي الأولى من نوعها، ليكتمل هذا الدور بدعم مؤسسات مستقلة للعملية التعليمية منها المجموعة التشادية المصرية للبترول والطاقة والذي يرأسها مهدي آدم يعقوب، بجانب دور مدير عام المجموعة المصري التشادي والدينامو المتحرك المهندس وائل محمد عبد الكريم، والذي كان لهما الدور الكبير في إبرام ونجاح تجربة دراسة فتيات تشاد داخل حرم جامعة قناة السويس بمدينة بالإسماعيلية، بجانب متابعة رعايتهن على أكمل وجه ووضع برنامج تنموي وثقافي لهن جانب البرنامج الدراسي والذي يبدأ حاليا بتعلم الفتيات اللغة الإنجليزية حتى تأهلهن في استكمال مشوار الدراسة التي تعتمد على إتقان الإنجليزية في المقام الأول، بجانب إطلاع الفتيات على طبيعة الدولة وحضارتها التي ترتكز دراستهن داخلها جنبا إلى الاطلاع المعرفي على تاريخ الإسماعيلية النضالي ومجموعة المشاريع التى تنفذ على أرضها تزامنا مع المرحلة الانتقالية التى تعيشها البلاد.
وهنا كان القرار بلقاء بعض حاملات رايات العلم من تشاد إلى مصر، وبداية نؤكد أن الصورة جاءت أكثر بهجة ليست فقط على المستوى العلمي، ولكن على المستوى الإنساني والحضاري، آمنة محمد أحمد والتي تدرس في كلية العلوم أعلنت عن سعادتها بهذا الدعم التعليمي الذي تبنته مجموعة القلب الكبير بوطنها تشاد لتكون القبلة مصر ومنها محافظة الإسماعيلية رحاب جامعة القناة، ورأت أن الانطباع الأول عن الإسماعيلية سيدوم معها طويلا، حيث إن الخضرة تكسو أماكن كثيرة مثل ما اعتادت على رؤيته في وطنها، وهو ما جعل الغربة تأتي هينة إلى حد ما، بجانب طبيعة الناس الطيبة والمتعاونة خاصة بعد علم المواطن أنهن مغتربات عن أوطانهن وجئن من أجل الدراسة، لم ترَ أيضا "آمنة" أن طبيعة المصريين تختلف كثيرا عن طبيعة أبناء جنسيتها فهناك تشابه من حيث الملبس والمأكل ربما اختلفت مسميات الأطعمة فقط.
زهرة مرسي، هي إحدى زهرات تشاد أيضا التي أزهرت داخل كلية الطب البشري بجامعة القناة، وجدت أن اختيارها لتلقى مرحلة الدراسة بالمرحلة الجامعية في مصر يعد مكسبا كبيرا تدخره لإعادة إنفاقه على أرض وطنها، قائلة: "نطقنا اللغة العربية وتعد هي اللغة الأولى لدينا، بجانب اللغة الفرنسية، لكن نظرا لأن الدراسة تستلزم إتقان اللغة الإنجليزية فأصبح التعلم الأول هو دراسة الإنجليزية على أن تبدأ مرحلة الدراسة الفعلية من العام المقبل، وأعلنت عن حرصها في استكمال الدراسة عقب إنهاء سنوات الطب بالتحاقها بدراسة الماجيستير والدكتوراه، على أن تعود بعدها إلى وطنها".
وقالت زهرة إن وطنها يدعم نجاح المرأة وتعليم الفتيات، لافتة إلى أن البعثة التي تبنتها مجموعة القلب الكبير تشمل 30 دراسة من بنات الوطن، مؤكدة أن تشاد منذ وقت وهي تعيش مساواة بين المرأة والرجل، وهو ما رأته في مصر أيضا من وجود حقوق بارزة للمرأة المصرية التى تعلن عن تواجدها من خلال مسرح التدريس الجامعي والمناصب القيادية داخل الجامعة وهو ما بدا ظاهرا في اللحظات الأولى لاستقبالهن داخل الحرم الجامعي.
فاطمة أحمد إدريس، تدرس في كلية التربية قسم علم نفس، انطلقت بانطباعها عن وطنها الثاني مصر من خلال حبها لدراسة العلوم النفسية على وجه التحديد، واصفة الشعب المصري من خلال تكوين انطباعها بأنه طيب ومتحاب وودود في الوقت الذي يتميز فيه الشعب التشادي بأنه كريم جدا وسند وظهر يعتمد عليه ولا يخذل من يلجأ له.
وعن سبب اختيارها لدراسة هذا القسم على وجه التحديد، أكدت أنها ترى أن تربية وتهذيب النفوس أهم كثيرا من بناء دولة دون أخلاق، كما أن النفس المهذبة هي أكثر الشخصيات التي تتمتع بالوعي، وعن تقييمها لمعدل التفاعل المجتمعي لأبناء وطنها عن طريق غزو استخدام الإنترنت والسوشيال مبديا ومواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قالت: "لدينا ضوابط واضحة في استخدام الفيسبوك على وجه التحديد لا يمكن تجاوزها، وترى من خلال تحليلها للواقع المجتمعي لديها، أن الانفتاح المعلوماتي عبر الإنترنت أضاف الكثير من حيث التقارب الثقافي والحضاري للشعوب المختلفة، بجانب زيادة الحيز المعلوماتي والتعرف على هوية كل دولة وعاداتها وتقاليدها"، مؤكدة أن الميديا كانت طريقها في التعرف عن مصر من البداية الأولى لتلقي ترشحها الدراسة بجامعة القناة، وأعلنت أنها ستقوم بعمل بحث عن الوحدة والترابط في العلاقات بين دول إفريقيا والوطن العربي التي شهدت تطورا في الفترة الأخيرة ومردود هذا التفاعل على البعدين الاجتماعي والنفسي للشعوب الإفريقية والعربية.
