السيسي ومؤتمر «ميونخ للأمن».. دورة جديدة في «ظروف استثنائية»
الرئيس السيسي
يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، غدًا، في أعمال مؤتمر "ميونخ للسياسات الأمنية"، الذي تنطلق أعماله في مدينة ميونخ الألمانية، ولمدة 3 أيام، بحضور نحو 35 من رؤساء الدول والحكومات و50 من وزراء الخارجية و30 من وزراء الدفاع و600 من الخبراء العسكريين والأمنيين والدبلوماسيين والاستراتيجيين.
ويعد الرئيس السيسي أول رئيس لدولة غير أوروبية يتحدث في الجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونخ للأمن، والتي سوف تعقد بمشاركة المستشارة الألمانية "ميركل"، منذ تأسيس المؤتمر عام 1963 ما يؤكد مكانته لدى الدوائر السياسية الألمانية والدولية، فضلاً عن الأهمية التي تعلقها تلك الدوائر على دور مصر فى المنطقة والحفاظ على استقرارها، خاصةً في إطار التصدى للإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
*ما هو "مؤتمر ميونخ للأمن"؟
هو منصة عالمية فريدة لمناقشة القضايا الأمنية، وحسب بعض وسائل الإعلام الألمانية، فإن "مؤتمر ميونخ" يكاد يكون المكان الوحيد الذي يجتمع فيه هذا الكم الهائل من الدول وممثلي الحكومات حتى تلك التي لا تجمعها علاقات ودية أو في علاقات عداء.
ومن المميزات الأخرى للمؤتمر، أنه لا يقتصر في سيره على البرنامج الرسمي المعلن، بل أنه فرصة لإجراء مباحثات ومشاورات غير رسمية بين حكومات الدول أو المشاركين، فيه يمكن أن يتم صياغة مواقف سياسية بعينها، وفيه يمكن أن يتم تجاوز بعض الخلافات أو يتم تبادل بعض الأفكار لحل بعض النزاعات الدائرة.
وعندما تأسس المؤتمر عام 1963 كان الهدف الأساسي تقريب وجهات النظر بين الدول لتفادي اندلاع الحروب.
وما يصدر عن المؤتمر بطبيعة الحال ليس قرارات ملزمة عكس الحكومات، ويترأسه منذ عام 2009 الدبلوماسي الألماني المخضرم فولفجانج إيشينجر.
وحرص المؤتمر بعد نهاية الحرب الباردة على توسيع نطاقه بحيث لا يقتصر نطاقه على الدائرة الغربية الضيقة.
وفي الدورات الأخيرة اتسع المنتدى ليكون منصة للدبلوماسيين والباحثين ولا يقتصر فقط على القضايا الدفاعية.
*التأسيس:
أُطلق مؤتمر الأمن بميونيخ في عام 1963، والذي كان يطلق عليه آنذاك بـ"اجتماع العلوم العسكرية الدولي"، بحسب تقرير لشبكة "دويتشه فيلا" الألمانية.
وكان الآباء المؤسسون هما الناشر الألماني إيفالد فون كلايست، وهو أحد مؤيدي المقاومة ضد أدولف هتلر والفيزيائي إدوارد تيلر.
وأصبح الفيزيائي المجري، الذي ينحدر من أصول يهودية واحداً من رواد صناعة القنبلة الهيدروجينية في الولايات المتحدة الأمريكية.
إلا أن المؤتمر قام بتغير اسمه لاحقاً إلى "مؤتمر العلوم العسكرية الدولي" واعتبر لسنوات مؤتمراً "للدبابات والصواريخ المضادة"، وبوصفه "مؤتمر ميونيخ للأمن"، انفتح جدول أعماله أكثر على قضايا الأمن العالمي.
*المشاركة في المؤتمر:
حسب المعلومات المتداولة فإنه من المتوقع أن يشارك في مؤتمر ميونخ الذي سينطلق الجمعة نحو 700 مشارك من مختلف الدول، وفي حضر أكثر من 1200 صحفي، وهو عدد يتفوق بمعدل الضعف تقريبا عن المشاركة في عام 2018 والتي وصلت إلى نحو 350 مسؤولا يمثلون 70 دولة شاركت في المؤتمر خلال هذا العام.
جدير بالذكر أن أول مرة انعقد المؤتمر فيها كانت عام 1963 أي عام التأسسيس وهي الدورة التي شارك فيها 60 شخصا ياتي وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر كأبرز المشاركين بينهم.
