أبوالغيط: 85% من المياه العربية تنبع من خارج أراضي دول المنطقة
أبو الغيط خلال كلمته في مؤتمر المجلس العربى للمياه
قال الدكتور أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن قضية المياه بكافة أبعادها البيئة، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والاستراتيجية، لازالت تقع في القلب من التحديات التي تواجه العالم العربي في السنوات والعقود القادمة، ولايمكن التعامل معاها كشعوب وحكومات سوى بالمسؤولية الكاملة واليقظة القصوى، والانتباه إلى حاجات اليوم، واحتياجات المستقبل القريب والبعيد.
وأشار أبوالغيط، خلال كلمته في الدورة الخامسة للجمعية العمومية للمجلس العربي للمياه، إلى ما آلت قضية المياه من حضور ملموس على الأجندة الدولية، ورصد تصاعد الحديث عن مخاطر الجفاف، وندرة المياه في المستقبل، والاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع أوضاع قد لا يكون بالإمكان التنبؤ بأبعادها الخطيرة على نحو كامل في الوقت الحالي، وأنها ستكون أكثر صعوبة، وستمثل ضغوطا إضافية على الموارد المائية للكوكب، في ظل تصاعد السكان والحاجة إلى التنمية، والسعي إلى توفير الغذاء، بالاضافة إلي التغير المناخي الذي صار حاضرا بقوة فى كافة المناقشات حول ندرة المياه، ويفاقم من خطورة أوضاع هشة من الأصل، ويزيد من صعوبة التعامل مع هذة الأوضاع، فهناك أحداث تدق جرس الإنذار، وتنبه لضرورة التصدي للمشكلة بالتخطيط والاستعداد الكامل قبل ان تداهمنا.
وأوضح، أن المنطقة العربية تعاني من الندرة المائية، وتواجه درجات مختلفة من الجفاف التي ستزداد حدته مع الوقت، في بعض المناطق بسبب ظاهرة التغير المناخي، بالإضافة إلى أن المنطقة العربية صاحبة أكبر عجز غذائي في العالم، والاسرع نموا في عدد السكان، مضيفا أن 85% من المياه العربية تنبع من خارج أراضي الدول العربية، وهو ما يمثل تحدي حقيقي بالمعني الاستراتيجي الشامل.
وأردف أبوالغيط، خلال حديثه، أن هناك تجليات اجتماعية واقتصادية خطيرة لظاهرة نقص المياه في بعض المناطق العربية، ولوحظ ما يمكن أن تفرزه من مظاهر انعدام الاستقرار والاضطرابات والعنف، وأن موسم الجفاف الذي سبق اشتعال الأوضاع في سوريا واستمر لسنوات، كان مسئولا عن تردي الأوضاع في المناطق الريفية، وهجرة مئات الآلاف إلى المدن، ما تسبب في خلق حالة عامة من الاضطراب والتوتر الأهلي، وبيئة تساعد علي العنف وتجنيد المتطرفين، بالإضافة إلى معاناة الفلسطينيين وما تتعرض له مياههم وخزانتهم الجوفية في الضفة الغربية، من سرقة ونهب علي يد سلطات الاحتلال، التي تضخ هذه المياه المنهوبة في مستوطنات غير قانونية أقيمت على أرض محتلة، في تناقض صارخ ليس فقط مع القانون الدولي وإنما مع الضمير الإنساني.
وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن دور المجلس العربي للمياه، منذ إنشائه في 2004، يعد محوريا في الوصول إلى فهم أعمق، وإدارة أفضل للموارد المائية، وأن عمل المجلس ونشاطهلم ينقطع خلال الفترة المنصرمة، برغم كل الظروف والتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، على جميع المحاور الفنية والمؤسسية والتنظيمية، وعلى مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى أن المجلس العربي شريك أساسي للمجلس الوزاري العربي للمياه، والذي أنشأ بمبادرة من الجامعة العربية في 2008، إيمانا منها بأولوية قضية الأمن المائي العربي، مشيرا إلى أن المجلس الوزاري العربي للمياه، عقد أولي دوراته في الجزائر عام 2009، إيذانا ببدء مرحلة جديدة للعمل العربي المشترك في مجال المياه، والتي كان من ثمارها البارزة، تبنى الاستراتيجية العربية للأمن المائي 2010-2030، المعنية بمواجهة التحديات المستقبلية لموارد المياه، وكانت الاستراتيجية نتاج عمل مشترك بين جميع الجهات المعنية بالشأن المائي في الدول العربية والشركاء، وتم إقرارها في القمة العربيةالتي عقدت في بغداد عام 2012، كما تمت المصادقة علي خطتها التنفيذية، في قمة نواكشوط 2016.
وقال أبوالغيط، إن الدول العربية تحتاج إلى عمل متضافر في مجال المياه، سواء على المستوى الاستراتيجي والسياسي، أو على المستويات الفنية، فقضية المياه وإن كان جوهرها يتعلق بإدارة الموارد، إلى أن لها أبعاد سياسية واستراتيجية، تستلزم التنسيق العربي على أعلى المستويات، والأصعدة كافة.
وأضاف، أن الأمانة العامة للجامعة العربية في أبريل القادم، سوف تستضيف أول اجتماع مشترك لوزراء الري والزراعة العرب، وهي خطوة هامة، وتعكس إدراكا للطبيعة المركبة للمسألة المائية، والتي تستلزم تضافرا للجهد وتنسيقا للعمل والنشاط، وتعاونا كاملا بين المستويات السياسية والفنية في داخل الدولة الواحدة، وبين الجول العربية وبعضها البعض.