في القليوبية.. "الجرائم الأسرية" كابوس يفتك بالأرواح
أرشيفية
هنا في القليوبية تفتح واقعة قتل موظف بالمعاش زوجته في إحدى قرى كفرشكر بسبب الخلاف على خطبة ابنتهما الطالبة الجامعية، ملف ظاهرة اختفاء قيم العائلة، وهو الأمر الذي يحتاج لدراسة وفحص، وخاصة في ظل انتشار الجرائم الأسرية والتي تصل إلى قتل الأخ لأخيه بسبب الميراث والابن لوالده بسبب مشكلاتها مع زوجته، وكلها أمور تؤدي إلى ضياع مفهوم "لمة العيلة" بعد أن طغت المادة وانقطع تواصل الأجيال.
المحاضر الرسمية وسجلات وقائع تحقيقات في عدد من جرائم القتل الأسرية في أقسام ومراكز الشرطة بالقليوبية تكشف حجم تزايد ظاهرة التفكك العائلي والأسري بعد تزايد الجرائم التي لها علاقة بالأسرة أو العائلة الواحدة بسبب الخلاف على الميراث ومشكلات الجيرة والخلافات الزوجية، حيث شهدت المحافظة العديد من هذه الجرائم ومنها ما شهدته مركز الخانكة من قيام عاطل يدعى "خالد.م"، 45 عاما، عاطل، بالتعدى على والدته المسنة بـ"يد هون" ولم يتركها إلا جثة هامدة، وتبين أنه مصاب بمرض نفسي وتشنجات.
وفي شبرا، قتل عاطل والدته عن طريق ضربها وسكب البنزين عليها، بسبب خلافات بينها وبين زوجته، حيث ضرب المتهم "سامح.ر" 35 عاما، عاطل، ومقيم بيجام بشبرا الخيمة، بضرب والدته "جمالات.ا" ربه منزل، في رأسها وخنقها ثم سكب البنزين عليها بسبب وجود خلافات بينها وبين زوجته بسبب أعمال المنزل، فقرر التخلص منها.
فيما تسببت ضائقة مالية في قتل سائق والدته بعد ضبطها له يسرق أموال منها وهو ما يكشف حجم التفكك الأسري بسبب الضغوط الاقتصادية، وكشفت التحقيقات في الواقعة أن المتهم "عادل.ع" 46 عاما، اعتدى على والدته "صفية.ح" بسكين خلال سرقتها بالإكراه فلقت مصرعها في الحال، وأوضحت التحريات أن المتهم هاجم والدته بغرض السرقة بالإكراه.
فيما شهدت مدينة شبين القناطر جريمة قتل بشعة، حيث تخلص عامل من شقيقته بخنقها وإلقاء جثتها في الرشاح بسبب حملها سِفاحا، حيث تبين أن المجني عليها "ب س" 24 عاما، وأن وراء ارتكاب الواقعة "م س" شقيق المجني عليها، الذي خنقها بسبب خروجها من المنزل وعلاقاتها المتعددة برجال، واكتشافه أنها حامل سِفاحا فخنقها وألقى جثتها فى رشاح بشبين القناطر.
وفي شبرا قتل شقيقان نجل شقيقتهما طعنا بالسكين للخلاف على دفع متأخرات مياه وكهرباء لشقة استأجرها المجنى عليه من خالتهما.
وتبين أن المجني عليه يدعى "عبد الله ر" 22 عاما، عامل، وأنه تشاجر مع كل من "ح.م" 45 عاما، وشقيقه "م"، 48 عاما، بسبب قيام المجني عليه باستجار شقة لدى خالة الطرف الثانى وبعد ترك المجني عليه للشقة رفض دفع متأخرات عداد الكهرباء والمياه فتوجه الشقيقان إلى المجني عليه لمعاتبته ومطالبته بدفع الأموال فرفض ونشبت بينهم مشاجرة انتهت بطعن الشقيقين المجني عليه عدة طعنات أودت بحياته، وتوصلت التحريات إلى أن المجني عليه نجل شقيقة المتهمين.
