مدير الشركة العالمية فى أفريقيا: «التحلية» أرخص من نقل مياه النيل.. ولا بد أن يدفع المواطن مقابلاً للخدمة التى يحصل عليها
المهندس كريم مدّور، مدير عام شركة «ماتيتو» العالمية فى أفريقيا، المنفذة للعديد من مشروعات تحلية ومعالجة المياه فى مصر
قال المهندس كريم مدّور، مدير عام شركة «ماتيتو» العالمية فى أفريقيا، المنفذة للعديد من مشروعات تحلية ومعالجة المياه فى مصر، أبرزها محطة تحلية مياه العين السخنة - الجلالة، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى وضع حلاً جذرياً لمشكلة المياه فى مصر بإنشاء العديد من المحطات العملاقة لتحلية المياه على مستوى الجمهورية، وأضاف «مدّور» فى حوار لـ«الوطن»، أن لديهم ثقة كبيرة فى الاقتصاد المصرى دفعت الشركة لاختيارها مركزاً إقليمياً فى أفريقيا، كما أن الشركة خصصت 20% من استثماراتها فى أفريقيا لضخها فى السوق المصرية، داعياً الحكومة المصرية إلى مراجعة أسعار المياه التى تقدمها للمواطنين.. إلى نص الحوار.
نريد معرفة المزيد عن الشركة ونشاطاتها؟
- «ماتيتو» شركة عالمية عمرها يزيد على 60 عاماً، متخصصة فى تحلية ومعالجة المياه، نتملك وندير العديد من المشروعات حول العالم، وموجودون فى مصر منذ فترة طويلة من خلال مكتب تمثيلى للشركة، ولكن منذ 20 عاماً وجدنا بقوة فى مصر، ولدينا 26 مكتباً حول العالم، ونفذنا مشروعات فى 46 دولة، ونشتهر عالمياً بتحلية المياه، ونحن أول شركة أنشأت محطات تحلية خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ونعالج المياه لعدة أهداف، أهمها على الإطلاق الهدف الإنسانى لتوفير مياه صالحة للبشر، ثم الصناعى لعمل مشروعات صناعية، ونعالج المياه سواء التى تدخل فى الصناعة، أو المياه الخارجة الناتجة عن مخلفات المجتمعات.
كريم مدور: «ماتيتو» نفذت مشروعات فى 46 دولة.. واخترنا مصر مركزاً إقليمياً ثقة فى اقتصادها
لماذا اخترتم مصر لتنفيذ مشروعاتكم فى مجال تحلية المياه؟
- كما قُلت نحن موجودون فى مصر منذ سنوات طويلة، ورأينا أنها سوق واعدة وبلد يسعى للتقدم والتنمية، فوجدنا بأفكارنا ومشروعاتنا، وفى آخر 5 سنوات اختلف الأمر بعد أن توجهت الدولة لعمل محطات لتحلية المياه.
وكيف اختلفت السوق المصرية خلال الـ5 سنوات الأخيرة؟
- مصر كانت تعتمد فى الأساس على مياه الشرب من نهر النيل، ومعظم التجمعات السكانية تقع على امتداد نهر النيل، باستثناء بعض القرى البعيدة عن النهر، واليوم يسعى الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى خلق مجتمعات كبيرة وقوية خارج وادى النيل، سواء فى سيناء أو الساحل الشمالى أو ساحل البحر الأحمر، وهنا كان السؤال: هل يتم نقل مياه نهر النيل للمجتمعات الجديدة، وهذا قائم بالفعل منذ زمن، أم نؤسس محطات تحلية على مصادر مياه لا تنضب أبداً ونوفر مياه نهر النيل؟ وبحسبة بسيطة جداً ستجد أن إنشاء محطات تحلية مياه أرخص وأوفر بكثير من نقل مياه نهر النيل للمدن والمجتمعات العمرانية الجديدة.
لكن مياه نهر النيل بدون مقابل ولا تحتاج إلى تحلية، فكيف تكون أغلى؟
- بالفعل مياه نهر النيل تحتاج إلى معالجات بسيطة لتكون صالحة للشرب، لكن تكاليف نقل المياه من النهر إلى التجمعات السكنية مرتفعة للغاية، فمثلاً إذا أردت نقل مياه نهر النيل لبعض التجمعات السكنية فى سيناء، تخيل تكلفة إنشاء البنية التحتية لهذه المسافة الطويلة، ثم كمية الهدر التى قد تنتج من كسر ماسورة مياه وهذا يحدث بالفعل، وتخيل أيضاً مصروفات الصيانة لهذه المسافة، وفى المقابل محطات التحلية لا تحتاج إلى كل هذه النفقات.
