آخرها حادث مسجدي نيوزيلندا الإرهابي.. أردوغان "تاجر الأزمات"
أردوغان
"تاجر الأزمات" هكذا لقب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ففي أغلب خطاباته، كانت عبارات الشجب والإدانة لبعض الأزمات التى تمر بها عددا من دول العالم "ركن أساسي" بداية من أزمة اللاجئين السوريين والقضية الفلسطينية حتى حادث مسجدين نيوزيلندا الإرهابي ووصفه لتلك "المجزرة" في حق 50 مسلما بأنها جزءا من هجوم أكبر على تركيا والإسلام.
>> في المواقف التالية.. "الوطن" تستعرض أبرز الأزمات التى استغلها وتاجر بها "أردوغان" لصالح أطماعه السياسية:
اللاجئين السوريين
طالما استخدم أردوغان ملف اللاجئين السوريين، من أجل الحصول على ملايين الدولارات سنويا، ولهذا السبب كان يروج في أغلب خطاباته لمعاناتهم وكيف فتحت أنقرة أبوابها أمامهم وكأنها المدافع الأول عن أزمة اللاجئين فى العالم، على الرغم من قيام العديد من الدول باستقبال الملايين منهم على رأسهم ألمانيا ومصر.
ففي مارس 2016، وقعت تركيا اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي لمنع تدفق اللاجئين إلى دول أوروبا، مقابل الأموال، فقامت أنقرة باستقبال 3.5 مليون لاجئ سوري، نظير دفع الاتحاد الأوروبي لأكثر من ستة مليارات يورو لمساعدتهم، بالإضافة إلى عددا من المطالب الأخرى التى كانت أشبه بـ"الابتزاز" مثل: عضوية الاتحاد الأوروبي، والكف عن انتقادات حقوق الإنسان في بلاده عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 والتى تبعها العديد من حملات التوقيف والإقالات في حق معارضيه من أنصار الداعية الإسلامي فتح الله جولن.وفي أكتوبر 2018، هددت أنقرة دول الاتحاد الأوروبي من جديد بفتح الطريق أمام اللاجئين السوريين للهجرة إلى أوروبا حال عدم تدخلهم لوقف هجمات القوات الحكومية السورية على إدلب.
ــ القضية الفلسطينية
"إذا كان لديك عدو عليك الاحتفاظ بعلاقاتك معه، فربما تحتاجه فيما بعد".. أبرز تصريحات الرئيس التركي "أردوغان" التي تعكس حقيقة قوة علاقاته مع إسرائيل، بخلاف ما يصدره للعالم من تصريحات "عنترية" ضد دولة الاحتلال والتهديد بقطع العلاقات معهم في أكثر من خطاب كشكل من أشكال الدعم للقضية الفلسطينية وإحلال عملية السلام.ففي 2008 هدد أردوغان بقطع العلاقات مع إسرائيل في إعقاب حرب غزة التى سميت بـ "الرصاص المصبوب" أو "حرب الفرقان" والتى أسفرت عن مقتل قرابة 1500 فلسطينيا، وحمل دولة الاحتلال المسئولية كاملة عن إندلاع المعارك ووصفها بالعدوان على قطاع غزة.
وفي مؤتمر دافوس عام 2009، وبخ أردوغان، الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، خلال جلسة، جمعتهما واتهم إسرائيل بقتل الأطفال والنساء، قبل أن ينسحب من الجلسة، ذلك الاستعراض الذي تبعه دعم لا ينتهي على مدار السنوات القادمة، بداية من إلغائه لحظر عضوية إسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD"، ورفضه لمناقشة القدرة النووية لدولة الاحتلال في إحدى اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، بجانب موافقته على مشاركة إسرائيل في فعاليات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في إطار حوار البحر المتوسط.
تناقضات أردوغان في التعامل مع الملف الفلسطيني من جانب ومتانة علاقته بإسرائيل من جانب أخر، يبرهنها أيضًا عودة زخم التعاون العسكري في عام 2013، ووصول حجم التبادل التجاري إلى ذروته بين البلدين في 2014، وبلغ في عام 2016 قرابة 4.341 مليار دولار أمريكي، وفق الإحصاءات التركية، تبعها إرسال أكبر وفد اقتصادي تركي مكون من 120 رجل أعمال إلى إسرائيل في 2017.
متاجرة أردوغان، بالفلسطينيين وقضيتهم، أثبتها الإسرائيليون أنفسهم من خلال تصريح أدلى به "يؤاف غالنت" عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في إسرائيل عندما صرح قائلا: "إن حقيقة إطلاق أردوغان لتصريحات نارية من وقت لأخر يعكس حاجته السياسية الكلامية الخاصة.. اتركوه يتكلم نحن نعلم أيضا كيف نتكلم.. لكن عندما يصل الأمر إلى حدود التطبيق العملي فأعتقد أن لتركيا مصالح أخرى".
