مخطئ من يظن أن الحب قاصر فقط على بني آدم، ففي فناء فسيح، وسط الأشجار والأعشاب الخصراء، تمارس الحيوانات طقوس الحب والمودة، رغم المتاعب التي تحيط بها، من التضييق عليها وحبسها بين أسوار مخصصة لكل فئة منهم تقيدها وتحد حركتها، لكن هذا لم يمنع الحيوانات من إظهار مشاعر الحب بين بعضها البعض، لاسيما مواسم التزواج، أو بين حراسها الذين يرافقوها لفترة طويلة يومياً، أو الزوار الذين يطعمون الحيوانات بأيديهم فيكون هذا بمثابة هدايا لها.
وبمناسبة "الفلانتين" وفبراير شهر "الحب" الذى لم يقتصر فقط على البشر ترصد "الوطن" مظاهر الحب بين الحيوانات الذى أخذ أشكالا مختلفة مع تساقط المطر وبرودة الجو، سواء من حيث الاكتفاء بزوجة واحدة أو التعدد، أو البقاء منفرداً، من خلال معايشة حية من حديقة حيوان الجيزة التي تعد أكبر تجمع للحيوانات البرية فى مصر والشرق الأوسط، فضلاً عن احتوائها على أنواع شتى من الطيور والحيوانات تمثل بيئات العديد من دول العالم.
خلف مبنى محاط بسور حديدي تاركاً مساحة ضيقة يقيم "بندق" حيوان الراكون الشبيه بالثعلب مع زوجتيه الاثنتين منذ ما يزيد على 4 أعوام، يرافقهما في كل شيء في الأكل والشراب، يداعبهما واحدة تلو الأخرى أمام الزوار، ويقول عم سيد حسن الحارس الخاص لـ"الراكون" منذ 9 سنوات، إن "بندق" تزوج اثنتين منذ فترة، لأنه عندما تلد إحدى زوجتيه تتفرغ لرعاية أبنائها فيبقى وحيداً لذا تزوج اثنتين، موضحاً أنه لو ترك أبناؤها الصغار مع "بندق" فسوف يأكلهم غيرة على زوجتيه، لذا يتم وضع المولود مع أمه في مكان آخر.
وعلى بعد أمتار قليلة من "بندق" توجد حظيرة النعام التي التف حولها الأطفال ليطعموهم "الخس" ويلتقطوا معهم الصور التذكارية، وبخلاف الكثير من الحيوانات والطيور فإن النعام له طبيعة خاصة في حبه وعلاقته العاطفية، فبحسب الحارس عم "محمد" يحتاج "الدكر" من 2 إلى 4 زوجات حتى يعيش بشكل طبيعى ويتكاثر وينجب، وفي حال تم تقليل العدد ربما يؤدي ذلك إلى قتل الزوجة أو إعيائها، موضحاً أن "جاميكا" له 4 زوجات من النعام وهم جنى ونورا وولاء ونانسى، ويعد لهم طعاما مخصوصا من البصل والبيض المسلوق والعلف المحصن.
ومن النعام إلى القرود تجد الحب يتجسد في أبهى صورة ما بين العاطفة ومشاعر الأمومة التي لا مثيل لها، فقد جمعت جبلاية صخرية متسعة وسط الحديقة عدة أزواج من القرود، التف الكثير من الزوار حولها معبرين عن سعادتهم بما شاهدوه فيها من مشاعر جياشة بين القرود، خاصة عندما احتضنت أنثى صغيرة الحجم رضيعها الذى لم يتجاوز عدة أشهر، وأخذت تتحرك به وسط عائلتها الكبيرة تحتضنه تارة وتارة أخرى تبحث عن طعام، وعندما بدأ ينزل المطر التفت العائلة المكونة من الأم والأب والرضيع فى أحضان بعضها، لتبدو الجبلاية وكأنها ساحة تجمع للقرود العشاق تحت المطر.
وهناك الكثير من قصص الحب بين القرود التي تتعد أنواعها في حديقة الحيوان، مثل قصة حب "سوسو وزعبولا" التي بدأت أكثر من 10 سنوات يتبادلان خلالها المشاعر وقد أنجبا الصغير "مروان" الذى يقيم أعلى حظيرتهما، وكذلك القرد سيكا وفوقية المطلقة والتى قدمت إلى الحديقة مؤخراً، وتحب الحارس وتنفذ طلباته لإسعاد الزوار.
ومن قصص الحب المثيرة في حديقة الحيوان الجمل الآسيوي "صلاح" وزوجته "رشا" اللذين جمعتهما قصة حب منذ زمن طويل رغم أنها تصغره في السن والحجم، فيقول الحارس سيد فكري "هما بيحبوا بعض جداً وإلا ما كانش خليناهم مع بعض"، موضحاً أن هذا طبع الحيوانات الموجودة فى الحديقة بشكل زوجى.
وعلى الجانب الآخر، هناك العديد من الحيونات التى كانت تعانى الوحدة نظراً لندرتها فى الحديقة مثل حيوان الشيزبوني الأمريكي الذى يشبه الحصان الصغير وحجمه ضخم لكنه قصير وهو يألف الزوار ويطعمونه "الخس" و"الجزر" من أيديهم، والزرافة سوسو الجميلة التي تحب "عم" محمد الحارس الخاص بها، وتألف الزوار بسرعة وتتفاعل معهم وتأكل الجزر والتفاح من فوق رؤوسهم.
ورغم أن الفيل هو الحيوان الأضخم في حديقة الحيوان إلا أنه قضى عيد الحب وحيداً بين جدران غرفته ليلاً، وفي الصباح وجد جموعا غفيرة من الزوار أمام منزله يداعبونه ويطعمونه البطاطا، ويلتقطون معه الصور، وتكرر هذا الموقف مع الأسد ملك الغابة الذي قضى عيد الحب بين جدران عرينه منفرداً رغم أن لبوءته كانت في العرين المجاور له.
تعليقات الفيسبوك