«الحاجة آمنة».. فدائية شاركت الشرطة في «موقعة الإسماعيلية» ضد الإنجليز
الحاجة آمنة دهشان
67 عاما ولا تزال الذاكرة الوطنية لا تنسى "موقعة الإسماعيلية" غير المتكافئة بين البوليس المصري وقوات الاحتلال الإنجليزي، حينما حاصرت الدبابات الإنجليزية مبنى المحافظة في الـ25 من يناير 1952، بعد رفض القوات المصرية تسليم الأسلحة وإخلاء المبنى لتبدأ ملحمة بطولية لعناصر الشرطة المصرية المدافعة عن المبنى ببسالة في البنادق، ما أسفر عن استشهاد 50 شرطيا مصريا وإصابة 80 سجلوا بدمائهم صفحة مهمة في سجلات تاريخ المقاومة ضد المحتل البريطاني.
في تلك الأثناء تواجدت في محيط مبنى محافظة الإسماعيلية شابة مصرية تبلغ 27 عاما، تدعى آمنة دهشان، والتي انضمت للفدائيين قبل هذا التاريخ بفترة، الذين كان يتركز نشاطهم في اختطاف الجنود الإنجليز الموجودين في مدن القناة.
"بعد أي عملية فدائية للشباب والرجال البواسل في الإسماعيلية، كان لي دورا هاما أنا والحاجة أم رضوان رحمها الله، التي كانت في مثل عمري تقريبا، ودورنا كان يتلخص في اخفاء أسلحة الجنود الإنجليز في ملابسنا، إضافة إلى أن الفدائيين بعد كل عملية كانوا يختبئون عندنا في المزارع التي يمتلكها والدي الحاج محمد منصور دهشان، وكانوا يرتدون الجلباب ونسلم كلا منهم فأس لتفادي تفتيش الإنجليز"، حسب حديث الحاجة آمنة لـ"الوطن".
الحاجة آمنة التي تبلغ 93 عاما حاليا، تتذكر ذلك اليوم جيدا، فعندما شاع خبر حصار مبنى المحافظة من قبل الاحتلال الإنجليزي انضم الأهالي للشرطة، وبعد سماع صوت دانة تخرج من فوهة دبابة ترى بعدها جدار بمبنى المحافظة ينهار متحولا إلى أنقاض.
وتقول الفدائية بنت محافظة الإسماعيلية: "اشتدت العمليات الفدائية ضد معسكرات الإنجليز وجنودهم وضباطهم في منطقة القناة، وكانت الخسائر البريطانية نتيجة تلك العمليات فادحة، كما أدى انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد، وكان السلاح يصل إلينا من المحافظات عن طريق الجمال لأن الإنجليز شددوا التفتيش على القطارات والطريق الزراعي، وكنت أخبئ الأسلحة في عربة الخضار وداخل ملابسي، وأنقله من قرية نفيشة إلى المحطة الجديدة وعرايشة الشهداء أو كما كان اسمها عرايشة العبيد".
الحاجة آمنة، تعد أول سيدة بمحافظة الإسماعيلية تحمل رخصة سلاح، حيث استخرجتها في سبعينيات القرن الماضي، خلال حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات بغرض الدفاع عن النفس وممتلكاتها من الأراضي والمواشي.
سيرة طويلة من النضال، كانت آمنة دهشان البطلة الأولى فيها، فالزواج لم يمنعها من مساعدة الجنود في النكسة، أو حرب أكتوبر 1973، فكانت تقدم لهم الطعام وفتحت منزلها للجنود في الخامس من يونيو 1967.
وتختتم الحاجة آمنة دهشان، حديثها لـ"الوطن": "لن أتأخر عن خدمة هذا الوطن حتى آخر يوم في عمري وأعشق الزعيم جمال عبدالناصر رغم مصادرة جزء كبير من أراضي والدي في الإصلاح الزراعي، وأحب الرئيس عبدالفتاح السيسي وأتذكر جيدا خطابه للشعب يوم 3 يوليو عام 2013".