وما حجم أعمال الشركة فى مصر؟
- تستحوذ مصر على نحو 20% من استثماراتنا فى القارة الأفريقية، ونحن موجودون تقريباً فى كل مكان، من حلايب وشلاتين إلى الإسكندرية والصعيد وسيناء، ونملك محطات معالجة وتحلية وندخل فى الصناعة والكهرباء، خصوصاً محطات الكهرباء التى تحتاج إلى مياه نقية بدرجة كبيرة، ونحن الشركة المسئولة عن ذلك، واشتركنا فى أكثر من 15 مشروعاً فى مصر فى محطات الكهرباء.
وما أبرز المشروعات الحالية فى مصر؟
- نفذنا فى مصر مشروع محطة مياه الجلالة، وهو المشروع الأكبر فى مصر، إضافة إلى تنفيذ عدد من المشروعات الأخرى فى شرق بورسعيد لخدمة أهالى سيناء، ونعمل حالياً فى مشروع قومى كبير يسمى مشروع المحسمة، وهو مشروع يأخذ مياه الصرف الزراعى فى بعض محافظات الوجه البحرى ويعيد تدويرها مرة أخرى لتكون صالحة للزراعة لاستخدامها فى تنمية الزراعة فى سيناء، وهو مشروع لإعادة استخدام المياه دون الضغط على مياه نهر النيل، ويقوم بتنفيذه حالياً أكثر من 1000 مهندس وعامل، ومن المقرر تسليم المشروع بحلول الصيف المقبل، وأيضاً مشروع شرق بورسعيد مقرر تسليمه فى الصيف المقبل، وأنشأنا محطة مياه 6 أكتوبر بطاقة 400 ألف متر مكعب، ومحطة المعادى بطاقة 500 ألف متر مكعب.
مصر سوق واعدة وبلد يبحث عن البناء.. وننفذ مشروعاً لزراعة سيناء بتدوير مياه الصرف الزراعى.. ولدينا 20 مشروعاً على مستوى الجمهورية.. ونسعى لإنشاء بنية تحتية بالقرى.. وتغيير العدادات إلى «مسبقة الدفع» خطوة على طريق تقليل الهدر ومعرفة حجم الاستهلاك
هل لديكم مشروعات لمعالجة مياه الصرف الصحى؟
- لدينا مشروعات ضخمة نفذناها فى مصر تزيد على 20 مشروعاً على مستوى الجمهورية، فى الصعيد والدلتا، والدولة المصرية لديها برامج مهمة لتغطية خارج المدن بالمياه المعالجة من الصرف الصحى، خصوصاً أن لدينا مشكلة كبيرة تتمثل فى توفير الكهرباء والمياه ومعالجة مياه الصرف الصحى، وجزء كبير جداً من القرى المصرية تصل نسبته إلى 60% لا يملكون معالجة لمياه الصرف الصحى الخاصة بهم، لذلك سيتم إنشاء بنية تحتية ومعالجة المياه الناتجة، والحكومة المصرية لديها برامج فعلية وتمويل قائم لتنفيذ مشروعات شبكات الصرف الصحى.
كم عدد المصريين المستفيدين من تحلية المياه ومعالجتها؟
- لا يمكن حساب عدد المستفيدين، لأن كل مصرى مستفيد من تحلية ومعالجة المياه، خصوصاً أن لدينا مشروعات فى كل المحافظات، ومثال بسيط بمحطة الجلالة التى انتهينا من تنفيذها وتعمل على أكمل وجه، فقد تم إنشاؤها لخدمة ما يزيد على مليون شخص، ونحن نتحدث عن محطة واحدة، تخيل باقى المحطات الأخرى، إضافة إلى عدم احتياج المستفيدين من تحلية المياه للشرب من مياه نهر النيل، ما يوفر مياه النهر لاستخدامها فى مشروعات أخرى.
هل تسير الدولة فى برنامج تحلية المياه بخطى ثابتة؟
- الرئيس السيسى وضع يده على المشكلة، ونفذ حلولاً لهذه المشكلة بأسرع ما يمكن، لأن محطات المياه فى مصر كانت بسيطة ومقتصرة على الفنادق، مثلاً فى الغردقة والبحر الأحمر وشرم الشيخ، والأماكن السياحية وخدمات البترول، وكانت مصر تنتج من كل هذه المحطات ما لا يزيد على 250 ألف متر مكعب فى اليوم، لكن الأمر اختلف تماماً بعد أن توجه الرئيس السيسى وأنشأ مجتمعات عمرانية جديدة، واليوم أصبح إنتاج المحطة الواحدة فى اليوم نحو 150 ألف متر مكعب مياه، بما يعادل نصف إنتاج جميع محطات تحلية المياه على مستوى الجمهورية فى الفترات السابقة، وأصبح لدى مصر محطات كبيرة تنتج مياهاً محلاة بكميات هائلة، وإنشاء تلك المحطات كان بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص.
