البنوك الخليجية تنافس عالمياً بمجموعة اندماجات استثنائية تعيد رسم خارطة المصارف فى المنطقة
المنطقة على موعد مع مولد كيانات مصرفية عملاقة
فى ظل سعى دول الخليج العربى لاحتلال مكانة فى النظام المالى والمصرفى الدولى الجديد الذى يُعيد تشكيل نفسه بقوة فى هذه المرحلة الاستثنائية فى تاريخ العالم.. بدأت دول المنطقة فى إجراء تحركات مهمة لخلق كيانات تمويلية ضخمة حتى تتمكن من المنافسة بقوة على الصعيد العالمى، مع امتلاك كوادر بشرية رفيعة المستوى، واستثمارات ضخمة فى البنى التحتية والتكنولوجية تمكّنها من تحقيق ذلك.
الأعوام الماضية شهدت تطوراً ملحوظاً فى أداء البنوك الخليجية، حيث ارتفعت قيمة أصول القطاع المصرفى الخليجى بنحو 2.24 تريليون دولار خلال الربع الثانى من 2018 والمنتهى فى يونيو الماضى، ويمثل حجم هذه الأصول نحو 66% من إجمالى أصول القطاع المصرفى العربى الذى يقدر بنحو 3.4 تريليون دولار، ليتمكن من تسجيل ارتفاع بنسبة 1.4% منذ بداية عام 2018 الماضى، ويتربع القطاع المصرفى الإماراتى على عرش قائمة القطاعات المصرفية الخليجية من حيث حجم الأصول، وذلك بإجمالى أصول بلغت قيمتها نحو 748 مليار دولار، أما قطاع البنوك السعودى فقد احتل المرتبة الثانية على مستوى دول الخليج بإجمالى أصول بلغ حجمها 617 مليار دولار، وفقاً لبيانات اتحاد المصارف العربية.
وتتمثل أبرز الفوائد التى تعم على البنوك من عمليات الاندماجات فى تأسيس كيانات مصرفية عملاقة، تتسم بترشيد حجم الإنفاق من خلال تقليل التكاليف والمصروفات، الأمر الذى يلعب دوراً فى زيادة معدل الربح الهامشى للمصارف، بجانب تعزيز كفاءة وصلابة القطاع المصرفى، مع تعزيز قدرة المنافسة على المستويين الإقليمى والدولى، بجانب قدرتهم على مواجهة كافة الظروف والتحديات الاقتصادية، وذلك بالإضافة إلى امتثالهم لكافة المعايير الدولية وخاصة معايير «بازل 3»، ومعايير مكافحة تمويل الإرهاب، ومعيار IFRS9 المحاسبى الدولى.
«الإمارات» تتصدر اندماجات بنوك المنطقة.. و«السعودية» تشهد مناقشات دمج كبرى.. و2.2 تريليون دولار أصول البنوك الخليجية بنسبة استحواذ 66% من إجمالى المنطقة
وتُعد الإمارات العربية المتحدة هى الدولة التى قادت زمام مبادرة الاندماج بين بنوك المنطقة، حينما شهدت فى 2016 صفقة الاندماج بين بنك أبوظبى الوطنى وبنك الخليج الأول، لينتج عن ذلك كيان مصرفى عملاق هو الأكبر فى الإمارات من حيث حجم الأصول والتى قُدرت بنحو 188 مليار دولار، ليحتل الترتيب الثانى بين أكبر بنوك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما سبقه اندماج عملاق آخر بين بنك الإمارات الدولى وبنك دبى الوطنى ليصبح بنك الإمارات دبى الوطنى.
كما تشهد الفترة الحالية محادثات متقدمة لاندماج بين بنك «أبوظبى التجارى» مع بنك «الاتحاد الوطنى» و«مصرف الهلال» وهو ما سينتج عنه فى حالة إتمامه بنك بأصول قيمتها 113 مليار دولار، ليشكل هذا الاندماج، خامس أكبر كيان مصرفى خليجى.
ويعد مجلس أبوظبى للاستثمار، وهو الجهة المسئولة عن الاستثمار بحكومة أبوظبى، المساهم الرئيسى والأكبر فى البنوك الثلاثة، إذ تبلغ حصة المجلس نحو 62.5228% من رأسمال بنك أبوظبى التجارى ونحو 50.0075% من رأسمال بنك الاتحاد الوطنى، فيما يعتبر المالك الوحيد لكامل أسهم رأسمال مصرف الهلال.
وتُقدر الأرباح الصافية المجمعة للبنوك الثلاثة بنحو 3.25 مليار درهم خلال النصف الأول من 2018، فيما بلغت السيولة النقدية المباشرة المتوافرة لبنك أبوظبى التجارى فى يونيو 2018 نحو 22.05 مليار درهم، وتجاوز النقد وما يعادله لدى بنك الاتحاد الوطنى بنهاية يونيو 2018 نحو 4.03 مليار درهم، بينما كانت السيولة لدى مصرف الهلال بنهاية 2017 ما قيمته 2.74 مليار درهم.