*التمويل:
ويقدم "مؤتمر ميونخ للأمن" نفسه على أنه جهة مستقلة في تمويلها وأنه مؤسسة غير ربخية، لكنها في الوقت ذاته تستفيد بشكل كبير من الإعانات الحكومية، وتبلغ ميزانيته نحو 2 مليون يورو تشمل الدعم الحكومي الذي يضم كذلك رواتب الموظفين وتكاليف المواد التي يتم استخدامها، إلى جانب أن شركات ألمانية ودولية كبرى ترعى المؤتمر.
"مجموعة النواة":
مجموعة النواة بمؤتمر ميونخ للأمن، هي اجتماعات بدأت في عام 2009 يشارك فيها عدد من الوفود رفيعة المستوى لمناقشة السياسات الدولية وقضايا الأمن الدولية بشكل غير معلن، وهي اجتماعات تدور لمناقشة بعض القضايا الأخيرة مثل ملف البرنامج النووي الإيراني.
جائزة "إيفالد فون كليست":
جائرزة أطلفها "مؤتمر ميونخ للأمن" أيضا في عام 2009 وتمنح للأفراد الذي يشاركون بشكل بارز في دعم السلم والأمن الدوليين والمساهمة في حل النزاعات وتهدئة التوترات والخلافات في العالم ومن بين أبرز من فازوا بها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر.
أبرز قضايا المؤتمر الحالي:
تكتب الدورة الجديدة لمؤتمر ميونخ أهمية كونها تواكب عدد من الأزمات العالمية والتي اتضحت حتى من جدول أعمال المؤتمر مستقبل الرقابة على الأسلحة والتعاون بين الدول في السياسات الدفاعية وأيضا العلاقة بين القضايا الأمنية الدولية والقضايا التجارية أو التفاعل بين السياسات التجارية والسياسات الأمنية في العالم، وتاثير بعض الظواهر كالتغيرات المناخية والتقدم التكنولوجي على قضايا الأمن.
وسيركز المؤتمر كذلك على القضايا المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، والذي يشهد أزمة حالية منذ اتجاه بريطانيا للخروج من الاتحاد، فضلًا عن الخلافات الدائرة بين الدول الأعضاء وأبرزهم الخلافات الفرنسية - الإيطالية.
ومما ساهم في تعقيد المشهد العالمي قبل الدورة الحالية توتر الأجواء بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين واندلاع حرب تجارية بينهما في بعض الأوقات، وكذلك تصاعد التوترات والخلافات بين "واشنطن" وروسيا.
السيسي يحمل قضايا المنطقة والقضايا الإفريقية
من جهته، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنَّ "المشاركة المصرية هذا العام تأتي في إطار رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، وسيحمل الرئيس عبدالفتاح السيسي قضايا المنطقة وإفريقيا في الوقت ذاته، وتأتي القضية الفلسطينية ولديها اهتمام خاص لدى الرئيس السيسي في ظل المبادرات الأمريكية المختلفة بخصوص هذه القضية، ووجود مختلف الفاعلين الدوليين المعنيين بهذا الملفة في المؤتمر".
وأضاف "حجازي" في اتصال هاتفي لـ"الوطن": "الملف السوري والإيراني سيكون له محله من النقاش، وتأتي رؤية مصر لمكافحة الإرهاب كأولوية لدى الرئيس السيسي وهي الرؤية التي لا تقوم على المواجهة الأمنية والعسكرية فقط، بل تشمل المواجهة الإيديولوجية والثقافية وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وخاصة قطر وتركيا التي يشار لها في هذا الملف".
وتابع السفير حجازي: "تواجد المجتمعات المعلوماتية ومجتمعات الاستخبارات والباحثين في هذا المؤتمر تضع نصب عينيها مواجهة الإرهاب بشكل عام دون انتقائية، وممارسة نوع من الضغط السياسي على الدول الداعمة للإرهاب".
وقال "حجازي": "الرئيس السيسي بالتأكيد سيوجه حديثه كذلك حول جذب الاستثمارت غلى مصر وإفريقيا، وعامة الرؤية المصرية تحظى باهتمام خاص لدى الدول المشاركة".
وحول أهمية وتأثير ما يصدر عن هذا المؤتمر، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق: "مؤتمر ميونخ صحيح أنه حوار غير رسمي، إلا أنه يتم بين الفاعلين الدوليين الرئيسيين في صنع السياسات والمعلومات والاستراتيجيات والاقتصاد والتنمية، هو حوار غير رسمي يتم خلاله تناقل الأحاديث المهمة التي تسهم في صياغة سياسات الدول في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاستراتيجية، ومواجهة المشكلات المختلفة التي طرحت نفسها على الساحة الدولة كأزمة الاتحاد الأوروبي والتنافس بين ضفتي المحيط الأطلسي ومشاكل التنمية في قارة إفريقيا، وغيرها من القضايا".