"السندات الصفرية".. أحد حلول "المالية" لخفض تكلفة الدين العام
مجلس الوزراء
تسعى الحكومة في إطار استراتيجيتها لإدارة الدين العام بإجراء عدد من الإجراءات الإصلاحية لاستحداث آليات لإدارة الدين العام.
استراتيجية إدارة الدين العام كما عرفتها وزارة المالية في منشور إعداد الموازنة العامة للدولة الجديدة للعام المالي المقبل 2019-2020 أنها تستهدف خفض مستويات الدين الحكومي وذلك اتساقا مع معدلات العجز المتسهدف تحقيقه خلال العام.
وقالت "المالية" في منشور إعداد الموازنة، إن الاستراتيجية التي تطبقها الوزارة تقوم على تنويع مصادر التمويل بين محلي وخارجي والأقل تكلفة والعمل على الاستفادة من مصادر التمويل الميسر من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية وتمديد آجال إصدارات أذون وسندات الخزانة إلى آجال أطول.
ومن أهم مصادر التمويل التي تعتمد عليها الحكومة للتمويل إصدار أذون الخزانة والسندات ذات الشرائح والآجال المتنوعة فأذون الخزانة، أحد أدوات الدين قصيرة الأجل والتي لا تتخطى سنة والتي تستخدمها الحكومة لسداد لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وهي تتضمن عدة آجال، تشمل ثلاثة أشهر و292 يومًا و364 يوم "سنة" وتعد إحدى الأدوات المالية منخفضة المخاطر، وتمتع بسهولة التصرف فيها دون أن يتعرض حاملها لأي خسائر رأسمالية، وعند حلول تاريخ الاستحقاق تلتزم الحكومة بدفع القيمة الاسمية المدونة على وثيقة "أذون الخزانة".
ويعرف "السند" اقتصاديا بأنه صك قابل للتداول يمثل قرضا يعقد عادة بواسطة الاكتتاب العام وتصدره الحكومات والشركات والمؤسسات ويعتبر حامل السند دائنا للجهة المصدرة له ولا يعد شريكا فيها، حيث يتقاضى فائدة ثابتة محددة سواء ربحت الجهة المصدرة أم خسرت فلحامل السند الحق في استرداد قيمة سنده عند حلول أجل معين.
سندات الخزانة لا تختلف في تعريفها عن الأذون سوى في آجالها ففي الوقت الذي لا تتخطى الأذون حاجز العام تبلغ آجال سندات الخزانة 3 و5 و7 و10 سنوات وأهم ما يميزها الضمانة الحكومية والسندات الحكومية أقل مخاطرة دائمًا من سندات الشركات.
وتصنف السندات بذات العائد الثابت أو العائد المتغير أو السندات الصفرية ففي الوقت الذي يستحق السند ذات العائد الثابت بشكل دوري طوال مدة وتاريخ استحقاق السند تتتغير العوائد طوال مدة الاستحقاق في السند ذات العائد المتغير بينما تتميز السندات الصفرية بالنسبة للحكومة فإنها لا تدر عائداً دورياً لحاملها، حيث يصرف العائد مجمعاً ودفعة واحدة فى تاريخ أو فى أجل استحقاق السند، ويترتب على ذلك أن السند يتم طرحه فى السوق بالقيمة الحالية وتتحقق القيمة الاسمية أو الاستردادية للسند فى تاريخ الاستحقاق (متضمنة أصل قيمة السند عند الاكتتاب فيه مضافاً إليها الفائدة التراكمية المستحقة عليه) .
ويترتب على ذلك أن الحكومة مصدرة السندات الصفرية لا تدفع أى فوائد على السندات خلال فترة سريانها، حيث تؤجل سداد الفوائد فى تاريخ استحقاق السند، فإذا كانت مدة استحقاق السند ثلاث سنوات فإن فائدة السند المستحقة على الثلاث سنوات يتم سدادها مع أصل السند فى نهاية الثلاث سنوات، ويعنى ذلك بكل بساطة أن الحكومة المصدرة للسندات تؤجل سداد الفوائد على ديونها لعدة سنوات قادمة بدلاً من السداد الدورى والفورى السنوى للفوائد، وبذلك تخفف الضغط مؤقتاً على الموازنة العامة بقيمة فوائد هذه السندات ليس إلا.
وتسعى وزارة المالية خلال الفترة المقبلة التوسع في إصدار السندات الصفرية ذات آجال عام ونصف وعامين، وقالت وزارة المالية في التقرير النصف سنوي للمؤشرات الاقتصادية والمالية للعالم المالي الجاري 2018-2019 إنها تسعى بتلك الإصدارات إلى زيادة عمر محفظة الدين العام القابل للتداول للمساعدة في خفض تكلفة خدمة الدين من خلال توسيع قاعدة المستثمرين.
وبصفة عامة تناسب السندات الصفرية تمويل المشروعات التى يتحقق عائدها بعد عدة سنوات، بالإضافة إلى تحقيق تدفقات نقدية كبيرة تسمح بسداد أصل قيمة السند وعوائده فى تاريخ مستقبلى قادم، ولكن لا تناسب السندات الصفرية كأسلوب تمويلى تمويل مصروفات الدولة على الشيوع، فتمويل الاستهلاك بديون وبفوائد مرتفعة كارثة كبرى ستدفع ثمنها الأجيال الحالية والقادمة معاً.
وتناسب السندات الصفرية تمويل المشروعات الكبرى، لأن هذه المشروعات تتحقق عوائدها بعد مضى فترة تفريخ gestation period طويلة، وفترة التفريخ هذه عبارة عن الفترة الزمنية التى يحقق المشروع عوائده فى نهايتها، وتحتسب هذه الفترة بدءاً من تاريخ تنفيذ وإقامة المشروع وتنتهى بتاريخ الانتهاء من تنفيذ المشروع بالكامل وبدء الإنتاج وتوليد الإيرادات، لذلك فإن تمويل المشروع باّلية السندات الصفرية يكون ملائماً جداً لفترة التفريخ التى لا يدر المشروع خلالها أي إيرادات.
ونقول لمن بيدهم الأمر إن كل الحكومات الغارمة قد بدأت فى إجراءات تقشفية صارمة، إلا أننا مازلنا لم نعرف طريق التقشف بعد، فمازالنا ننفق ببذخ هنا وهناك، وننعم بنعيم المساعدات والتسول الدولى الذى لن يدوم إلى الأبد، وليتنا ندرك ذلك قبل أن تجف منابع التسول الدولى دون سابق إنذار.