«إخناتون» أقسم بحياة والده ألا يغادر «مدينة الموتى» مدى الحياة
الاكتشافات تتوالى فى «سراديب» مدينة الموتى
تُعرف بـ«مدينة الموتى»، وتقع على بعد 18 كيلو من مدينة ملوى وتحديداً فى الجبل الغربى بالمنيا، تضم أكبر جبانة تسمى بجبانة مدينة الأشمونيين، وهى الجبانة المتأخرة لمدينة الأشمونيين، إنها «تونا الجبل»، جاءت التسمية من الاسم القديم «تا ونت» وتعنى «أرض الأرنب» أو «تاحنت»، وتعنى أرض البحيرة أو البركة، وكلمة الجبل جاءت لأنها تقع فى حضن الجبل الغربى، وكانت تسمى «تونى»، ثم تحرّفت إلى تونا، ثم أضيفت لها كلمة «الجبل».
فرج عبدالعزيز الجهمى، مدير مكتب تنشيط السياحة بالمنطقة، أكثر شخص يحفظ «تونا الجبل» عن ظهر قلب، قال عنها إنها من أهم مناطق الجذب السياحى فى المنيا، نظراً لمواقعها الأثرية المهمة، أبرزها مقبرة بيتو زيروس (بادى أوزير)، وهو كبير كهنة الإله تحوت أو حجوتى فى الإقليم الخامس عشر، وتعتبر مقبرته الوحيدة التى أخذت شكل دور العبادة القديمة (معبد)، فهى بُنيت فى الفترة من 340 حتى 360 قبل الميلاد، وهى فريدة من نوعها، وبها 8 كهنة داخل بئر دفن بالمقبرة لأسرة «بيتو زيروس»، وهى أسرة كهنوتية، وتابوت «بيتو زيروس» ما زال موجوداً حتى الآن فى المتحف المصرى بحالة جيدة ومن أجمل التوابيت، وتشير مقبرته بتونا الجبل إلى انتهاء العصر الفرعونى تماماً، وبداية عصر جديد هو اليونانى والرومانى.
أكبر جبانة تفتح ذراعيها لاستقبال الخواجات
وتضم تونا الجبل «الساقية الرومانية»، وهى أكبر صهاريج المياه فى المنطقة، وتحفة هندسية رومانية رائعة، حيث توجد بئر على عمق 40 متراً فى باطن الأرض، مبنية بالطوب الأحمر، وتنتهى ببئر أخرى عمقها 30 متراً، وكان المصريون القدماء والرومان يستخرجون منها المياه بغرض الشرب ورى الأشجار وشرب الطيور وتطهير وتحنيط الموتى، وكانت تستخدم المياه فى بناء المقابر، وكان بجوار الساقية التى اكتشفها الدكتور سامى جبرة حديقة تضم أشجاراً لفاكهة «الدوم» التى كان يعيش عليها طائر «الأيبس» وقرد «البابون» رمزا الإله جحوتى، وأثناء اكتشاف الساقية عثر «جبرة» على عش وريش لطائر «الأيبس» وبقايا أفرع وجذوع الأشجار بمنطقة تسمى المعبد الكبير، تقع بجوار الساقية التى توجد بجانبها مبانٍ قديمة أطلق عليها «الدكاكين» التى كانت تباع فيها تماثيل لطائر «الأيبس» وقرد «البابون»، ليشتريها المصريون القدماء ويقدمونها قرابين للكهنة.
وتضم «تونا الجبل» أيضاً «السراديب»، وهى آخر ما اكتشفه الدكتور سامى جبرة بالمنطقة عام 1938 وأطلق عليها «جبانة الأرواح الثانية» أو «سراديب الغموض والإثارة»، وهى أكبر جبانة للطيور والحيوانات المقدّسة، حُفرت بباطن الصحراء فى قلب الأرض على مساحة 50 فداناً، وحُرفت خصيصاً لدفن طائر «الأيبس» وقرد «البابون» والسراديب مكونة من أربعة شوارع رئيسية متفرع منها عشرات الشوارع الجانبية، وعُثر بها على آلاف من مومياء طائر «الأيبس» وقرد «البابون»، وتوجد بالسراديب مقبرة آدمية وحيدة للكاهن «عنخحور»، وهو كبير الكهنة وحاكم إقليم، وكان مشرفاً على أعمال تطهير وتحنيط ودفن الطيور.
وقد عثر الدكتور سامى جبرة على مقبرة كاملة وتوجد عند الباب الرئيسى للسرداب حجرة تسمى «ورشة التحنيط»، وما زالت توجد بها الأدوات المستخدمة، حوض حجرى كبير وأوانٍ فخارية ووسائل تحنيط مجمّدة داخل تلك الأوانى، كما يوجد على باب السرداب مبنى يسمى بـ«دار المحفوظات» أو «الأرشيف»، حيث كان لكل طائر مدفون ملف، وهذه السراديب من العصر البطلمى.
وتضم «تونا الجبل» أقدم مزار فرعونى، وهى لوحة حدود لمدينة «آخت أتون»، (تل العمارنة)، عاصمة الدولة الحديثة للأسرة الـ18 للملك إخناتون، الذى حدّد مدينته عاصمة التوحيد بـ14 لوحة حدودية، منها 11 فى تل العمارنة والحج قنديل بمركز دير مواس، و3 لوحات حدودية بمحيط «تونا الجبل»، منها هذه اللوحة بالمنطقة الأثرية بتونا، وهى أفضلها حالاً، ويظهر فيها الملك إخناتون والملكة نفرتيتى يتعبدان لقرص الشمس (آتون)، ومشهد آخر لإخناتون ونفرتيتى يقدمان القرابين للإله آتون، ومكتوب قسم على لسان إخناتون فى هذه اللوحة يقول: «أقسم بحياة والدى أمنحتب الثالث ألا أغادر هذه المدينة مدى الحياة».