الفراعنة يدخلون عصر «الطاقة النظيفة»
أحد الابتكارات التى تسهم فى زيادة الإنتاجية
تسابق شركة «درشال للصناعات»، بالشراكة مع «الشركة الهندسية»، وهى إحدى شركات قطاع الأعمال، الزمن لإنتاج مركبات مصرية تعمل بالطاقة الكهربائية، تكون نسبة المكون المحلى فيها أكثر من 60%، وتبدأ الشركتان فى إنتاج أول أوتوبيس وميكروباص وسيارة نصف نقل، تعمل بالطاقة الكهربائية، مايو المقبل، أى بعد نحو 40 يوماً من الآن، كما أنهما تعتزمان إنتاج سيارة إسعاف كهربائية.
إنتاج أول مركبة كهربائية على أرض مصر بعد 40 يوماً
وفى هذا الملف تكشف «الوطن» اعتماد الشركتين على باحثى مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا فى عملية إنتاج البطارية «الليثيوم»، وهى بطارية المركبة الكهربائية، كما نناقش مستقبل العمالة المصرية، وكيفية تدريبها على العمل داخل المصنع الذكى، الذى أسسته الشركتان لإنتاج المركبات الكهربائية، ويعتمد على الروبوت فى أغلب مراحل الإنتاج، إلى جانب التعرف على خطة شركة «درشال» فى دعم البحث العلمى، ويكشف مسئولو المشروع عن أن الدولة المصرية لديها رغبة حقيقية فى الدخول إلى الثورة الصناعية الرابعة، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسى يدعم بقوة التحول إلى الصناعات التكنولوجية والذكية، فى وقت تملك فيه مصر طاقات بشرية علمية كبيرة يمكنها تحويل أرض الفراعنة إلى دولة تكنولوجية حديثة.
أبناء «زويل» يقودون معركة التحول إلى الأوتوبيسات الكهربائية: وداعاً للعوادم وإهدار الوقود
تقتحم «الشركة الهندسية»، وهى إحدى شركات قطاع الأعمال العام، بالشراكة مع شركة «درشال للصناعات»، سوق الثورة الصناعية الرابعة، من خلال تحويل الأوتوبيسات والميكروباصات والسيارات نصف النقل من العمل بالبنزين إلى العمل بالكهرباء، حيث تستعين بباحثين من جامعة «زويل للعلوم والتكنولوجيا»، لتصنيع بطاريات وشواحن المركبات الكهربائية، التى تمثل أهم الأجزاء فى هذه المركبات.
ووفق خطط الشركة، فإنها ستنتج البطارية «الليثيوم» التى يمكن شحنها خلال 10 دقائق، إذا كانت السيارة حديثة، وإذا كانت مستعملة ستزيد مدة الشحن إلى ثلث أو نصف ساعة، وسيكفيها هذا الشحن للسير لنحو 300 كيلومتر.
«الوطن» أجرت جولة داخل المصنع العتيق، الذى يعود إنشاؤه إلى عصر الرئيس جمال عبدالناصر، والتقت بباحثين من جامعة زويل، يعملون على ربط مواتير «الأوتوبيسات والميكروباصات» بالبطاريات الكهربائية، مؤكدين أنهم تخلصوا من الشكمان والبنزين وقطع من الموتور القديم واستبدلوا بها قطعاً تكنولوجية حديثة.
واستطاعت شركة «درشال» تحويل مصنع الشركة الهندسية إلى مصنع «ذكى» يعتمد على الروبوت فى خطوط الإنتاج، مثلما تفعل الشركات المتقدمة باليابان والصين وعدد من دول أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يساهم الاعتماد على الروبوت فى مراحل الإنتاج المختلفة فى تعظيم الإنتاج وتقليل الأخطاء التى تنتج عن العنصر البشرى.
وأثناء تجولنا فى المصنع شاهدنا عملية تشغيل موتور لمركبة بالبطارية الكهربائية، بعد إجراء عدة تجارب عليه استغرقت مدة شهور، وتبدأ الشركة فى إنتاج أول أوتوبيس وميكروباص نصف نقل يعمل بالكهرباء فى شهر مايو المقبل، أى بعد نحو 40 يوماً من الآن، وتصل نسبة المكون المحلى فى البطارية الكهربائية والشواحن إلى 60%، وهو الأمر الذى سيكون له بالغ الأثر على تقليل تكلفة إنتاج الأوتوبيسات والميكروباصات التى تعمل بالطاقة الكهربائية، حيث تقوم شركتا «درشال» و«الهندسية للصناعات» بتجميع الأوتوبيس بتكلفة أقل من استيراده، بنحو مليون ونصف المليون جنيه مصرى، فضلاً عن التوفير فى أعمال الصيانة، لأن المركبات الكهربائية لا تتكلف كثيراً.
ويقول عمرو حلمى، مدرس بمدينة «زويل للعلوم والتكنولوجيا»: أعمل مع الشركة الهندسية وشريكتها «درشال» فى مشروع تحويل السيارات التى تعمل بمواتير محروقات إلى مواتير كهربائية، مؤكداً أن «درشال» نجحت فى صناعة البطاريات الكهربائية، وهى تعتبر أغلى قطعة فى المركبة، لافتاً إلى أن إنتاج هذه البطارية محلياً سيزيد من إنتاج المركبات التى تعمل بالطاقة الكهربائية فى مصر، وأضاف حلمى لـ«الوطن» أن هذه الصناعة ستعود على الدولة بالنفع الكبير، فانتشار الأوتوبيسات والميكروباصات والسيارات، التى تعمل بالطاقة الكهربائية، سيقلل الاعتماد على البنزين والسولار المدعوم من الموازنة العامة، كما سيحافظ استخدام هذه المركبات على البيئة بسبب القضاء على عوادم مواتير «الحرق»، وأشار إلى أن مصر لديها «15» جيجا فائض كهربائى، ما يساهم فى رفع قدرتنا على إنتاج أكبر قدر من المركبات التى تعمل بالطاقة الكهربائية بدون أى عوائق، موضحاً أن العالم الحديث الآن يتجه إلى هذا النوع من الصناعات الحديثة الموفرة للطاقة والصديقة للبيئة، وأن هذا المشروع سيكون بداية مهمة لدخول مصر إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة.
