شبح المواجهة يعود من جديد بين الهند وباكستان.. و"مودي" يستغله سياسيا
تشهد العلاقات الهندية الباكستانية حاليا توترات غير مسبوقة منذ سنوات
على الرغم من بادرة السلام وحسن النوايا التي قدمها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بإعلانه الإفراج عن الطيار الهندي الذي أسره الجيش الباكستاني، تصاعدت حدة التوتر الراهن بين الخصمين النوويين بعدما ذكر حول إسقاط القوات الجوية الهندية طائرة بدون طيار باكستانية، في الوقت الذي أفادت فيه إسلام آباد بأن تأهب جيش بلادها منع هجوما هنديا محتملا ضد خمسة مواقع في باكستان.
وأعادت باكستان فتح مجالها الجوي بشكل كامل، أمس الاثنين، وفق ما أفادت السلطات بعد أيام من إغلاقه أمام حركة الطيران، ما ترك الآلاف عالقين في أنحاء العالم في ظل تفاقم التوترات مع الهند.
وأسقطت القوات الجوية الهندية، أمس الاثنين، طائرة باكستانية عسكرية بدون طيار ضلت طريقها عبر الحدود، بحسب ما أفاد الإعلام الهندي، فيما يستمر التوتر بين البلدين الخصمين.
وأفرجت باكستان الجمعة عن طيار هندي أسرته هذا الأسبوع في "مبادرة سلام" حيال الهند، بعد ثلاثة أيام من أزمة حادة ومعركة جوية بين القوتين النوويتين.
وأبرزت الصحف الباكستانية الصادرة اليوم أنباء إبقاء قواتها في حالة تأهب تام على الحدود مع الهند للرد على أي هجوم مفاجئ، وأخبرت عن استئناف العمليات الجوية في مطار لاهور الباكستاني القريب من الحدود الهندية بعد إغلاقه لأكثر من 72 ساعة بسبب التوتر العسكري مع الهند.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" إنه مع تراجع حدة التوتر في أعقاب المواجهة الأخيرة الخطيرة بين الهند وباكستان، اعتبر أن رئيسي وزراء الدولتين النوويتين خرجا رابحين من هذه الأزمة، ففي حين نجح ناريندرا مودي في تثبيت موقعه كقومي هندوسي، ظهر عمران خان كصانع سلام، ووقّع نحو 400 ألف شخص على عرائض مطالبة بحصول رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان على جائزة نوبل للسلام، وفي وقت حبس العالم أنفاسه، فاجأ خان كثيرين بإعلانه أنه سيتم الإفراج عن الطيار ابهيناندان فارثامان كـ"بادرة سلام".
وجردت مواقف خان خصومه في البرلمان ووسائل التواصل الاجتماعي على حد سواء من أسلحتهم، إذ أشارت صحيفة "ذي نيوز" إلى "دفء غير معهود (...) بين الحكومة والمعارضة".
وبالنسبة للمحلل مشرّف زيدي، يبدو مودي "كزعيم تافه مولع بالحرب في حين يظهر رئيس الوزراء (الباكستاني) كرجل دولة".
ووصف آخرون موقف خان بأنه كان "مفاجأة سارة للغاية"، ويرى التقرير أن مودى تعرض لإحراج وانتقادات داخلية نتيجة لفشل ضرباته الجوية وإسقاط الطائرة وأسر الطيار، وأنه يحاول إظهار موقف متشدد من أجل استغلال المشاعر الوطنية في الانتخابات.
كشفت مصادر حكومية هندية، أن الهند غير قادرة على تزويد قواتها بالذخيرة لأكثر من 10 أيام، في حال خوض اشتباكات مكثفة مع باكستان، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن مصادر حكومية هندية أن 68% من معدات الجيش الهندي قديمة للغاية، بل وتعد رسميا "عتيقة".
وقال جوراف جوجوي عضو اللجنة الدائمة للدفاع في البرلمان الهندي "قواتنا تفتقر للمعدات الحديثة، فيما عليها تنفيذ عمليات عسكرية في القرن الحادي والعشرين".
وأضافت الصحيفة أن طيارا في سلاح الجو الهندي وجد نفسه الأسبوع الماضي في خضم معركة جوية عنيفة مع طائرة مقاتلة باكستانية وانتهى به المطاف أسيرا في قبضة العدو.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطائرة التي كان يستقلها الطيار الهندي، يعود تاريخ صناعتها لستينيات القرن الماضي.
ووصفت الصحيفة الصدام الجوي الأخير بين الهند وباكستان، بأنه كان لحظة مشؤومة بالنسبة للجيش الهندي الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة للمساعدة في كبح جماح الصين الآخذة في التوسع، حسبما ذكرت وكالة أنباء سبوتنيك الروسية.