كبرى مصطفى يعقوب، تدرس في كلية تجارة إنجليزي، تبدى انطباعا منذ اللقاء الأول بها عن سعادتها قائلة: "مبسوطة كأني في تشاد بالضبط، صحيح العائلة وحشتني لكن مصر وطن دافئ لم نشعر عليه بالغربة نهائيا".
وعن أهم الأشياء التي جذبتها، ردت كبرى "الطعمية" اختراع مصري عبقرى، أكلة ليها مذاق خاص جدا، وتعد من أشهر المأكولات الشعبية لدى المصريين، مؤيدة رأي صديقاتها أن هناك تشابها كبيرا بين المأكولات المصرية والتشادية، وأعربت عن إعجابها بممارسة رياضة المشي واهتمام الإسمعلاوية بالرياضة بشكل عام، وقالت إن لديها اهتماما كبيرا باستكمال طموحها وأحلامها، متخذة من هيندا ديبي مثلا أعلى لها في حياتها.
خديجة أحمد أملس، طالبة بكلية الطب: "بكل تأكيد ستكون تجربة مهمة للغاية، خاصة وأنها تجربة علمية من الدرجة الأولى، وتعد أول تبادل ثقافي وحضاري بيننا كفتيات دولة تشاد وبين مصر وطن الأصالة والحضارة، وأيضا الطبيعة الاجتماعية بين الشعب المصري ملفت جدا للانتباه من الترابط والتحاب وهو ما يشبه كثيرا حالة الود التي تعيشها بلادنا، لذا لم نشعر بأي غربة على أرض مصر، ولدينا كفتيات تشاديات رغبة في إنجاح التجربة وعكس صورة تليق ببلادنا وببعثة القلب الكبير التي وفرت لنا كل الدعم حتى نحقق أحلامنا العلمية والدراسية على أرض مصر".
وتقول حواء جلال، الطالبة بكلية الطب: "أحب مصر كثيرا وكان الترشح بالنسبة لي أمر مهم للغاية، لم أتردد لحظة واحدة عن الإتيان إلى مصر لتعلم علوم الطب، خاصة وأن حلمي الذي راودني منذ صغري هو أن أصبح طبيبة، وعظيم أن أتلقى هذا العلم في مصر لأنها من الدول المتقدمة في مجال الطب، وأن أعود إلى وطني أفيد به أبناءه".
وأكدت حواء أن جنس حواء في تشاد يأخذ حقه على أكمل وجه، وهناك دعم قوي جدا للمرأة في المناصب الحكومية ولدينا تجارب مهمة في هذا الاتجاه، ولفتت إلى أن المرأة أيضا داعم قوي في حياة كل رجل يؤدي بقوة، ولدينا سيدة تشاد الأولى هيندا ديبي اتنو زوجة الرئيس إدريس ديبي، والتي تقود مؤسسة القلب الكبير صاحبة الدور في دعم 30 فتاة للدراسة في مصر، وكذلك برز دور بريجيت إيمانول زوجة الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون ومسانداها لمشوار زوجها من البداية حتى الوصول إلى كرسي الرئاسة.
مريم نور الدين، الطالبة بكلية التربية، ترى أن تجربة السفر في شكل بعثة تعليمية أمر لم تكن تتوقعه وإن كانت تتمناه إلى أن وفرت بلادها الفرصة، ومؤكدة مريم أنها تعيش حالة عامة من الشغف ليس فقط الدراسي ولكن للتعرف على كل ملامح هذا الوطن، استغلالا لمنطق في السفر فوائد كثيرة.
وأعربت عن سعادتها أيضا بالبرنامج السياحي الذي ينظمه القائمون على متابعتهم داخل السكن الخاص، لافتة إلى زيارتها لقناة السويس وعمل جولة بحرية في مياه القناة أضاف لها طاقة إيجابية من نوع خاص، وأشارت إلى أنها تشرك أسرتها دائما في تفاصيل التجربة الجميلة بالتقاط عدد من الصور الخاصة بها وبصديقاتها وإرسالها لهم لتعريفهم بالإسماعيلية وطمأنتهم عليها.
فاطمة حكيم، الطالبة بكلية التربية، تؤكد أن مصر تحمل في ملامحها وجوهرها الكثير من ملامح الشعب التشادي من حيث خفة الظل والكرم والتواد، لافتة أيضا مريم من خلال انطباعها عن مصر وشعبها إلى أن هناك الكثير من التقارب في العادات والتقاليد وحتى المظهر والمأكولات، مؤكدة سعادتها بالاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف قائلة: "زينت سكنى الخاص ورددنا الأناشيد الدينية في حب الرسول واشترينا الحلوى التى تباع بالمحلات وهو أمر تتميز به مصر عن دول كثيرة".