«فوق الرماد».. الحياة تنبض من جديد في "محطة مصر"
رغم تجاوز 1440 دقيقة لعقارب الساعة، التي توقفت داخل "محطة مصر" لتظل شاهدة على الحادثة المفجعة التي راح ضحيتها 20 مواطنا فيما أصيب 43 آخرين، بينما مازال الحطام وآثار الدخان الأسود موجودة حتى الآن، بعد انفجار الجرار، ليخلف بين طياته الكثير من الآلام ومشاهد الموت والرعب، محاولا تجاوزه بعودة الروح إليه مرة أخرى بانتظام حركة القطارات ومرور الركاب.
لم يتم إزالة الجرار المتفحم حتى الآن، المكان الذي فقد فيه مواطنون أرواحهم إثر الحريق، يمر الركاب أمامه اليوم، حاملين أمتعتهم ويعلو وجههم قليل من الخوف، ولا تنفك ألسنتهم تترحم على المفقودين.
في منتصف المحطة من أمام "رصيف 6"، تنتظر أربعينية رفيقتها القادمة من قنا، وتقول "أم أحمد": "حزينة على المنظر اللي شفته في التلفزيون، قلبي واجعني وخايفة لكن العمر بايد ربنا، كلمات تحمل بين طياتها كثير من الخوف، عبرت بها السيدة عن ما تشعره خلال حديثها مع "الوطن".
الرصيف المقابل لموقع الحادث، وقفت سهام فاروق مع أولادها في انتظار قطار الإسكندرية الذي ينطلق في الساعة الحادية عشر صباحا، لتبدأ حديثها بالتعبير عن تخوفها في بداية الأمر عن التواجد في مكان شهد وفاة أشخاص أبرياء.
وتقول "سهام" أنها من محافظة الإسكندرية وجاءت للتنزه في القاهرة لمدة يومين، لتتخوف من العودة بالقطار، لكن متابعتها للإعلام أمس طمأنتها في عودتها مرة أخرى لاستقلاله.
ركاب: خائفون لكن العمر واحد.. وعاملون: كنا إجازة وآخر فقد صديقه
العاملون بأرصفة المحطة، معظمهم لم يكونوا متواجدين أمس، نظرا لتغير وردية العمل كل 24 و48 ساعة، منهم كريمة أحمد التي تغيبت أمس لمرضها، قبل أن تصدم بشكل الجرار في الصباح: "الناس ماتت هنا.. لكن هنعمل اي أكل عيشنا"، حسب حديثها لـ"الوطن"، فيما تغيبت "أم جني" عن عملها، بعد علمها عن الحادث من التلفزيون، لتسقط بين دموعها خوفا على زميلاتها لتهرول للاطمئنان عليهن، قائلة: "اطمنت على الكل وربنا يرحم كل اللي مات".
أما محمد حمدي، أحد العاملين برصيف 8، كان شاهدا على الواقعة التي حدثت أمام عينيه، وفقد خلالها صديقه محمد عبدالسلام، الذي ما زال يبحث عنه حتى الآن، دون العثور عليه.
ويروي محمد لـ"الوطن"، أنه هو وزميله كانا بجوار المحطة وذهب لشراء "كارت شحن"، لتحدث الواقع في ثانية ويصطدم الجرار بالمبني، ليهربوا مهرولين لإنقاذ الركاب وزملائهم، وبعد أن هدأ الوضع بحث عن زميله لكن دون فائدة.
وعن انتظام حركة القطارات بالأرصفة، أكد المهندس مجدي الصباغ، نائب رئيس هيئة السكة الحديد، عودة القطارات بانتظام بجميع الأرصفة ما عدا رصيف 6 المحتوي على الجرار المتسبب للحادث نظرا لمعاينة النيابة والفرقة الهندسية.