خلفيات كثيرة أحاطت بالتوتر بين الهند وباكستان وسط تراجع شعبية رئيس الوزراء الهندي الحالي
خلفيات كثيرة أحاطت بالتوتر بين الهند وباكستان حاليا ولعل من بينها الوضع الداخلي في الهند الذي يشهد انتخابات وسط تراجع شعبية رئيس الوزراء الحالي في نيودلهي.
ومن جانبه، ذكر الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في الأمن الاقليمي لـ"الوطن" أن خلفيات التوتر بين الهند وباكستان تعود لرغبة الهند وهي من قامات بالغارات في استغلال الأمر سياسيا، حيث يسعى مودي للهروب من أزماته الداخلية وتراجع شعبيته عبر إثارة المشاعر القومية، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات في الهند.
وظهرت حملات تدعو رئيس الوزراء الهندي مودي إلى عدم تعريض جنوب آسيا للخطر من أجل حفنة من الأصوات في الانتخابات، فضلا عن ظهور انتقادات ومعارضة داخلية قوية له وخاصة على خلفية تعامله مع الأزمة الأخيرة ونتائجها.
واعتبر "أبوزيد" أنه في المقابل، فإن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قد ظهر كصانع سلام في هذه الأزمة من خلال بادرة السلام التي قدمها عندما اتخذ قراره بالإفراج عن الطيار الهندي الذي أسره الجيش الباكستاني، وهو قرار ليس سهلا في دولة مثل باكستان، فيما ظهر رئيس الوزراء الهندي مودي كقومي وهندوسي متعصب.
أبوزيد: رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان ظهر كصانع سلام ومودي متعصب
وأكد أبوزيد أنه اقتراب الانتخابات الهندية التي إذا تمت في أجواء عادية فإن حزب الشعب الهندي الحاكم منذ سنة 2014 سيُهزَم، فقد عجزت حكومة ناريندرا مودي عن الوفاء بوعودها الانتخابية وكان من المتوقع أن يقوم حزب مودي بعمل خارجي لإلهاء الناخبين وخلط الأوراق، مثل افتعال التوتر مع باكستان، أو إشعال أزمة طائفية داخلية بالهند كتلك التي صنعها رئيس الوزراء الباكستاني عام 2002 ضد المسلمين في أحد الأقاليم الهندية، كما استغلت الهند التوتر الراهن داخليا على المستوى السياسي، فشنت حملة اعتقالات واسعة في كشمير شملت مئات المعارضين السياسيين، كما يسعى الحزب الحاكم في الهند إلى إلغاء مادتين من الدستور الهندي حول وضع كشمير واستقلالها الذاتي في إطار الفيدرالية الهندية، وهو ما يمكن أن يفتح أبواب حرب انفصالية.
وزير الخارجية الباكستاني: تأهب جيشنا منع هجوما هنديا محتملا
قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي أمس الاثنين إن تأهب جيش بلاده منع هجوما هنديا محتملا ضد خمسة مواقع بالبلاد، في وقت قالت مصادر عسكرية هندية إن سلاح الجو الهندي أسقط طائرة باكستانية بلا طيار اخترقت المجال الجوي الهندي في منطقة "راجستان".
وصرّح الوزير قريشي، في لقاء مع قناة "جيونيوز" الاخبارية الباكستانية، بأن القوات المسلحة لباكستان كانت متأهبة وكانت المخابرات على دراية بمجرى الأحداث، كما أن التواصل الدبلوماسي والعسكري لعب دوراً في وقف الهجوم الهندي، مشيرً إلى أن القيادة المدنية والعسكرية للبلاد تابعت بشكل مستمر الأحداث.
وأضاف وزير الخارجية الباكستاني أن الموقف يتحسن عند خط السيطرة مقارنة بالأيام السابقة، موضحاً أن الأزمة الحالية تدور حول قضية كشمير.
وحول السلام في كشمير، قال قريشي إن "الكشميريين يقدمون التضحيات، فلا يوجد حل عملي لكشمير من دون احتواء الكشميريين"، مضيفاً أن باكستان ترغب في قيام علاقات ودية مع الهند إلا أن قضية كشمير هي محور الخلاف الرئيسي بين الدولتين.
وأوضح أن المجتمع الدولي يضغط من أجل حوار بين الهند وباكستان.
ودعت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية السبت الماضي إلى التهدئة ووقف التصعيد بين باكستان والهند، وذلك على أثر التطورات الأخيرة التي وقعت بين البلدين في أعقاب التفجير الإرهابي الذي شهده الشطر الهندي من كشمير.
وأكدت مصر أهمية تغليب لغة الحوار بين البلدين من أجل تسوية كل المسائل العالقة بينهما، وتجنب التصعيد لما له من آثار سلبية على الأمن والاستقرار في البلدين ومنطقة جنوب آسيا بصفة عامة.
كما أكد البيان ثقة مصر في حكمة البلدين من أجل ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجاوز الأزمة الراهنة.