23 يناير.. مصير سوريا على طاولة محادثات بوتين وأردوغان
بوتين وأردوغان
منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب قوات بلاده تدريجيا من سوريا، قبل نحو شهر، وتسعى روسيا وتركيا وإيران إلى محاولة شغل الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة، وقال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين سيلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بروسيا، في 23 يناير الجاري.
ومن المقرر أن يبحث الرئيسان تطورات الأوضاع في سوريا، بما في ذلك إعلان الولايات المتحدة نيتها سحب قواتها من هناك، خاصة محافظة إدلب التي تعتبر تطوراتها تثير المخاوف والقلق، والوضع هناك ليس بسيطا، على حد قول أوشاكوف.
وأضاف أوشاكوف أن موسكو تعطي أهمية كبيرة لتنسيق جهودها مع أنقرة على صعيد التسوية في سوريا، وإطلاق عمل اللجنة الدستورية، منوها إلى أن "ثلاثية أستانا" (روسيا، وتركيا، وإيران) قدمت قائمة متفق عليها مع الأطراف السورية من ممثلي المجتمع المدني السوري المتوقع دخولهم في تشكيلة اللجنة المذكورة، وهي قائمة كانت ينتظرها المجتمع الدولي من الدول الثلاث.
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يجرى فيها الإعلان عن استعداد موسكو وأنقرة التسوية السورية، حيث إنه في 29 ديسمبر الماضي، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن الدولتين اتفقتا على تنسيق العمليات البرية في سوريا، مضيفا، "تم التوصل إلى تفاهم بشأن الكيفية التي سيواصل من خلالها الممثلون العسكريون لروسيا وتركيا تنسيق خطواتهم على الأرض في ظل ظروف جديدة وفي إطار رؤية تتمثل باجتثاث التهديدات الإرهابية في سوريا"، وفقا لما ذكرته وكالة الأناضول الإخبارية التركية.
فيما قال مولود شاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، إن أنقرة وموسكو لهما موقف موحد يهدف إلى تطهير سوريا من "جميع التنظيمات الإرهابية"، وأن بلاده ستواصل "التعاون الوثيق" مع روسيا وإيران بشأن سوريا والقضايا الإقليمية.
من ناحيته، أكد الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير في الشئون التركية، أن ذلك الاجتماع بين روسيا وتركيا سيكون مهما ومؤثرا خلال الفترة المقبلة بسوريا، حيث سيتم طرح ملفات عدة بخصوص ذلك الأمر، على رأسها الانسحاب الأمريكي والمنطقة العازلة الداعية لها تركيا التي من المفترض أن تكون تحت إدارة الرئيس الروسي بشار الأسد، تحتاج إلى موافقة من مجلس الأمن الدولي الذي تمتلك فيه روسيا حق الفيتو، لذلك سيتم ترتيب ذلك خلال اللقاء، فضلا عن الاتفاق على خطة التحرك في سوريا مستقبلا.
وأضاف عبدالفتاح، لـ"الوطن"، أنه سيكون لروسيا وتركيا وإيران دورا كبيرا في إعادة إعمار سوريا، لعدة أسباب أولها تواجد قوات وروابط وصلات لها في دمشق، فضلا عن احتلال أنقرة لعدة مناطق فيها أبرزها عفرين، بينما تسيطر روسيا من خلال منظوماتها الدفاعية المنتشرة في سوريا.
وأشار إلى أن التقارب الحالي بين الدولتين يأتي لاعتبار روسيا نفسها بديلا عن أمريكا بعد انتهاء الانسحاب، والذي يعتبر "بعبع" لإدارة ترامب، على حد وصف عبدالفتاح، مؤكدا أنه لا يمكن تجاهل دور الدول الثلاثة في سوريا، ومحاولتهم لطرح حلول مناسبة لمصالحهم، حيث يجب موافقتهم على طرق استعادة السيطرة على كل الأراضي السورية والانتقال السياسي للسلطة بحكم تواجدهم العسكري.
وبنهاية الشهر الماضي، وأعلن الجيش السوري، دخول قواته إلى منطقة منبج، التي تسعى تركيا لانتزاعها من سيطرة الأكراد، إلا أن التحالف الدولي أكد أنه لا توجد أي تغييرات في التواجد العسكري في تلك المنطقة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد قال إن واشنطن ستسحب ألفي جندي تقريبا في سوريا في تغيير لإحدى ركائز السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، الأمر الذي أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وينتشر نحو ألفي عسكري من القوات الأمريكية في هذا البلد، وتعد خطة الانسحاب تحولا مفاجئا للاستراتيجية الأمريكية، خاصة بعدما عدل ترامب عن رغبته التي كررها مرارا في وقت مبكر من هذا العام، وقرر الإبقاء على نحو ألفي جندي أميركي منتشرين في سوريا لمحاربة داعش الإرهابي.
وتأتي أنباء الانسحاب الأمريكي من سوريا، بالتزامن مع وصف وزارة الخارجية الروسية الوجود الأمريكي في سوريا بـ"غير الشرعي"، قائلة إنه تحول لعائق خطير في طريق تسوية الأزمة السورية.
في الوقت نفسه، اعتبرت قوات سوريا الديمقراطية قرار الانسحاب الأمريكي المفاجئ من شرقي سوريا "طعنة في الظهر وخيانة لدماء آلاف المقاتلين"، في أول تعليق لها على القرار.
وكانت تركيا، قد تدخلت ضد وحدات حماية الشعب في منطقة غربي الفرات في العامين الماضيين، لكنها لم تستهدف بعد أي منطقة شرقي النهر، وأحد أسباب ذلك هو رغبتها في تجنب المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية، ولذا يمكن القول أن مصير سوريا على الدوام "بيد عمر".