م الآخر| تقاطع قاهري (13) ليس لنا إلا الهجرة
تعرف عز في الصالة على (أحمد)، شاب في مثل ظروفه تخرج منذ عدة سنوات ولا يعمل، ولضيق الحال ينوي الهجرة والعمل في الخارج.. كان أحمد يتدرب معه يوميًا، وتبادلا الحديث حول أن الحياة في مصر لم تعد تحتمل، والسفر إلى أي بلد آخر أفضل بكثير من البقاء في مصر بلا عمل!.
قال أحمد لعز، في أي دولة إلا مصر الرواتب تحترم آدمية العاملين فيها، وحقهم في تكوين مستقبلهم،
وبقائنا في مصر يعني موتنا ونحن أحياء، أما بالسفر فسوف تعمل في مهنة محترمة إن كان لك حظ، أو حتى مهنة سيئة في البداية حتى تجد الأفضل، لكنك ستحصل على أضعاف ما تحصل عليه في مصر، وحينها تستطيع أن ترسل لأختك وأمك الأموال التي تجعلهم يكملون حياتهم بصورة كريمة، وخاصة أن أختك اقتربت من سن الزواج كما تقول.
ثم انظر إلى والدك رحمه الله، هل جمع أمواله التي تصرف عليكم الآن من مصر؟، كل ما جمعه حصل عليه من العراق.. صحيح لم تدم أموال العراق، ولم تدم العراق نفسها، لكن يبقى أن الأموال تجمع من خارج مصر وليس منها، فكر يا صديقي فيما أقوله لك فالحل في السفر.
فكر عز كثيراً في كلام أحمد، لكن المشكلة التي تبقي لديه هي، كيف يترك أمه وأخته في مصر بمفردهم، وهم لا عائل لهم؟، الخيار صعب جدًا لكنه بالفعل لا يجد بديلًا أفضل من السفر، وقد فعلها والده من قبل.. وبعد طول تفكير وصل عز في النهاية، إلي أن الأموال التي سوف يرسلها من الخارج سوف توفر لأمه وأخته الآمان والاستقرار بأفضل من وجوده معهم بلا عمل!.
زادت الهواجس التي تسيطر على حاتم، لدرجة أنه أصبح يحقد على حيوانات الشوارع التي يراها في الصباح وهو في طريقه لفتح الصالة، إنها حرة تفعل ما تريد، في أي وقت تريد، وبدون أي مشاكل تتزوج كل يوم، وفي أي وقت، عكسه هو لا يستطيع أن يفعل شيء.
إن علاقته بعائلته متوترة للغاية، والده حاد المزاج جدًا ونهم للطعام بشدة، ومدمن لأنواع مختلفة من المخدرات، ومع ذلك معافى في بدنه، لا أعرف أين تذهب الأمراض عنه؟.. لم ينجح والده في جمع الأموال، مع أنه عاش في عصر الانفتاح الاقتصادي، وكان صاحب مهنة يدوية، يحقد والده على أصدقائه الذين وصلوا إلى أعلى المراكز، فافتتحوا محلات وشركات، ومنهم من حصل على عضوية مجلس الشعب (عمال)، بينما والده ظل كما هو، بسبب إهماله وعدم مراعاته للزمن، مع أنه كان أكثرهم في المكاسب.
كل ذلك لا يهم، الذي يهم ويزيد من معاناة حاتم، هو ضرب والده لأمه، أنه يضربها ويحصل على أموالها من أجل المخدرات، حتى النقود التي يحصل عليها حاتم من عمله بالصالة، يحصل والده على جزء كبير منها..
فكر حاتم أن يبلغ الشرطة عن والده، وعن تعاطيه للمخدرات ولكنه لم يستطع.. فمجرد التفكير في فكرة أن والده يُقبض عليه في قضية مخدرات، يعني أنه بيديه سيدمر مستقبله، ومستقبل أخته بالأخص إلى الآبد، أنه سيدمر سمعة العائلة تمامًا، وستكون أخته صاحبة أشد الضرر.