وأكد أن صيانة «المركبات» التى تعمل بالطاقة الكهربائية أسهل وأرخص بكثير من المركبات التى تعمل بالبنزين، وأن تكاليف السيارة الكهربائية أقل من الأخرى، ما يساعد الدولة على تقليل ثمن أجرة الأوتوبيس العام، وسيعود ذلك بشكل إيجابى على المواطن البسيط، منوهاً بأن الشباب المصرى بجامعة زويل يتدرب جيداً على التعامل مع هذه الصناعة الحديثة، وأن شركة «درشال» اعتمدت على شباب الباحثين المصريين فى تصنيع البطاريات والشواحن الكهربائية، وأضاف أن إنفاق الشركة على البحث العلمى مهم ويعتبر مؤشراً إيجابياً «لكن للأسف رجل أعمال وحده لا يمكن أن يغير المجتمع، ونحن لدينا فجوة بين القطاع الخاص والجامعات»، موضحاً أن لديه تجربة العمل خارج مصر، ما شجع «درشال» على الاستعانة به، وطالب القطاع الخاص بالاقتداء بها والإنفاق على مراكز الأبحاث بالجامعات المصرية المختلفة، لأن النمو الحقيقى لا يمكن أن يحدث دون بناء معرفى. وحول إمكانية أن يهتم رجال الأعمال بإنشاء مراكز أبحاث لتطوير منتجاتهم مثلما تفعل الشركات العالمية، قال حلمى: إنشاء مراكز أبحاث تكلفته عالية جداً، ورغم أننى أتمنى أن يفعل رجال الأعمال ذلك، لكن من الممكن أن يكتفوا فى هذه المرحلة بالإنفاق على البحث العلمى فى الجامعات، وسوف نعمل نحن على حل جميع مشكلاتهم، وسنساعدهم على إنتاج منتجات حديثة تناسب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة المعتمدة على البحث العلمى والابتكارات الحديثة، خاصة أن مصر لديها بنية تحتية قوية من الأساتذة والباحثين، ومشروع الشركة «الهندسية» و«درشال» نفذه بالكامل باحثون صغار.
«حلمى»: مصنع ذكى يستخدم الروبوت فى كل مراحل الإنتاج.. و60% من الأوتوبيس الكهربى صناعة محلية
وبحسب الخطة الاستثمارية للشركة فى مصر، ستعمل «درشال» على إنشاء مركز للبحث العلمى خلال عام 2020، ومن المقرر أن تستعين الشركة بمستشارين وعمال صينيين لتدريب العمالة المصرية لمدة عام، ثم ستعتمد الشركة على العمالة المصرية بنسبة 100%.
ورحب عمال المصنع بالتطوير الذى تشهده الشركة «الهندسية» من خلال تعاونها مع «درشال»، مؤكدين أن إدارة الشركة عرضت عليهم العمل فيها بعد خروجهم على المعاش، وذلك يعد بمثابة دعم حقيقى للصناعة والاستفادة من خبراتهم الطويلة فى هذا المجال وهو مجال تصنيع المركبات.
وفى الوقت الذى تدعم فيه الحكومة صناعة السيارات، التى تعمل بالطاقة الكهربائية والسيارات المهدرجة التى تجمع بين البنزين والكهرباء، استطاعت شركة «درشال» العمل على بدء التصنيع فى هذا المجال بدلاً من الاستيراد من الخارج، ما يساهم فى تقليل تكلفة الاستيراد وتعميق الصناعة وزيادة فرص العمل ودخول مصر عصر الطاقة النظيفة، وتعاقدت شركة «درشال» على بيع 70% من منتجاتها من المركبات لدولة الصين، وبحثت مع الحكومة الصينية أن يكون خط إنتاج لها فى مصر لتصدير المركبات التى تعمل بالطاقة الكهربائية لدول أوروبا وأفريقيا، وتتوقع شركة «درشال» إنتاج عدد كبير من الأوتوبيسات والميكروباصات نصف نقل فى بداية مايو المقبل، مع التوسع فى الإنتاج على المستوى المحلى والإقليمى والدولى خلال العامين المقبلين، وتبدأ الدورات التدريبية للعمال المصريين على يد الفنيين والمستشارين الصينيين مايو المقبل، وسيقيم المستشارون الصينيون لمدة ثلاثة شهور فى مصر، يعطون خلالها الكورسات التدريبية بالمجان للعمال المصريين، ثم ستتعاقد الشركة مع 6 منهم لاستكمال التدريب والدعم الفنى لمدة 9 أشهر بمقابل مادى، حتى يستطيع العمال المصريون التعامل مع الأجهزة والروبوت والمعدات الحديثة، التى تستخدم فى صناعة البطارية والشواحن وباقى مشتملات المركبات، ومن المقرر أن تصل نسبة المكون المحلى فى الأوتوبيس، الذى يبدأ تصنيعه فى مصر مايو المقبل 60%، وتخطط الشركة لزيادة نسبة المكون المحلى فى صناعة المركبات، إلى 80% خلال الأعوام القليلة الماضية.