م الآخر| دولة الغريب (4).. الأمير الهارب
قد جاء إدريس الأول إلي المغرب هربًا من ظلم هارون الرشيد في بغداد، فمع أنهم أولاد عمومة وكانوا شركاء في قهر الدولة الأموية في المشرق، ولكن عندما جاءت السلطة لأبناء عباس بن أبي طالب عم رسول الله صل الله عليه وسلم، تخوفًا من ثورات أبناء باقي الفروع الهاشمية، فقد جاء إدريس الأول هربًا وحيدًا لا يمتلك إلا علمه ونسبه ودينه.
أنشأ دولته بمشاركة الأمازيغ، فقد أحبه لنسبه فهو حفيد الحسن رضي الله عنه، ووضع إدريس الأول يده في يد الأمازيغ، فأنشأ دولة قوية تقوم على المساواة والعدل.. ولكن لحكمة الأقدار ينتهي عمر إدريس الأول، ويضع الأمازيغ أملهم في الطفل الرضيع إدريس الثاني، ويلتفوا حوله ويوفروا له كل سبل الرعاية، فكبر الصبي وكان خير ممثل لوالده، فيكمل إنشاء الدولة معتمدًا على الأمازيغ، الذين احتضنوه حتى تولى عرش والده.
فقد أكمل بناء مدينة فاس واستمرت دولة الأدارسة قوية، واحتضنت العديد من أولاد الحسن، ولكن مع زيادة قوة الدولة الأموية في الأندلس، كان لا بد من إنهاء الدول الصغيرة المجاورة، فالبقاء للأقوى دائمًا، والضعيف ليس له مكان في السياسة.. سرعان ما انتهت الدولة واستمر الحلم باقي، حلم المساواة بين العرب الأمازيغ، فالإسلام قام على المساواة ولم يقم على التفرقة العنصرية، فبقيت بقايا دولة الإدارسة تحكم الدول المجاورة، في نسل السنوسي والقادرية في الجزائر.
كان أبويوسف بن يعقوب بن عماد، قائد مغامر في جيوش الأدارسة المنهزمة، بإدارة الأمير الذي كانت لديه رغبة في أن يعيش تحت الحكم الأموي، فلم يكن يهوي الحرب والكفاح، ورغبة أبويوسف الرحيل إلى القلزم لتحرير طريق الحج وبناء دولته الجديدة.
يأتي إلى المسجد الأمير الأموي، ويستمع إلى ما فعله أبويوسف في بيت الحكم وخطورته على الدولة، ويرى الأمير الأموي أن وجوده أصبح خطرًا على الدولة، فيطلب لقاءه فيذهب له أبويوسف في صحن الدار..
- الأمير الأموي: سمعنا عنك الكثير والخليفة الناصر يريدك أن تكون بجواره.
- أبويوسف: أشكر ثقته في ولكني لا أظن أني مناسب لهذه المهمة.
- الأمير: إن الناس تتجمع حولك ويظن الواهمون أنك أمل الأدراسة القادم والمخلص لهم.
- أبويوسف: إنها مجرد أوهام ولا أستطيع أن أحاسب الناس على أفكارهم.
- الأمير: أمامك فرصة.. إما أن تذهب إلى قرطبة، وإما أن تترك المغرب كله، ولا تنسى الصلاة قبل أن نصلي عليك.
يدرك أبويوسف، محاولة التهديد وأن البلد تضيق عليه وليس أمامه سوى الخروج، فيفكر مرة أخرى في الحلم، وأنه بالتأكيد يحمل له رسالة النجاة.