وعود بوتفليقة وعناء ولادة جمهورية جديدة من رحم ثورة التحرير الجزائرية
بوتفليقة
"إذا كان صادقا في وعده بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. لماذا يترشح لسلطة يرغب بعد عام في التنازل عنها؟" هذا كان لسان حال المتابعين لما أعلنه الرئيس الجزائري المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة، الذي أودع ملف ترشحه في اللحظات الأخيرة في يوم إغلاق باب الترشح، رغم الاحتجاجات ضد ولايته الخامسة.
ولعل بيان إعلان ترشح بوتفليقة الذي تلاه مدير حملته الانتخابية، قد قدم إجابة على هذا السؤال، حيث تدور الإجابة أو ربما التبرير في إطار ما طرحه من خطة لتغيير النظام والاستجابة لمطالب المتظاهرين الذين يطالبون بعدم توليه الحكم مجددا، حيث قدّم بوتفليقة الأحد ملفّ ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة، لكنّه تعهّد تنظيم انتخابات رئاسيّة مبكرة في حال فوزه يُحدّد موعدها مؤتمر وطني يعمل أيضاً على إقرار إصلاحات ضرورية، واختيار من يخلفه من رحم جبهة التحرير الوطني التى فجرت ثورة التحرير المعروفة بثورة المليون شهيد.
في رسالة ترشّح بوتفليقة التي تلاها مدير حملته الرئاسية الجديد عبدالغني زعلان، تعهّد الرئيس الجزائري في حال انتخابه مجدّداً رئيساً في 18 إبريل المقبل، بعدم إكمال ولايته والانسحاب من الحكم بعد تنظيم انتخابات رئاسيّة مبكرة يُحَدّد تاريخها إثر مؤتمر وطني. كما تعهّد الرئيس الجزائري في الرسالة، بإعداد دستور جديد يُطرح على الاستفتاء من أجل ولادة "جمهورية جديدة"، وبالعمل على وضع سياسات "عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنيّة وبالقضاء على كافّة أوجه التهميش والإقصاء الاجتماعيّين (..) بالإضافة إلى تعبئة وطنيّة فعليّة ضدّ جميع أشكال الرشوة والفساد". وقال بوتفليقة الذي حكم الجزائر منذ 1999 وواجهت إعلان ترشّحه لولاية خامسة احتجاجات شعبية واسعة "نمت إلى مسامعي، وكلّي اهتمام، آهات المتظاهرين، ولا سيّما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا". وأضاف "إنّني لمُصمّم (..) إن حباني الشعب الجزائري بثقته فيَّ مجدّداً على الاضطلاع بالمسؤولية التاريخيّة بأن ألبّي مطلبه الأساسي، أي تغيير النظام". وتابع "أتعهّد أمام الله تعالى والشعب الجزائري" بالدعوة "مباشرةً" بعد الانتخابات الرئاسيّة "إلى تنظيم ندوة وطنيّة شاملة واعتماد إصلاحات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة من شأنها إرساء أساس النظام الجديد". كما تعهّد مراجعة قانون الانتخابات، مع التركيز على إنشاء آليّة مستقلّة تتولّى دون سواها تنظيم الانتخابات، مؤكّداً "أنني لن أترك أيّ قوة، سياسيّةً كانت أم اقتصاديّة، لكي تحيد بمصير وثروات البلاد عن مسارها لصالح فئة معينة أو مجموعات خفية".
وذكرت صحيفة لا تريبون دو جنيف السويسرية إن بوتفليقة لا يزال موجودا بمجمع المستشفيات الجامعية بجينيف، مضيفة أنه لا توجد مؤشرات على أنه يستعد لمغادرة سويسرا. وفي المقابل، تظاهر مئات الشبّان، مساء أمس الأحد، في وسط الجزائر العاصمة وفي مناطق أخرى، احتجاجاً على تقديم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ملفّ ترشّحه رسميّاً إلى الانتخابات الرئاسيّة لولاية خامسة، بحسب شهود عيان وصور ومقاطع مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وانتشرت الشرطة في شكل تدريجي ليلاً وسط العاصمة. وكان صحفي في وكالة فرانس برس قد لاحظ في وقت سابق عدم وجود أيّ شرطي في وسط العاصمة التي كانت قوّات الأمن قد طوّقتها في الأيام الأخيرة. وخرجت مسيرات ليليّة مماثلة في مدن عدّة أخرى وفق موقع "تي إس آ" الإخباري، ولا سيّما في جيجل وبوفاريك والبويرة وقالمة. وتقدم 15 مرشحا محتملا بمن فيهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لانتخابات الرئاسة الجزائرية قبل انتهاء الفترة القانونية للترشح منتصف الليلة الماضية، حسب ما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية.