مكفوفون يحترفون البرمجة و«نفسهم يتعينوا»: ما كانش يتعز!
محمد علي
شعاع داخلى يُنير عتمتهم، ويحفزهم على «المعافرة» لإثبات الذات والاندماج فى المجتمع، حتى وإن تطلَّب ذلك تعلُّم أحدث برامج الكمبيوتر والبرمجة، واحتراف إدارة شبكات الإنترنت، المجال الصعب على المبصرين فما بالك بالمكفوفين. فى محاولة للتأهل واقتحام سوق العمل، وطرق أبواب المؤسسات والشركات الكبرى، تحمَّس عدد من فاقدى البصر على خوض دورات متقدمة فى التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت، رغم صعوبة هذه المجالات، للعمل فى وظائف مهندس كمبيوتر، مبرمج، مصمم إلكترونى.. وغيرها والتى كانت ممنوعة عليهم، بالاعتماد على برامج صوتية سماعية.
خاضوا دورات تؤهل لوظائف مبرمج ومهندس كمبيوتر ومصمم إلكترونى
«الصوت بالنسبة لنا هو النظر بالنسبة للمبصرين، بنتعامل بالصوت وبندرب المكفوفين إيديهم تمشى على الكيبورد بكفاءة»، بحسب وائل عصام، كفيف ومدرب كمبيوتر بأحد المراكز الموجودة فى منطقة النزهة، موضحاً أنه قبل الاشتراك فى هذه الدورات، يخضع المكفوفون لاختبارات، من أجل تحديد مستواهم: «بنعرف الأول هو عايز يتعلم إيه، وحجم خبراته فى مجال التكنولوجيا، عشان نقدر نساعده يشتغل فى المجال اللى يفضله، وميزتنا كمكفوفين إصرارنا على إثبات النفس، وقدرتنا على التعلم بسرعة وبشكل صحيح».
3 أشهر هى مدة الدورة المتخصصة، ورغم صعوبة هذا المجال وتعقيداته واحترافه من قِبل عدد كبير من المكفوفين، فإن أصحاب الشركات يرفضون تعيينهم: «بيقولوا انتو كويسين جداً وشاطرين ومميزين، لكن للأسف ما تنفعوش للشركة»، يقولها باستياء محمد على، 24 عاماً، حاصل على ليسانس ألسن شعبة لغة إنجليزية: «أكتر حاجة مطلوبة فى سوق العمل هى الكمبيوتر والإنترنت، فاشتغلت على نفسى كتير واتعلمت التسويق الشبكى وصيانة الكمبيوتر، وبرمجة المواقع وتصميمها»، حيث بدأ خوض هذه الدورات منذ عام 2013، ومن وقتها إلى الآن لم يحصل على وظيفة.
منة الله عصام، 26 عاماً، فقدت البصر منذ أعوام قليلة، لكنها لم تيأس وتستسلم يوماً واحداً، وأصرت على أن تعمل فى إحدى الوظائف المرموقة داخل بعض الشركات، لذلك قامت بتعلم برامج الإنترنت والكمبيوتر: «ويندوز قديم وحديث، وأوفيس وكورس شبكات الإنترنت». وساعدها فى إلمامها بهذا المجال أنها كانت مبصرة حتى دراستها الجامعية، ثم أخذ نظرها يقل شيئاً فشيئاً، حتى فقدته نهائياً: «كنت عارفة أماكن الحروف على الكيبورد، واتعلمت أكتر بالبرامج الناطقة، وبقيت أشغّل ودانى أكتر وأستعملها كتير بدل عينى».
أكثر ما يصيب «منة» بالإحباط الرفض الذى تجده من أصحاب الشركات عند تقدمها لوظيفة رغم مؤهلاتها: «مفيش فرق بين المبصر والكفيف غير إن المجتمع مش قادر يعترف إنه يقدر يشتغل فى أى شغلانة».