م الآخر| رسالة إلى السيد الرئيس المقبل
تحية طيبة وبعد..
لقد تشرفت يا سيدي بقضاء مدة خدمة عسكرية وقدرها سنتين انتهت في عام الثوره 2011 ولا أخفي عليك وعلى القارئ العزيز سرًا أنني كنت من المعارضين جدًا لثورة يناير ليس اعتراضًا على مبدأ الثورة في حد ذاته وليس حبًا في رئيس الجمهورية السابق وليس رضا مني بأحوال البلاد والعباد التي ساءت كثيرًا إلى درجة يصبح فيها التمرد على الوضع هو الحل الوحيد ولكن خوفًا على الدولة من الانهيار الذي عشنا جزءًا كبيرًا منه بعد وصول من لا خبرة لهم بإدارة شؤون البلاد إلى سدة الحكم.
التزمت جدا حينها بالحيادية التي تفرض علينا ألا ننتمي إلى أي تيار معارض أو مؤيد كما علمتنا العسكرية وكانت مهمتنا آنذاك حماية أساس الدولة من الانهيار وانتهت مدة خدمتي العسكرية وبدأت في قراءة الواقع المؤلم لأكتشف حقائق أكثر ألمًا من الواقع وأهمها أننا كنا وما زلنا نعاني من مرض عضال في جسد الهوية المصرية ألا وهو غياب العدل.
عدل رجل المرور في تسيير السيارات في اتجاهها مهما كان قائدها ورتبته دون أن يخشى العقاب فيما بعد عدل الأجهزة المعنية بالتوظيف في المصالح الحكومية دون النظر لواسطة فلان وأبو علان عدل موظف الخدمات الجماهيرية أو المعاونة في المصالح الحكومية الذي يقدم خدمته لمن يدفع نظرا لضيق اليد والمرتبات الهزلية التي لا تكفي العيش حاف عدل رئيس المكتب الحكومي في توزيع الأدوار دون الضغط على موظف بعينه لأنه الأحدث عدل منفذ توزيع الخبز في بيعه للمواطنين دون إكرامية لجار أو (زبون بيدفع أكتر) وغيرها الكثير من الأمثلة التي لا يحتمل الوقت ذكرها نعلم تمامًا أن الحكومات لا تستطيع تحديد تصرفات أفرادها ولكننا لا نعلم لماذا لا نقوم بالرقابة عليها حتى نضمن حسن التصرف وهنا أقصد الرقابة الحقيقيه يا سيدي وليست الرقابة الصورية وأنت أعلم مني بهذا... أعلم أنك الآن تقول في قرارة نفسك لا تحملني فشل حكومات متعاقبة وأنا لا أفعل هذا ولكني أضع صوب عينيك حلما لطالما تمنينا تحقيقه كثيرا ولم نجد من يعيننا على ذلك فهل تستطيع ؟؟؟
هل تستطيع أن تجعل العدل منهاجا نسير عليه لنرتقي؟ هل تستطيع أن تجعل العدل بشرى للطلاب تزيدهم حماسهم في تحصيل العلم ؟؟؟ هل تستطيع أن تجعل العدل حكمًا بيننا يحكم بما لنا وما علينا؟ هل تستطيع أن تجعل العدل قانون يحاسب من يتجاوزه؟ نعم يا سيدي العدل ثم العدل ثم العدل.. فقد مللنا إرهاب وتدمير وعجز اقتصادي وفكري وإنساني للأسف والحل الوحيد الآن هو العدل.. أخيرًا سيدي الرئيس إن لم ترَ نفسك كفئًا لتلك المهمة فالأكرم لك ولنا أن تتركها لغيرك فقد سئمنا التجارب.