وفي القناطر، مزق عامل شقيقه بسلاح أبيض حتى الموت بقرية الخرقانية في مشاجرة بينهما إثر قيام المجني عليه بالتشاجر مع والدتهما ونهرها، ما أثار حفيظة المتهم الذي تشاجر معه واستل سكينا وطعنه عدة طعنات أودت بحياته.
بخلاف عدد كبير من القضايا ما بين القتل والشروع في القتل بين أفراد أسر وعائلات واحدة بسبب الخلاف على تقسيم الميراث وحدود الأراضي الزراعية المجاورة وراح ضحيتها العشرات على يد أشقائهم أو أقاربهم وهو ما فسره مصدر أمني بأنه ظاهرة تستحق الدراسة في ظل غياب الوازع الديني والأخلاقي الذي يتسبب في زيادة المشكلات لتصل لحد الاعتداء البدني والذي ينتهي بقتل شقيق لشقيقه أو قريب لقريبه بسبب مشكلة في الميراث أو الخلاف على قطعة أرض أو أموال وعقارات، مشيرا إلى أن الأسباب وراء هذه الظاهرة ترجع لضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة والاختلال العقلى والنفسى والضغوط الاجتماعية والنفسية والظروف الاقتصادية وأبرزها الفقر، بجانب إدمان المخدرات وكذا زيادة سرعة نمط الحياة والعداء بينهم وأساليب التنشئة الاجتماعية وزيادة العنف في الإعلام وفقدان الروابط الأسرية.
يقول الدكتور علي عبدالنبي الأستاذ بقسم الصحة النفسية بكلية التربية بجامعة بنها، إن انتشار ظاهرة التفكك الأسري والعائلي ظاهرة تناولتها دراسات كثيرة وكشف العديد من هذه الدراسات أسبابها بوضوح والتي منها الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الحديثة، والتي كان له دور مؤثر في اختفاء كثير من طباع العائلات ذات التكوين الضخم والترابط الأسري في المجتمع، حيث إن الاستخدام والاعتماد المفرط على تكنولوجيا العصر الجديد في القيام بمهام الحياة اليومية أثر بشكل مباشر في زيادة الفجوة بين أفراد العائلة الكبيرة والأسرة الواحدة، وبالتالي تسبب ذلك أيضًا في إحداث خلل في أداء الأشخاص لواجباتهم تجاه أفرد أسرهم فأصبح جميع أفراد الأسرة يقضون ساعات طويلة أمام التلفاز والإنترنت وباقي الأجهزة التكنولوجية الحديثة، الأمر الذي أعاقهم عن القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم الأسرية وفي إطار كل ذلك تكون العائلة هي الضحية الأولى للتعلق بالتكنولوجيا الحديثة التي تعيق الأفراد عن القيام بالواجبات المطلوب منهم.
ويوضح الشيخ صفوت أبو السعود وكيل وزارة الأوقاف بالقليوبية، أن المديرية تلعب دورا مهما من خلال زيادة الوعي الديني عبر حملات وخطب ودروس بالمساجد المختلفة والتي تقوم على التوعية بأهمية بناء الأسرة وكيفية حل المشكلات بدلاً من مضاعفاتها والقضاء على الإدمان والمخدرات وأيضا التوعية المجتمعية.
ويقول الدكتور إسماعيل بدر وكيل كلية التربية للدراسات العليا بجامعة بنها، إنه في مواجهة هذه الظاهرة يجب العمل على عدة محاور أهمها فيام مؤسسات المجتمع بالتعاون مع الإعلام على تقديم وعرض مجموعة من البرامج والندوات المحفزة للقيم والعادات السليمة، وبالتالي القضاء على المشكلات الأسرية في المجتمع، بجانب العمل على علاج الخلل والقصور وإعادة التكاتف والترابط الأسري للعائلات الكبيرة كما كانت على مدار العقود الماضية، مع العمل على عودة الحياة العائلية إلى مجتمعاتنا الشرقية إلى طبيعتها بما يساهم في إعادة تمسك عدد كبير من الأسر والعائلات من خلال الإقناع والعمل على انتشار مفهوم الترابط الأسري وترسيخه في وجدان الأجيال القادمة من الشباب من أجل تطوير وتنمية قيم المجتمع وتخليصه من العادات السيئة التي طرأت عليه خلال الفترة الماضية.