مقتل "جمال خاشقجي"
"لدينا أدلة وسنظهرها في الوقت المناسب" لم يكن لدى أردوغان أكثر من تلك العبارة لتقليب الرأي العام على المملكة العربية السعودية واستعادة النفوذ في الشرق الأوسط، عقب مقتل الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" داخل قنصليتها في مدينة إسطنبول، ووصفه للحادث بأنه "جريمة سياسية".
هذه المحاولات جميعها باءت بفشل ذريع عقب إعلان المملكة عن اعتقال 18 شخصاً جميعهم من الجنسية السعودية؛ وإصدار الملك سلمان العاهل السعودي، أوامر ملكية تضمنت إقالات بالجملة، وتوجيهات بإعادة تشكيل جهاز الاستخبارات السعودي من ضمنها إعفاء اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات العامة، من منصبه، وإقالة سعود القحطاني المستشار برتبة وزير في الديوان الملكي ورغم مطالبات المملكة الحصول على "الأدلة والبراهين" التى يزعم "أردوغان" بوجودها، إلا أن تركيا لم تتعاون رسميا مع الأجهزة السعودية لتقديم "قاتل خاشقجي" إلى العدالة، مكتفية بما تصدره وسائلها وقنواتها الإعلامية من معلومات "بلا أدلة" وتكهنات عن الحادث.
ألمانيا و"الحقبة النازية"
بعد قيام الحكومة الألمانية بمنع تجمعات لوزراء أتراك لحشد التأييد على الإصلاحات الدستورية التى تمنح أردوغان نفوذا أقوى في البلاد عام 2017، لجأ الرئيس التركي للمتاجرة من جديد مستخدما هذه المرة "جرائم النازية" ليصف موقف الألمان تجاهه.
وقال: "يا ألمانيا لا صلة لك من قريب ولا من بعيد بالديمقراطية ويجب أن تعلمي أن التصرفات الحالية لا تختلف عن تصرفات الحقبة النازية"على أثر تلك التصريحات أكدت جوليا كلوكنر نائبة رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن أردوغان يتصرف مثل "طفل عنيد يجهل ما يقوم به".
أزمة فنزويلا
عقب الإطاحة بنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتأييد الولايات المتحدة لزعيم المعارضة خوان جوايدو الذي نصب نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، عاد الرئيس التركي لساحة التنديد والشجب، ضد الممارسات الأمريكية نحو فنزويلا ورئيسها الشرعي واستغلال الأزمة للظهور في موقف "الرئيس الشهم".
على الرغم من أنه كان أول المستفيدين من أزمة توفير العملة الصعبة التى مرت بها كراكاس لسد الاحتياجات الاقتصادية والغذائية، عندما قام بمبادلة الذهب الفنزويلي بـ"منتجات تركية الصنع" ورفض أن يقدم في المقابل عملات أجنبية مثل اليورو أو الدولار، مستغلا حاجة فنزويلا لسد العجز في ظل ضغط واشنطن على بنك إنجلترا لعدم الإفراج عن نحو 1200 مليون دولار من سبائك الذهب التى تحتفظ بها فنزويلا في خزائنها.
مذبحة "مسجدين نيوزيلندا"
ترويجا للانتخابات المحلية التى سيتم إجرائها أواخر الشهر الجاري، عاد "أردوغان" مجددا إلى لهجة "المتاجرة" وهذه المرة استغل حادث مسجدين نيوزيلندا الإرهابي الذي أسقط نحو 50 قتيلا مسلما، عندما قام اليوم الثلاثاء بعرض لقطات قام الإرهابي "برينتون تارنت" منفذ الهجوم بتصويرها في موقع الحادث، وتساءل لماذا لا يصف المسؤولون الغربيون المشتبه فيه بأنه "إرهابي مسيحي".
وأشار إلى أن هجوم نيوزيلندا صدم تركيا أكثر من أي دولة مسلمة أخرى، عقب مقتل 3 أتراك" وهى الطريقة التى يستخدمها عادة الرئيس التركي لاستقطاب قاعدته الجماهيرية باسم "الدين" الأمر الذي أغضب نائب رئيس الوزراء النيوزيلندي وينستون بيترز ووصف تصرفات الرئيس التركي بأنها تشويه لصورة بلاده، كما أنها تعرض مستقبل وسلامة شعب نيوزيلندا في الخارج والداخل للخطر.. وهو الأمر الذي ترفضه نيوزيلندا، وفقا لوكالة "فرانس برس" الإخبارية.