«مصارعة» فى «عزبة أبوقرن»: «الطفل لو ساب الصالة يشتغل تاجر مخدرات»
بين أطلال ذلك الحى الشعبى، المُسمى بعزبة "أبو قرن"، يطل مركز شباب أبو السعود، شامخًا زاخرًا، محتويًا بين جنباته صالة المصارعة، يقبع فيها رجل فى الثمانينات من العُمر، مرتديًا زيه الرياضى، يرقب بنظرات ثاقبة، خطوات أطفال دون الـ 12 عامًا، يقومون بالإلتحام مع بعضهم البعض، يتصارعون، قبل أن يُشير الكابتن عبد اللطيف بيديه، متحدثا بصوت رخيم، نتج عنه انتباه جميع من فى الصالة مدربين ومتدربين، يُنصتون له، مستمتعين بملاحظاته، التى ريثما ما يطبقونها بحذافيرها، قبل أن ينظر شيخ الرياضة إلى ساعته الرقمية، فيجدها اقتربت من الرابعة عصرًا، يقبض بيديه على هاتفه المحمول، فيُخاطب زوجة ابنته، يخاطبها "اعملى شويه عدس عشان المتدربين ياكلوا"، فـ "عبد اللطيف حنفى عاشور" يصرف من أمواله الخاصة على الأطفال، علاوة على مراعاتهم فى جلب ملابس التدريب لهم، أفنى عمره فى رياضة "الدولة بتتجاهلها"، بالرغم من تخريجها لأبطال عالم فى المصارعة، منهم على سبيل المثال وليس الحصر كرم جابر، بوجى، وليد نبيل، محمد عنتر وحسين عليان.
تاريخ "عبد اللطيف" حافل بدأ منذ عام 1954 وقتها لعب فى النادى الأهلى، مع الجيل العملاق للعبة، دخوله إلى المجال كان بمحض الصدفة، فـ "عبده" كان موظفا فى الإصلاح الزراعى، ليفاجأ بأحد أصدقاؤه يُخبره "ما تيجى نروح نلعب مصارعة"، ومن وقتها وأضحى ذهابه إلى صالة التدريب إدمانا لا يستطيع العلاج منه "بعدها دخلت بطولات وبعد كده قررت اعتزل الرياضة واتفرغ للتدريب وعمل الدراسات والبحوث حول اللعبة".
الرجل الثمانينى، علم أولاده المصارعة، فابنه الأكبر حُسام "مدير إدارى لإتحاد المصارعة"، أما أشرف فحصل على لقب أفضل مدرب عربى فى اللعبة لـ 4 مرات، ويُشرف الآن على تدريب منتخب السعودية، أما وليد حسام –حفيد الكابتن عبد اللطيف- فهو خريج كلية التربية الرياضية، لم تستهويه الرياضة أبدًا، لكنه فور ممارستها أدمنها "من حبى فى المصارعة اشتغلت هنا متطوع بدون أجر حُبًا وناوى لما اتجوز واخلف اعلم أولادى المصارعة بردو"، يعرف أهل المنطقة العشوائية تلك العائلة جيدًا.. "عائلة كلها مصارعين وناس طيبين"، هذا ما يؤكده "عمرو" أحد أبناء المنطقة الذي تربى فى كنف "عبد اللطيف" واعتبره كوالده "لولا الكابتن عبد اللطيف.. كان زمانى دلوقتى تاجر مخدرات أو مسجل خطر.. لكن الحمد لله إن ربنا ألهمنى بالرياضة اللى انقذتنى".
فى عام 2012 وحده، حصد مركز الشباب المشرف عليه الكابتن عبد اللطيف، 37 ميدالية على مستوى الجمهورية، هذا علاوة على 3 بطولات أفريقية، أكثر ما يستنكره شيخ اللعبة "احنا ناس بنجيب ميداليات ومفيش أى اهتمام بينا"، فلا أحد رسمى او غير رسمى يقابلهم فى المطار خلال عودتهم من الخارج مُحملين بالنصر "فرقة الكورة تبقى جاية من بره مهزومة وبيستقبلوهم".. جميع النفقات على المتدربين يجمعهم "عبد اللطيف" وأسرته من خلال أهل الخير، ومن أموالهم الخاصة "أصل الطفل لو ترك الصالة يا إما هيتشغل تاجر مخدرات أو هيبيع خُردة"، قبل أن يُشير إلى الحالة الاجتماعية السيئة لأهالى المنطقة.