"إذا أردنا السعادة عشناها، وإذا أردنا التعاسة خلقناها".. بتلك العبارة اقترب محمد جودت، من مفاتيح السعادة التي غابت عنه جزئيا بوفاة ابنه بسبب خطأ طبي بسيط، فلم يستسلم للحزن، ومن رحم الوجع والفراق صنع أول "نموذج حسابي للسعادة".
"جودت" المهندس المصري والمدير بشركة جوجل، والمسؤول عن إدارة محرك البحث الأشهر في 50 بلدًا حول العالم، عاش تجربة فقدان ابنه الشاب الذي لم يتجاوز عمره 21 عامًا، وسرعان ما وجهته إلى البحث عن قيمة الحياة ومفاهيم السعادة وأسرار النفس، ليصل إلى رسم معادلته الخاصة في حل للسعادة التي تتكون من 6 أوهام، و7 نقاط عمياء، و5 حقائق.
ويعتمد كتاب "النموذج الرياضي للسعادة" على عدة معادلات بسيطة ومنطقية وهي السعادة تعادل = "ما يحدث لك وعليك – ما تريد وتتوقع من الحياة والآخرين"، وكلما قل ما تريده وتتوقعه من الحياة والآخرين زادت سعادتك، وكلما زاد ما تريده وتتوقعه من الحياة والآخرين نقصت سعادتك.
وفي كتاب "جودت" يشرح العوائق التي تمنع الشعور بالسعادة:
أولًا: تعليق نعلق سعادتنا على أشخاص نريد منهم كذا وكذا أو يؤذينا فعلهم، أو عدم فعلهم كذا وكذا، ونقضي العمر في حروب وسجالات "معهم – عنهم – حولهم".
ثانيا: أننا لا نستمتع بما وهبه الله لنا وهو كثير، لأننا نركز على الناقص والغائب، وما لا نملك ونتحسر وننزوي حزنًا عليه أو نغضب ونقاتل سعيًا وراءه، ثم نشكو من التعاسة وسوء الحظ، وأننا ضحية الأقدار، وننسى أن الله عطاؤه ابتلاء وحرمانه دواء، وأن محاربة القدر كالسباحة عكس التيار تجهد النفس وتستهلك الطاقة ويكاد يكون الوصول معها مستحيلًا.
ثالثا: أن أفكارك عن نفسك وعن الآخرين وعن كل شيء هي مجرد تصورات قد تكون صحيحة أو خطأ، لا تتعامل معها أنها صواب مطلق، وحقيقة لا تقبل التشكيك، فلا تحط من شأن نفسك بأوهامك عن نفسك ولا تخلق لنفسك أعداء من بنات أفكارك.
رابعا: أن قيمتك ليست في شكلك، أو منصبك، أو عائلتك، أو أملاكك، أو إنجازاتك، لك قيمة حتى لو زالت عنك كل تلك الإضافات فلا تعلق قيمتك على لقب أو رقم.
خامسا: أنه في كل مواقف الحياة تذكر أنك لا تعرف كل شيء، لا تعرف ما يجري للآخرين، بل كثيرًا لا تعرف دوافعك الحقيقية، لا تضع افتراضات وتتعامل معها كأنها الحق المطلق، وتبني سيناريوهات عما يضمره الآخرون نحوك أو تبالغ في تفسير تصرفاتهم.
سادسا: من الوهم أن تتخيل أن بإمكانك التحكم فيما فيمن حولك.. في كل الأحداث الفاعل الله، اجتهد فيما تملك وسلم الأمر لله أولاً وآخرًا، وأعلم أنه لا ينفع حذر من قدر، ولا يستحق الخوف إلا الخوف، وأن الحافظ الله.
وقال جودت في كتابه، إن هناك عيوب شائعة في التفكير تبعدنا عن السعادة وتقربنا من التعاسة، بشكل أو بآخر كالتعميم، والظن، والعناد، والاستسلام لأسر الماضي والذكريات التي ولت، والتصنيف، والعصبية والانفعال، والتهويل.
وأوجر كتاب "جودت" السعادة في طريقة التفكير وتبنّي السلوكيات والعادات الصحيحة حيث انها تجعلنا سعداء ويقلل في نفوسنا مشاعر البؤس والسخط على الحياة، وهو تدريب مستمر ومتكرر جوهره الحفاظ على مشاعر الرضا، فلا تهلك نفسك سخطاً وتوفر جهد وطاقة محاربة مالا يتغير، فضلًا عن الرضا والتسليم بأن التغيير سُنة الحياة، يتغير الناس، تتغير الظروف، ومقاومة التغيير وعبث الرضا والتسليم بالأمور القدرية التي لا دافع لها ولا أسباب أو احتياطات كالحب والموت لا شيء يمنعها أو يغيرها بأي شكل، الرضا واليقين أن لا شيء يحدث عبثاً وأن لله حكمة في كل أفعاله، فهمنا أم لم نفهم، والرضا يهبنا السكينة فلا يذهلنا حادث ولا يدمرنا رفض شيء كتبه الله لنا، وعلينا إلا ينقضي العمر في التسخط عليه أو رفضه بلا جدوى.
تعليقات الفيسبوك