بروفايل: عصام العريان.. السطر الأخير
منتصف السبعينات، شاب نحيل ذو لحية بطول عقلتين من أصابعه، بنطاله واسع فضفاض وقميصه خشن أقل بهرجة من السائد حينها. أكثر زملائه حماساً، أعلاهم مقاماً، وأقصرهم قامة. تلك الفترة من حياة عصام العريان عنوانها «أمير بالجماعة الإسلامية».
ومتنها الدفاع المستميت عن انتشار جماعته التى تورط أفرادها فى أعمال عنف مسلحة. يطفق يدافع ويبرر ويبشر لجماعته.
شتاء 1981، تبتلع النظارة السميكة نصف وجهه، وقد صار حليقاً وأقل نحافة. بثياب لا تختلف كثيراً إلا بحزام جلدى وحذاء أسود لامع. تخرج الشاب منذ سنوات قلائل من كلية الطب، خلع عباءة الأمير. وارتدى ثياب السجن كأحد المعتقلين الإسلاميين المتهمين بقتل الرئيس السادات. التقى بعمر التلمسانى، مرشد الإخوان المسلمين، تقرب منه. حتى استحقت تلك الفترة عنوان «الطريق إلى الإخوان».
النصف الثانى من الثمانينات، ينتشى الطبيب الثلاثينى لسماع نبأ نجاحه فى انتخابات نقابة الأطباء، التى لن يخرج منها إلا لسجنه بين الحين والآخر. «البرلمان 1987» عنوان هذه الحقبة من حياة الإخوانى عصام العريان، الذى ترشح على قوائم الإخوان المسلمين فى مسقط رأسه إمبابة.
يناير 1995؛ امتزجت أنفاس أعضاء شورى الإخوان أثناء اجتماعهم. رفاق كثر ومهام أكثر. كانت الجماعة حينها على خلاف مع نظام مبارك الذى داهمت شرطته مقر الاجتماع الذى كان بمثابة «وكر» لجماعة محظورة. نبتت لحية عصام العريان، وطالها شىء من الشيب. وسطرت المحكمة العسكرية عنوان هذه الفترة فى حياة العريان «5 سنوات فى السجن».
الأيام الأواخر فى 2006. يتسمر طلاب الأزهر مشدوهين أمام 50 طالباً مقنعين بأقنعة سوداء. قدموا عرضاً شبه عسكرى داخل الحرم الجامعى .
أثيرت حينها الأسئلة: هل لا يزال جناح الإخوان السرى قائماً؟ هل تقصد الجماعة إرهاب خصومها؟ اعتُقل آنذاك العريان كأحد القيادات الإخوانية المسئولة.
وتدخل هذه الأحداث تحت عنوان «ميليشيات الجماعة». يناير وما بعده. دخل العريان مع جماعته فى نفق مظلم. فبعدما تباطأوا فى دعم الخروج على مبارك فى 25 يناير، سارعوا لاقتناص حظهم مبكراً. اجتمعوا مع عمر سليمان.. ثم دعموا المجلس العسكرى بشدة.. ثم التقوا حلفاءهم فى اجتماع فيرمونت.. ثم انقلبوا على الديمقراطية فانقلب عليهم الشعب.. ثم حرض العريان على القتل ليُحاكَم بتلك التهمة فى فترة يتمنى كثيرون أن يكون عنوانها «نهاية الإخوان».