بين «التضخم» و«الركود».. السياسة النقدية فى مفترق الطرق!
محمد أبوباشا
يواجه البنك المركزى المصرى تحدياً جديداً جراء ارتفاع معدل التضخم للشهر الثانى على التوالى، حيث ارتفع المعدل السنوى للتضخم الأساسى ليسجل 9.2% فى فبراير مقابل 8.6% فى يناير الماضى، كما ارتفع المعدل السنوى للتضخم العام ليسجل 14.4% فى فبراير مقابل 12.7% فى يناير، وهو ما يعكس ابتعاده قليلاً عن المعدل المستهدف برقم أحادى، حيث يستهدف «المركزى» خفض المعدل السنوى للتضخم العام إلى 9% (%3±) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2020، ويتمثل التحدى الحقيقى فى صعوبة الاختيار بين سياسة انكماشية باتخاذ قرار زيادة أسعار الفائدة التى وصلت إلى 15.75% و16.75% على الإيداع والإقراض لتحجيم موجة التضخم التى بدأت فى الصعود مرة أخرى فى ظل تحريك مرتقب لأسعار الوقود خلال العام الحالى، أو استكمال السياسة التوسعية التى بدأها مؤخراً بمزيد من التخفيض فى أسعار الفائدة للحفاظ على البيئة الاستثمارية والابتعاد عن هاوية الركود، من خلال ضخ الأموال فى السوق وخروجها من حيز الادخار فى البنوك إلى حيز الاستثمار، لذا يبدو الوضع لنا مثل «ماتش بينج بونج» ولكن طرف واحد هو من يرسل ويستقبل الكرة، والهدف تحقيق أقصى منفعة لطرفى اللعبة معاً فى آن واحد، ومن هذا المنطلق تباينت توقعات المحللين بشأن توجهات السياسات النقدية المقبلة.
من جانبه رجح محمد أبوباشا، نائب رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرميس، توجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى للحد من السياسة التيسيرية وتثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، إثر ارتفاع معدل التضخم الأساسى بشكل طفيف ليصل إلى 9.2% ليبقى قريباً من النسبة المستهدفة من قبل البنك المركزى، خاصة أنه يستثنى منه أسعار بعض السلع عالية التذبذب، وأشار إلى أن ارتفاع التضخم خلال الآونة الأخيرة غير مقلق، حيث إن هذا الارتفاع ناجم عن زيادة موسمية فى أسعار الخضراوات والدواجن، كما أنه لم تكن هناك زيادة على المستوى الشهرى، وهو ما لا يؤثر بشكل كبير على قرارات السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
فيما توقعت محللة الاقتصاد الكلى إيمان نجم، أن يستمر البنك المركزى فى تخفيض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة غير متأثر بالارتفاع العرضى الموسمى للتضخم، والناتج عن ارتفاع بعض السلع الغذائية، مشيرة إلى أنه مع سيطرة الحكومة على أسعار هذه السلع سيتقلص ارتفاع التضخم بالتبعية، وأوضحت أن لجنة السياسة النقدية ستتوقف عن العملية التيسيرية لأسعار الفائدة مع تحرك أسعار المحروقات المرتقب تنفيذه مع منتصف العام الحالى، وذلك لفترة حتى ينخفض تأثير التضخم الناتج عن هذه الزيادة بنهاية العام والسيطرة عليه بشكل كامل.
وأوضح تقرير صادر عن «كابيتال إيكونوميكس» أن البنك المركزى المصرى من المرجح أن يواصل سلسلة خفض أسعار الفائدة رغم زيادة التضخم، مبررة ذلك بأن الضغوط المنخفضة للتضخم الأساسى والتدفقات النقدية القوية من شأنها أن تسمح باحتمالية إقبال «المركزى» على خفض أسعار الفائدة، كما أن التقرير لم يستبعد احتمالية تقليل «المركزى المصرى» للسياسة التيسيرية، وأرجع التقرير احتمالية استمرار تواصل السياسة التيسيرية للبنك المركزى إلى أنه يركز فى الأصل على التضخم الأساسى، الذى يقترب بشكل كبير من المستويات المستهدفة على الرغم من ارتفاعه.