«الإمبراطورية العثمانية»: توتر دائم بين «الولاية المصرية والسلطان» أدى إلى «أزمات وصدامات»
صورة توضح غزو الجيش العثمانى عدداً من البلدان الآسيوية والأفريقية
أفردت «الموسوعة» فصلاً عن «الفتح العثمانى لمصر»، الذى كتبه الباحث «ر. فيسبلى»، والذى أكد أن ضم مصر إلى «الإمبراطورية العثمانية» كان مكسباً مهماً لها، لأنه عزز بلا شك إمكانياتها الاقتصادية، وقوتها السياسية، إلا أن العلاقات بين الحكومة العثمانية المركزية و«الولاية المصرية» شهدت تقلبات ضخمة طوال الوقت، مما أفضى إلى مناخ يسوده التوتر الدائم بين الطرفين.
وقال «فيسبلى»، فى «الموسوعة»، إن العلاقات السياسية والاجتماعية كانت مصدراً للنزاع فى هذا الوقت، على غرار الحال فى الولايات الأخرى، لكن التدهور المطرد للإمبراطورية العثمانية أفضى إلى صدامات اجتماعية أكثر تكراراً وضراوة، مصحوبة بأزمات سياسية، واقتصادية، مما أدى إلى بذل جهود مستمرة فى سبيل تحقيق اللامركزية، وكان الهدف حتى ذلك الحين هو السيطرة على اقتصاد البلاد، ومؤسساتها السياسية، وليس إقامة «دولة مستقلة». وأوضحت الموسوعة أن هناك «قوة انفصالية» عن «الإمبراطورية العثمانية» ظهرت فى مصر خلال أواخر القرن الثامن عشر، وأنها لم تكن ظاهرة منعزلة فى البلدان العربية التابعة لـ«الإمبراطورية العثمانية»، مضيفة: «فقد قامت دول على درجات متفاوتة من الاستقلال فى منطقة طرابلس الغرب، والعراق، وسوريا فى ذلك الوقت، كان بعضها فى حوزة حكامها وراثياً».
مصر خرجت من عزلتها التى دامت قروناً وبدأت مشاركة إيجابية فى تطور المنطقة
واستطردت: «أما فى مصر فإن بعض أوجه هذه المرحلة الأولى من نمو القوى الانفصالية كانت أيضاً من السمات المميزة لتطور هذا البلد خلال القرنين التاسع عشر والعشرين»، مضيفة: «وقد شمل ذلك أنشطة البكوات المصريين فى شبه الجزيرة العربية وسوريا، وهى الخطوة الأولى فى سياسة محمد على التوسعية، وعزوف البكوات ومحمد على أيضاً عن تخليص حاكم كامل الاستقلال تقريباً من آخر ما تبقى من آثار الخضوع للسلطان العثمانى».
وواصلت: «وقد كانت الحملة التى قادها حسن باشا عام 1787 إرهاصاً بحملة نابليون بونابرت فى مسارها، وفى تأثيرها على السكان المقهورين؛ فقد أظهرت كذلك النهج العسكرى لنظام المماليك، وهو عجز كشفته الحملة الفرنسية تماماً، يضاف إلى ذلك أن الحملة العثمانية بوصفها محاولة لتحطيم القوى الساعية إلى اللامركزية، ولتعزيز الروابط بين الولاية والحكومة المركزية، كانت فيما يبدو أول مثال يعتد به على محاولات العثمانيين تحقيق المركزية فى القرن التاسع عشر».
الحملة العثمانية كانت أول مثال يعتد به على محاولات العثمانيين تحقيق المركزية فى القرن التاسع عشر
واستطردت: «أما اهتمام مصر المتزايد بالأقاليم الواقعة فيما وراء حدودها، واتصالاتها بممثلى الدول الأجنبية، وسعيها إلى إقامة علاقات تجارية مستقلة مع مناطق أخرى، فهذه كلها أمور تدل على أن مصر قد خرجت من قوقعة عزلتها التى دامت قروناً، وبدأت تشارك مشاركة إيجابية فى تطور منطقتها، وقد تحقق فى آخر الأمر التغلب على العزلة التى كانت مصر فى سبيلها إلى الخروج منها ببطء، عندما بدأت فرنسا توسعها الاستعمارى فى شرق البحر الأبيض المتوسط، ومع تزايد مشكلات المسألة الشرقية، واتساع نطاق الاستعمار الأوروبى أصبحت مصر بلداً يتسم بأهمية كبرى بالنسبة لـ(السياسة العالمية)».
وقالت «الموسوعة»: «كانت الفترة الممتدة من سقوط سلطنة المماليك عام 1517، حتى مجىء الحملة الفرنسية عام 1798 من الفترات التى تحدد فيها تطور مصر إلى حد كبير بفعل ديناميتها الداخلية الخاصة، وكذلك بانتمائها إلى الإمبراطورية العثمانية التى كانت مصر جزءاً منها، بيد أنه على خلاف المناطق الأوروبية من الإمبراطورية لم تتأثر مصر إلا قليلاً بالتطورات السياسية التى كان مسرحها مركز الإمبراطورية، ولم يبلغ التطور الاجتماعى الاقتصادى فى مصر مرحلة نشوء طبقة البرجوازية، وعلى ذلك فإن مصر من الناحية الاجتماعية لم تتجاوز حدود المرحلة المتأخرة من التشكل الاجتماعى، الذى يعرف تقليدياً باسم (الإقطاع)».