سناء 40 سنة أشغالاً قاسية: «الولاد مكسبى»
سناء محمد مع أبنائها
لم يكن الزواج بالنسبة لها راحة واستقراراً، إنما بداية لرحلة طويلة من المعاناة والكفاح، عاشت كل مراحلها بمنتهى الصبر، تارة تتحمل ضيق العيش، وتارة أخرى تصبر على عدم وقوف زوجها بجانبها، «سناء محمد»، (62 عاماً)، ضربت مثالاً للسيدة التى تؤدى دور الأب والأم معاً، «نحتت فى الصخر» لتربية أبنائها الثلاثة، حتى لقّبها أبناؤها بـ«حمّالة الأسيّة».
أميرة: أمى حمّالة أسيّة.. عمرها ما كسرت بخاطر حد.. ربّتنا وعلّمتنا وجوّزتنا بفلوس شقاها
«أمى بالنسبة لنا هى الأم والأب والصديقة والأخت وكل حاجة، عمرها ما كسرت بخاطر حد، لكن دائماً بيتكسر بخاطرها».. كلمات قالتها ابنتها «أميرة جمال» وهى تتذكر معاناة والدتها، حتى تحقق لهم الراحة وتجنبهم قسوة أبيهم فى بعض الأحيان: «أبويا كان بيشتغل سواق فى هيئة النقل العام، كان خُلقه ضيق بسبب ظروف المعيشة الصعبة، كتير جداً كان بيطلب من أمى إنها تطلّعنا من التعليم، وتخلى أخويا يشتغل صنعة، أمى كانت بترفض وتدافع عن حقنا، أمى نزلت اشتغلت شغلانات بسيطة جداً، صبح وليل، عشان بس توفر لنا فلوس نتربى ونتعلم بيها».
تجلس «سناء» إلى جوار ابنتها، تتذكر المسافة الطويلة التى تقطعها يومياً من حى المنيب أقصى الجيزة، وحتى منطقة التجمع الخامس بالقاهرة، لتذهب إلى عملها الذى قررت أن تطلق عليه «شغلانة شريفة تجيب مصاريف»، مضيفة: «40 سنة بشتغل، مابطلتش شغل، حتى بعد ما جوّزت عيالى، وكل واحد فيهم بقى عنده بيته الخاص، وحياته المستقلة، بحب بيتى يكون عمران، بخلّص شغلى وأطلع على بنتى أطمّن عليها، أزواج بناتى بيحبونى زى والدتهم بالظبط وبيتشرفوا بيّا».
على الرغم من مرارة الأيام التى عاشتها «سناء» برفقة زوجها، فإنها لم تفكر يوماً فى ترك بيتها، عاملة بالمثل القائل «الست مالهاش غير بيت جوزها»، جملة كثيراً ما ترددها حتى تعلم بناتها المسئولية «ماسِبتش البيت يوم، على طول كنت قايمة بواجبى بكل حب وإخلاص، ولادى أهم حاجة فى حياتى، هُمّا رقم واحد، فخورة بحبهم ليّا، ده مكسبى من الدنيا».
دوامة المعاناة التى عاشتها «سناء» لم تفقدها أنوثتها يوماً أو الاهتمام بمظهرها، وذلك بحسب ما تروى ابنتها «أميرة»: «على الرغم من عملها البسيط لكن أمى ست شيك جداً، دايماً بتحب تحافظ على أناقتها وشكلها، وده كان بيحسسنى الست دى قد إيه هى قوية، الحقيقة كنت بتعلّم منها القوة».
تروى ابنتها أن والدتها كانت تحافظ على كل «قرش» لتعليمهم وتجهيزهم: «كانت بتحط القرش على القرش عشان تعلمنا إحنا الثلاثة، أختى معاها دبلوم تجارة، وأخويا بكالوريوس تجارة، وأنا خريجة آداب علم اجتماع، كله بفلوسها، وبعد كده جهزتنا إحنا التلاتة، وجابت لأخويا شقة، وجوّزتنا».
تتذكر «أميرة» فترة دراستها بالجامعة ودور والدتها خلال تلك الفترة: «كانت صديقة لينا أوى محاوطة علينا من كل الجهات، كانت صاحبة لينا مش بنتكسف من إننا نحكى ليها أى حاجة»، وبحسب «أميرة» فإن العمل لم يمنع والدتها عن تدبير شئون أبنائها: «كانت دايرة فى ساقية بالظبط، تخلص شغلها وتبدأ دوامة النزول لشراء جهاز بنتها، أقل حاجة ممكن نقدمها ليها هى فخرنا بيها قدام كل الناس، هى مصدر قوتنا طول الوقت».