وفى خطوة مهمة لخلق كيان مصرفى إسلامى عملاق؛ كشف بيت التمويل الكويتى «بيتك» أن مجلس إدارة البنك وافق مبدئياً على سعر تبادل الأسهم مع البنك الأهلى المتحد البحرينى، وذلك استناداً إلى متوسط معدل التبادل الأولى وفقاً للدراستين اللتين أعدهما بنكا «HSBC» و«Credit Suisse»، والبالغة 2.32 سهم من «المتحد» مقابل سهم واحد من «بيتك».
وأوضح «بيتك» و«الأهلى المتحد»، أن هذا المعدل خاضع لما ستسفر عنه دراسات الفحص النافى للجهالة، ومن المنتظر أن تخلق صفقة تبادل الأسهم بين «بيتك» و«الأهلى المتحد» سادس أكبر بنك فى الخليج بأصول تبلغ 92 مليار دولار.
اندماج «أبوظبى التجارى» و«الاتحاد الوطنى» و«مصرف الهلال» يخلق خامس أكبر كيان مصرفى خليجى و«بيتك» و«الأهلى المتحد» يوافقان مبدئياً على سعر تبادل الأسهم.. واكتمال الاندماج يخلق سادس أكبر بنك فى الخليج.. و«الأهلى التجارى السعودى» وبنك الرياض يستحوذان على 31% من أصول القطاع محلياً
ويمثل الإعلان عن بدء مناقشات دمج أكبر بنكين فى السعودية وهما البنك الأهلى التجارى السعودى، وبنك الرياض ثانى حالات الاندماج فى حالة اكتماله بالقطاع البنكى السعودى خلال الفترة الأخيرة، بعد الاتفاق الملزم بين «ساب» و«الأول» الذى تم فى أكتوبر الماضى، والمتوقع أن يخلق ثالث أكبر بنك سعودى.
ويقدر حجم أصول البنك الأهلى التجارى السعودى، وبنك الرياض معاً بنهاية الربع الثالث 2018، نحو 685 مليار ريال أى ما يقرب من 183 مليار دولار، بما يمثل 31% من أصول القطاع المصرفى فى البلاد.
وتُشير بعض الآراء إلى أن التوجه للاندماجات قد يكون توجهاً حكومياً قبل دخول بنوك أجنبية ضخمة للسوق، بعد أن أصبحت الحكومة السعودية أكثر مرونة فى منح التراخيص للبنوك الأجنبية عن السابق، خاصة أن الحكومة السعودية تمتلك 64.3% من أسهم رأسمال البنك الأهلى التجارى، ونحو 47.7% من بنك الرياض، ما يدل على أن قرار الاندماج جاء حكومياً.
واتجهت السعودية مؤخراً إلى تخفيف القيود الخاصة بدخول البنوك الأجنبية للسوق المحلية، فى ظل تراجع أسعار النفط عالمياً، رغبةً منها فى جذب استثمارات أجنبية لتنويع مصادر الدخل البعيدة عن النفط، وكان آخر البنوك الأجنبية الحاصلة على تراخيص لافتتاح فروع فى السعودية، المصرف العراقى للتجارة وبنك «طوكيو ميتسوبيشى».
وفى خطوة مماثلة لتحركات المنطقة وافق بنك بروة على مقترح الدمج مع بنك قطر الدولى، ومن المتوقع أن ينتج عن عملية الاندماج كيان مشترك مجموع أصوله 80 مليار ريال قطرى، وبقاعدة حقوق المساهمين تزيد على 12 مليار ريال قطرى، مع تجميع مراكز القوة الرئيسية لدى البنكين، فى مجال خدمة الأفراد، وخدمة الشركات والمؤسسات الحكومية، وأسواق رأس المال وإدارة الثروات والأصول، مما سيمنح الكيان المشترك القدرة التنافسية العالية والقدرة على تلبية احتياجات شريحة أوسع من العملاء وبالتالى زيادة الحصة السوقية والابتكار فى المنتجات.
تخفيض تكاليف التشغيل وتقديم خدمات تنافسية أبرز المكتسبات المنتظرة من الدمج.. و«كريدى سويس» و«بيريلا واينبرج» مستشاراً لدمج «بروة» و«قطر الدولى»
وذكر بنك بروة أنه تم تعيين كريدى سويس كمستشار مالى لبنك بروة وكيو إنفيست كمستشار لمجلس الإدارة، وبيريلا واينبرج كمستشار مالى لبنك قطر الدولى وذلك لتقديم المشورة بشأن عملية الاندماج، كما اتفق البنكان على تعيين إحدى شركات الاستشارات الإدارية للاندماج لوضع خطة متكاملة لتحقيق الأهداف المرجوة للكيان البنكى المشترك أهمها زيادة الإيرادات وخفض التكاليف والتى ستوفر قيمة مضافة للمساهمين وعملاء البنكين.