الأهالى مشتاقون للعودة بعد التطوير: «منطقتنا أصبحت قطعة من أوروبا»
الشقق بعد تجهيزها
مشاعر مختلطة بالفرحة والقلق، سيطرت على أهالى منطقة «روضة السيدة»، مع اقتراب موعد تسليم الوحدات السكنية والمحال التجارية، فهم ينتظرون عودتهم إلى منطقتهم المطورة بفارغ الصبر، التى أصبحت بنظرهم «قطعة من أووربا»، ورغم ما يتردد على مسامعهم من وقت لآخر بأن التسكين سيقتصر على بعض الأسر المستحقة إلا أنهم يعيشون على أمل تنفيذ ما وعدهم به المسئولون قبل إخلاء المنطقة.
«أم حسن»، 69 عاماً، كانت من ضمن الأسر التى أخلت منازلها فى نهاية 2016 مقابل الحصول على سكن مؤقت بـ«مساكن عثمان» بمدينة 6 أكتوبر، لحين انتهاء تطوير منطقتهم، تقول إنها تنتظر عودتها إلى منطقة السيدة زينب مرة أخرى، فهذه هى المرة الأولى التى تخرج فيها من منزلها منذ ولادتها، على حد قولها: «عشت واتربيت فى السيدة، حتى لما اتجوزت سكنت فيها، وماعرفش مكان فى الدنيا غيرها، ومن يوم ما نقلونا أكتوبر وأنا حاسة إنى مخنوقة لأن المكان مافيهوش روح زى منطقتنا»، موضحة أنها كانت ترفض فى بداية الأمر التخلى عن بيتها المتهالك، ليس حباً فى المنطقة التى وصفتها بـ«البشعة»، لكن لأنها المأوى الوحيد لها ولحفيدها الذى يعيش معها، بحسب كلامها: «كنت بسمع من جيرانا إنهم هيهدوا بيوتنا ويرمونا فى الشارع، وأنا ماليش مكان تانى، فرفضت إنى أسيب البيت، لحد ما ابنى راح للمسئولين فى الحى، وقالوله إنى هرجع المنطقة تانى بعد ما نطورها، وأخدنا جواب منهم بالكلام ده».
«أم حسن»: «لما شُفت المكان على النت ما صدقتش إن دى تل العقارب اللى كنا ساكنين فيها».. و«شفيق»: «خايفين يسلمونا محلات مساحتها صغيرة»
لم تتوقع السيدة الستينية أن «تل العقارب» بعشوائيتها المعروفة ستتحول على مدار الـ3 الأعوام الماضية إلى منطقة راقية، حيث اعتادت من وقت لآخر سماع وعود من المسئولين بالتطوير، لكن الأمر كان يتوقف عند الوعود دون اتخاذ أى خطوة حقيقية على أرض الواقع، وفقاً لكلامها، مضيفة: «لما شُفت المكان على النت مع حفيدى ما صدقتش إن دى تل العقارب اللى كنا عايشين فيها، المكان حلو وزى اللى بنشوفه فى التليفزيون، وبتمنى أرجع لها تانى واندفن فيها زى ما اتولدت فيها».
لم يختلف الوضع كثيراً بالنسبة لـ«باسم سماحة»، 47 عاماً، يملك محلاً تجارياً، وأحد سكان منطقة «تل العقارب»، حيث اضطر إلى إخلاء منزله بعد مفاوضات عديدة مع المسئولين انتهت بحصوله على سكن بديل وخطاب من الحى يثبت ملكيته لإحدى الشقق بالمنطقة، ينتظر «سماحة» عودته إلى المنطقة بعد تطويرها بـ«فارغ الصبر»، حتى يتمكن من العمل مثلما كان سابقاً: «حياتنا كلها فى السيدة زينب، والفترة اللى عشتها هنا اتبهدلت فيها، ده غير المصاريف اللى بقيت بادفعها لأولادى فى المواصلات علشان يروحوا مدارسهم».
شائعات عديدة تتردد على مسامع «سماحة» منذ بدء إخلاء المنطقة وحتى تلك اللحظات، من بينها أن التسكين فى منطقة روضة السيدة سيقتصر على بعض الأسر، بجانب أنهم سيدفعون مبالغ كبيرة كإيجار شهرى حتى يتمكنوا من الحصول على وحدة سكنية، مشيراً إلى أنه لم يعد يثق سوى فيما يسمعه من مسئولى حى السيدة زينب الذين أكدوا له أنه من ضمن الأسر المستحقة بالمشروع.
لم يسبب إخلاء المنطقة وهدمها أزمة لأهالى «تل العقارب» وحدهم، إنما شاركهم فى المعاناة أبناء ميدان أبوالريش فى السيدة زينب المقابل لـ«تل العقارب»، إذ تم هدم نحو 12 عقاراً لهم، حتى يتم التطوير بالكامل لمنطقة «روضة السيدة»، ومن بين الذين أصابهم الفزع وقتها «أيمن شفيق»، إذ كان يمتلك هو وأشقاؤه الثلاثة مطعماً ورثوه أباً عن جد، يعد مصدر دخلهم الوحيد، وفقاً لكلامه: «إحنا كنا بعيد عن تل العقارب، فلما قالوا لنا هنخلى الميدان اعترضنا وقدمنا شكاوى للمسئولين وقتها، لأن ده أكل عيشنا ومالناش غيره، لحد ما اجتمعنا مع رئيس حى السيدة زينب وقال لنا إن ده هيكون إخلاء مؤقت لحد ما يطوروا المنطقة». بمجرد البدء فى إجراءات إخلاء الميدان، توجه «شفيق» إلى حى السيدة زينب التابع له، ومعه بعض الأوراق التى تثبت ملكيته للمحل بالمنطقة، للحصول على مكان مؤقت من ناحية ولإثبات أحقيته فى محل جديد بعد الانتهاء من المشروع من ناحية أخرى، على حد تعبيره: «لما كانوا بيعملوا حصر للمنطقة قدمت للحى السجل التجارى والملف الضريبى ورخصة المحل، وأخدنا منهم جواب يثبت إن لينا حق التسكين بعد ما يطوروها، وكل اللى كان عنده محل نقلوه لسوق السيدة مؤقتاً». رغم فرحة «شفيق» بالانتهاء من تطوير منطقته التى أصبحت خلال مدة زمنية قليلة «قطعة من أوروبا»، على حد وصفه، إلا أنه يخشى حصوله على محل بمواصفات تختلف عما كان يملكه، من حيث المساحة أو الموقع، مشيراً إلى أن محله كان يطل على الشارع الرئيسى بواجهة مساحتها 8 أمتار، مضيفاً: «خايفين يسلمونا محل مساحته صغيرة ما نقدرش نمارس فيه نشاطنا أو نحط فيه أدواتنا، خصوصاً إننا مطعم، يعنى بنحتاج مساحة كبيرة، وباتمنى المسئولين لما يرجعوا يسكنونا يراعوا طبيعة أكل عيشنا».