ما رؤيتكم للاقتصاد المصرى فى الوقت الحالى؟
- لدينا ثقة كبيرة جداً فى الاقتصاد المصرى، وإلا لامتنعنا عن تنفيذ هذه المشروعات الضخمة والعملاقة مع الحكومة المصرية، واستناداً لهذه الثقة اخترنا مصر مركزاً إقليمياً لأفريقيا كلها، ونظرتنا إيجابية جداً لمصر، خصوصاً أنها تشهد حالياً حالة من التنمية غير المسبوقة.
هل استطعنا التغلب على مشكلة نقل المياه من النيل بخيار التحلية؟
- كما قلت، التحلية أرخص كثيراً من نقل المياه مئات الكيلومترات، لأن نقل المياه يحتاج إلى مضخات كبيرة ومواسير وبنية تحتية، والحكومة قررت أن تعتمد على تحلية المياه دون نقلها من نهر النيل للمجتمعات الجديدة، بمعنى أدق، أصبحت التحلية أمراً واقعاً، وجرى إنشاء المحطات التى تحتاجها التجمعات السكنية الجديدة، مثل العلمين والجلالة والعاصمة الإدارية وغيرها من التجمعات الجديدة.
«السيسى» يسعى إلى خلق مجتمعات قوية خارج وادى النيل.. و60% من القرى لا تملك معالجة لمياه الصرف الصحى
هل يتوجب على الحكومة رفع تسعيرة المياه لارتفاع تكلفة تحليتها؟
- بالفعل تكلفة تحلية ومعالجة المياه مرتفعة، ويجب أن يحافظ المواطنون على استخداماتهم فى المياه وعدم الإسراف، وحتى تستطيع الدولة الاستمرار فى تحلية المياه وإنشاء محطات جديدة يجب أن يدفع المواطن مقابل ما يحصل عليه من خدمة، لذلك على الدولة إعادة دراسة أسعار المياه، ورفعها إذا لزم الأمر، ولدىّ ثقة كبيرة فى قدرة الدولة المصرية على إدارة مواردها، وفى بعض الدول الأفريقية تزيد تكلفة المتر المكعب من المياه على دولار، وهو نفس السعر الذى يتكلفه متر تحلية المياه فى بعض الأماكن السياحية فى مصر.
هل تواجه مشروعات تحلية المياه أى آثار سلبية بعد إنشاء سد النهضة؟
- هذا من اختصاص الحكومة، وفى وجهة نظرى مصر دولة قادرة على مواجهة أى أزمة.
الشعب المصرى مُسرف بطبعه فى استخدام المياه، فما النصيحة التى توجهها لترشيد المياه؟
- للأسف، المياه فى مصر كانت متوافرة و«ببلاش»، وعندنا مثلُ مصرى يقول «أبو بلاش كتر منه»، وهناك نماذج مستفزة نراها يومياً لمن يرشون الشوارع بالمياه، وغسل سياراتهم وغيره، وطبعاً هذا الأمر لا يحدث فى أى مكان بالعالم، فمثلاً إذا كان سعر كيلو البرتقال بجنيه واحد سوف تشتريه، حتى إن لم تحتجه، أما إذا كان سعره 10 جنيهات فلن تشتريه إلا إذا كنت فى حاجة إليه، وعلى الدولة دور مهم فى تطبيق القانون على المخالفين، وإخضاعهم للمحاسبة.
ما رأيك فى الإعلان عن تغيير عدادات المياه وتحويلها لعدادات مسبوقة الدفع على غرار الكهرباء؟
- هذه خطوة ممتازة ستساهم فى تقليل الإسراف فى المياه، وستمنح المواطن فرصة معرفة حجم استهلاكه، وسيدفع مقابل المياه التى يستخدمها فقط، وستقضى على التقديرات الجزافية للمحصلين.
هل يتم استخدام مياه الصرف الصحى بعد معالجتها للشرب فى مصر؟
- نعم، هناك بعض الدول تقوم باستخدام مياه الصرف الصحى المعالجة كمياه للشرب، ولكن على نطاق ضيق للغاية نظراً للتكلفة العالية والتكنولوجيا المتقدمة التى يتم استخدامها، وفى مصر لا يحدث ذلك لأننا لسنا بحاجة لهذه المياه، وتكلفتها عالية جداً، ومشروعات معالجة المياه فى مصر يتم استخدامها فى بعض الزراعات.