«عبدالناصر» كان ينادى كيرلس السادس بـ«يا والدى».. وتنبأ باتفاقية السلام
لقاءسابق جمع «عبدالناصر» بالبابا«كيرلس»
رغم جلوسه على الكرسى البطريركى 12 عاماً فقط، استطاع التأثير فى التاريخ الكنسى عبر عدة محطات، رصدتها «الوطن» وفقاً لمذكرات شقيقه حنا يوسف عطا، والشماس الخاص به القمص «رافائيل أفا مينا»، حيث أكدت المذكرات ارتباط عهد البابا «كيرلس»، بإصلاحات كنسية كبرى، أبرزها اهتمامه بغرس بذرة التعليم داخل النظام الكنسى فى العصر الحديث، فبدأ برفع شأن الأكليريكية، عبر العمل الرعوى الخاص بالتعليم، ليتم رسامة «الأنبا شنودة» أسقفاً للتعليم والمعاهد اللاهوتية، ناهيك عن الاهتمام بالمعهد العالى للدراسات القبطية ورسامة «الأنبا غريغوريوس» أسقفاً للدراسات القبطية والبحث العلمى. الظروف الاجتماعية السيئة التى تعرضت لها مصر دفعت الكنيسة حينها، وفقاً لمذكرات «حنا يوسف»، إلى رسامة الأنبا صموئيل أسقفاً للخدمات العامة والاجتماعية لبحث شئون الفقراء والمحتاجين والعمل على الاستقرار العائلى والخدمة الروحية للأسرة، فضلاً عن أمور إصلاحية وخدمية تُوجت بظهور العذراء مريم بكنيسة الزيتون.
«البابا كيرلس» نجح فى استعادة دور الكنيسة المصرية إقليمياً بزيارات إلى إيبارشيات القطر المصرى حتى إثيوبيا، وتوجه بنظره إلى القارة الأمريكية فاهتم بتثقيف الشباب بالعلوم اللاهوتية والكنسية ورسمهم كهنة عام 1964، كما وصلت جهوده إلى قارة أستراليا، حيث انتقى واحداً من خيرة الشباب ورسمه كاهناً ليخدم أقباط الجالية الأسترالية فى عام 1969.
اهتم بالتعليم الكنسى ورسم له أسقفاً واستهدف الفقراء بتعيين أسقف للخدمات العامة.. واستعاد الدور الإقليمى للكنيسة بزيارات إلى إثيوبيا وأمريكا
وعاود الاهتمام بالمدينة الرخامية بمنطقة مريوط المعروفة باسم مدينة «أبومينا» أو مدينة الشهيد مارمينا العجايبى، فبادر بزيارة المنطقة عدة مرات ثم وضع حجر أساس الدير الحديث بالمنطقة باسم دير القديس مينا العجايبى، فى يوم الجمعة 27 نوفمبر 1959، ثم ألحق به بيت خلوة يقصده للتأمل الروحى العميق، كما نجح فى إعادة جسد القديس «مار مرقس» من إيطاليا، فى حضور الرئيس جمال عبدالناصر وإمبراطور الحبشة «هيلاسلاسى»، وتميز بالروح الوطنية وعلاقته الوطيدة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، التى تحولت إلى صداقة، فكانا يسيران بأيادٍ متشابكة، وكان «ناصر» يناديه: «يا والدى». «ستدفع الدولة مبلغ ١٠٠ ألف جنيه مساهمة فى ذلك البناء العظيم»، بتلك الكلمات رحب «عبدالناصر» ببناء الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، بل وساهم بمبلغ مالى من مدخرات أبنائه، وفقاً لذات المصدر السابق، ودعاه لزيارة منزله وتبادلا الهدايا التذكارية، واستمر عبدالناصر فى مساعدته للكنيسة حباً فى البابا كيرلس، حيث قرر إنشاء مجلس لإدارة أوقاف البطريركية بعد أن فشل فى ذلك المجلس الملى، وأدى إلى عجز فى الميزانية، بالإضافة إلى تبرعه بـ١٠ آلاف جنيه مكّنت الكنيسة من دفع رواتب العاملين بالبطريركية بعد تأخرها لعدة شهور.
وحرص الرئيس على افتتاح الكاتدرائية عام ١٩٦٨، على الرغم من تعبه الذى ظهر عليه فى استناده على ذراع البابا أثناء تحركه، وحاول البابا تأجيل الحفل حرصاً على صحته، إلا أن «ناصر» رفض قائلاً: «لا.. أنا مسرور هكذا».
وعلى الرغم من قصر مدة التعامل بين البابا والرئيس محمد أنور السادات، فإنه قبل وفاة البابا بيوم حرص على إرسال برقية بها نبوءة للرئيس السادات: «سيخلد التاريخ لسيادتكم فى أنصع صفحاته دوركم العظيم فى الحفاظ على السلام فى الشرق الأوسط، ولكن إصرار العدو على التوسع أغلق الأبواب فى وجه محاولات بناء السلام، ولم يكن أمامكم إلا الطريق المشروع»، وتحققت كلماته إثر توقيع السادات اتفاقية السلام بعد الحرب.