الاغتصاب في الهند.. جرائم بشعة تهز البلاد دون عقاب وتدفع للانتحار
تنتشر مظاهرات ضد جرائم الاغتصاب في الهند - أرشيفية
الاغتصاب هو جريمة العنف الرابعة الأكثر شيوعًا التي ترتكب ضد المرأة في الهند، وعلى الرغم من ان هناك نحو 110 عملية اغتصاب تتم في الهند يوميا وفقا لإحصائيات حكومية، فإن النشطاء يقولون أن العدد الحقيقي أكبر بكثير، حيث لا يتم الابلاغ عن عدد كبير من جرائم الاغتصاب التي باتت ظاهرة مستشرية في البلاد وفقا للتقارير الرسمية.
ووفقا لدراسة أجرتها "رويترز"، تحتل الهند مكانة "متقدمة" في قائمة الدول التي تتعرض فيها النساء للعنف، وتنتشر في الهند حالات الزواج بالقاصرات واستخدام العنف الجنسي ضد المرأة واستعباد النساء وتتكرر هناك حالات رشهن بالحمض الحارق بهدف تشويههن والانتقام منهن، أو معاقبتهن، حسبما ذكر تقرير لقناة "روسيا اليوم"، وسجلت الإحصائيات وقوع نحو 40 ألف حادث اغتصاب في الهند خلال عام 2016، كما أشارت تقارير إلى أن هناك الكثير من حالات الاغتصاب التي لا يبلغ عنها خوفا من "الفضيحة"، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.
ولا تقتصر جرائم الاغتصاب على الهنديات من فتيات وسيدات وأطفال فقط، بل تتعرض السائحات للاغتصاب أيضًا، وآخر جرائم الاغتصاب تم فيها الشرطة الهندية رجلا ثلاثينيًا بتهمة اغتصاب سائحة بريطانية في ديسمبر الماضي.
وفي أكتوبر الماضي، قام رجلان باغتصاب سائحة روسية عمرها 33 عاما وهي في طريق عودتها إلى فندقها في منتجع مانالي بالهند، وما أفادت به الشرطة من تخدير شابة روسية واغتصابها جماعيا. وتأتي هذه الجريمة بعد سلسلة من القضايا الأخرى التي هزت ولايات هندية مختلفة في الأشهر الأخيرة، إذ أعلنت السلطات اغتصاب طفلة صماء، 11 عامًا، من 17 معتديا.
وذكرت صحيفة "ذا إنديان إكسبريس" الهندية في تقرير الأربعاء، أن زوجة انتحرت شنقا وتخلصت من حياتها بعد أن فقدت الأمل في الحصول على العدالة بعد تعرضها للاغتصاب، وعلمها أن الشرطة قررت تقديم تقرير بإغلاق القضية، وفقًا لتصريحات خاصة من زوجها الذي أكد أن زوجته اتخذت قرارها بعد أن فشلت الشرطة في اتخاذ إجراءات ضد المتهم، وهو ما يشير إلى سياسة الإفلات من العقاب في جرائم الاغتصاب.
وتابع الزوج: "كنا نبحث عن تحرك خلال الأشهر الستة الماضية، وذهبنا في سبتمبر الماضي للاجتماع مع رئيس الوزراء، ولكن عندما فشلنا في مقابلته قررت زوجتي إنهاء حياتها ولكن الشرطة منعتها خلال محاولة الانتحار في المدينة".
وتعود القضية إلى أغسطس حينما شكت المرأة من تعرضها للاعتداء الجنسي من قبل جارين عندما كانت ذاهبة للحقل في فبراير 2018، حيث قالت في شكواها أن المتهمين قاما أيضًا بتصوير فيديو للحادث وهددا بتحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي إبريل الماضي شهدت مدينة جامو شمال الهند مظاهرات تطالب بإجراء تحقيق جديد حول قضية الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له طفلة مسلمة في الثامنة من عمرها ما أدى إلى وفاتها، مما أشعل أجواء من التوتر الطائفي بين المسلمين والهندوس، وخاصة في المنطقة المتنازع عليها بين الهند وباكستان في جامو وكشمير التي شهدت وقوع الحادث.
ويستخدم الاغتصاب كوسيلة للعنف والعقاب والكراهية، ففي يونيو الماضي تعرضت 5 ناشطات يعملن في مجال مكافحة الإتجار بالبشر لاغتصاب جماعي تحت تهديد السلاح شرقي الهند، وبعد أن شاركن في عرض مسرحي، أجبرت الناشطات على ركوب سيارة واغتصبن في منطقة معزولة، وفقًا لما أكدته الشرطة لبي بي سي، ونفذت الاعتداء مجموعة تتبنى عدائية شديدة "للدخلاء" في المنطقة التي شهدت الحادث.
وألقت الشرطة الهندية، في يوليو الماضي، القبض على 17 رجلاً تناوبوا على اغتصاب طفلة صماء في الحادية عشرة من عمرها بالمبنى، الذي كانت تسكن فيه بمدينة تشيناي، لحوالي 6 أشهر وهددوها إذا حاولت كشف ما تتعرض له.
وطالبت مجموعة من الراهبات في ولاية كيرالا الجنوبية التي تضمّ أكبر عدد من المسيحيين في البلد، وهي واحدة من أقدم المجتمعات الكاثوليكية في الهند، باعتقال أسقف متهم باغتصاب إحدى راهبات الكنيسة عدة مرات خلال فترة عامين، وبموجب قرار من البابا فرنسيس، أقيل الأسقف الكاثوليكي فرنكو مولاكال، في سبتمبر الماضي، بتهمة اغتصاب راهبة مرات عدة بين 2014 و2016.
وتعد الانتهاكات الجنسية التي ارتكبها رجال الدين من أكبر الفضائح التي هزت أركان الكنيسة الكاثوليكية في السنوات الأخيرة، واعتقلته الشرطة في ولاية كيرالا الهندية، بتهمة اغتصاب راهبة 13 مرة في الفترة ما بين 2014 إلى 2016.
ويُفسر انتشار الاغتصاب والعنف ضد المرأة كنتيجة للتعصب الديني حيث يتم لوم المرأة التي تتعرض للاغتصاب بسبب ملابسها وخلافه، وفي تقرير لموقع "كشمير وواتش" قال الكاتب سجاد شوكت أنه منذ وصول الحكومة الأصولية بقيادة ناريندرا مودي، زادت الجرائم ضد المرأة المرتبطة بالتعصب الديني وعدم إنفاذ القانون والفقر والنظام الأبوي، وتتزايد الجرائم ضد الطبقات الدنيا، حيث تشير إلى الاحصائيات إلى أنه يتم اغتصاب امرأة كل 15 دقيقة، من بينهم أجانب وسياح وحجاج هندوس يأتون من بلدان أخرى.
وفي عام 2013 تعرضت امرأة سويسرية للاغتصاب الجماعي في غابة على يد 6 هنود، وهو العام نفسه الذي شهد تخدير طالبة كورية جنوبية واغتصابها، وتعرضت امرأة صينية للاغتصاب وكذا شابة إيرلندية وتلميذة بريطانية للاغتصاب. واختتم الكاتب مقاله بالقول: "في أعقاب هذه الحوادث ضد المرأة، نشأ السؤال، هل الهند دولة مُغتصبة؟".