كل طموح «عم محمود» فى الحياة.. سرير فى مستشفى
«محمود» يعرض أوراق مرض زوجته
مات اثنان من أبنائه أثناء أحداث ثورة 25 يناير، وما تلاها من احتجاجات غاضبة ضد حكم الإخوان، فأصبح الأب، صاحب الـ70 عاماً، وحيداً على عكازه الخشبى بعد أن فقد سنده فى الحياة، وانفضت من حوله الجرائد والكاميرات وكذلك الصحفيون الذين طالما حرصوا على مقابلته.
يجلس محمود السنارى فوق كنبة خشبية مغطاة بقطع قماش بالية داخل أحد المنازل بمنطقة المقطم التى يسكنها منذ عشرين عاماً، وخلفه على الحائط علق بروازين كبيرين يحملان صورة نجليه «عبدالله» و«محمد»، وتحت الصورتين بخط واضح «كل نفس ذائقة الموت»، وإلى جانبهما تاريخ الوفاة.
فقد ولديه فى الثورة.. ويتمنى علاج زوجته المريضة
لا يمل الرجل العجوز من ذكر نجله الأكبر، الذى كان يعمل سائقاً لإحدى سيارات الأجرة، مخصصاً دخلها للإنفاق على احتياجات المنزل وعلاج والدته المصابة بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم: «بعد عبدالله ما مات مابقاش عندنا مصدر دخل، وباخد 350 جنيه معاش من الشئون، وده مابيكفيش حاجة». زادت الأعباء حتى أثقلت كاهل «محمود» بعد تعرض زوجته، لواحظ الصباحى، 65 عاماً، لمضاعفات مرضها بسبب نقص الأدوية: «علاجها وكشفها بيكلفنى فى الأسبوع 300 جنيه، وديتها كام مرة، وبعدين ماقدرتش على الفلوس دى كلها»، مما أدى إلى ارتفاع نسبة السكر فى الدم وتعرّضها لغيبوبة أثناء الاستحمام وإصابتها بكسر فى الحوض.
لم يترك الرجل السبعينى باباً للعلاج فى أى مستشفى حكومى إلا وطرقه، أملاً فى تخفيف آلام زوجته طريحة الفراش، يغالب «محمود» دموعه ويروى معاناة زوجته بكثير من الأسى والألم: «طول النهار بتتوجع من التعب ومش عارفين نعمل ليها إيه، وكل المستشفيات اللى رُحتها مافيهاش سراير، ولازم نستنى دورنا فى الكشف، وهى كل يوم بتبقى أسوأ من اللى قبله»، اضطر الزوج إلى بيع الكشك الخاص به الذى يقع على بُعد خطوات من منزله علّه يوفر المال الكافى للعلاج: «بعته وقُلت مش مشكلة، المهم هى تخف وتبقى كويسة، وأرجع أستلف مبلغ وأفتحه تانى»، لكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، فخسر الرجل مصدر دخله الوحيد، ونفدت أمواله قبل أن تتماثل زوجته للشفاء: «مش عايز غير إنها تبقى كويسة، وألاقى مصدر دخل كويس أجيب لها بيه الدوا».