فساد "دفاتر حسابات جمصة" تفتح آفاق ميكنة خدمات المحليات في الدقهلية
رئيسة جمصة - أرشيفية
"بعد ساعات من انتداب محمد السيد للعمل في مجلس مدينة جمصة بمحافظة الدقهلية، كأمين سجل حق الانتفاع، رفض استلام العمل، فحالة السجلات سيئة، وتوجد متأخرات بالجملة على أصحابها في سجلات متهالكة وغير منضبطة، مر عليها أكثر من 20 عاما من الأخطاء المتوارثة"، جاء ذلك بعد انتدابه وعددا من زملائه بعد أن اكتشفت لجنة من المحافظة وجود متأخرات على المواطنين تجاوزت الـ24 مليون جنيه.
"كان هناك ضغط من المحافظة من أجل تحصيل هذه المبالغ بأي طريقة وكانت الأولوية للتحصيل قبل عملية إعادة ضبط السجلات"، وفقا لتأكيد محمد السيد، في أقواله أمام النيابة الإدارية ببلقاس، مؤكدا أنه كان هناك ضغط من المحافظة من أجل تحصيل هذه المبالغ بأي طريقة، وكانت الأولوية للتحصيل قبل عملية إعادة ضبط السجلات.
وكان محافظ الدقهلية السابق، الدكتور أحمد الشعراوي، قد أحال جميع موظفي الإيرادات بمجلس مدينة جمصة إلى النيابة العامة بعد تقرير اللجنة المشكلة منه، التي كشفت "عدم قيام مسؤولي سجلات مقابل الانتفاع بتدوين كامل البيانات الخاصة بالمنتفعين، أمام كل منتفع بشأن رسوم النظافة والرصف وتاريخ استحقاق هذه المبالغ، وكذا سوء حالة سجلات إيجارات المحلات، حتى بلغت المتأخرات 24 مليونا و374 ألفا و143 جنيها، وكذلك عدم قيامهم بحصر شامل للمتقاعسين عن السداد والمستحق عليهم هذه الرسوم، ووجود تمزق ببعض الصفحات وسوء حالة السجلات"، إلا أن النيابة العامة أمرت بحفظ التحقيقات لاستبعاد شبهة الجريمة العامة مع إرسال الأوراق إلى الجهة الإدارية، عن نحو 30 موظفا، والتي أحالتهم إلي النيابة الإدارية جهة الاختصاص.
باشرت النيابة الإدارية عملها، وقبل البدء في التحقيقات أرسل المستشار محمد صلاح مدير نيابة بلقاس، والمستشار محمد الأدهم وكيل أول النيابة، مذكرة أولية للعرض على محافظ الدقهلية، بأوجه القصور في العمل للحفاظ على المال العام، وذلك باقتراحات لتقليل تدخل العنصر البشري في تلقي إيرادات الدولة، ولإحكام الرقابة بشكل مباشر على تلك الإجراءات لغلق أي باب من أبواب الفساد والإهمال، بما يسمح بإطلاع محافظ الدقهلية على الإيرادات أولا بأول، وكذا الإجراءات البديلة لتحصيله مع البدء بتنفيذ المقترح كخطوة أولى بمدينة جمصة وجهاز 15مايو، ثم تعميمه على كل مراكز الدقهلية.
وشملت المقترحات إنشاء إدارة عامة إلكترونية للإيرادات والمصروفات بديوان عام محافظة الدقهلية، تتبع مكتب المحافظ بشكل مباشر، وأن تتولى هذه الإدارة الإشراف على الإيرادات والمصروفات بكل رئاسة مجلس ومدينة تابع للمحافظة من خلال برنامج إلكتروني للمدفوعات يظهر من خلاله كل الإيرادات والمصروفات المدفوعة، أو الإجراءات البديلة كالحجز الإداري أولا بأول منعا لأي تلاعب أو تقصير.
وأكد السيد عبدالهادي، أخصائي المتابعة بديوان عام المحافظة، في النيابة الإدارية، أنه "تبين للجنة ارتفاع نسبة المتأخرات بسبب سوء حالة السجلات وليس مشكلة في التحصيل ذاته، ويرجع ذلك لقدم الملفات وعدم انضباطها لمدة تصل إلى 20 سنة، كما أن الموظفين الذين يتم نقلهم أو ندبهم إلى قسم الإيرادات يعملون لفترة قصيرة لا تصل إلى سنة، وهي فترات لا تمكنهم من إعادة ضبط السجلات والدفاتر حتى يتم التحصيل على أساس سليم، كما تبين عدم وجود ربط فيما يخص النظافة والإيرادات المتنوعة، وأن التحصيل يتم بصورة عشوائية وليس من خلال ربط ثابت ودقيق وذلك ناجم عن عدم وجود حصر دقيق لأراض المدينة وعقاراتها، وعدم وجود تنسيق بين الإدارة الهندسية وقسم الإيرادات بما يسمح بتبادل المعلومات بدقة لتحديد حالة الوحدات السكنية".
وأكد "عبد الهادي"، أن هذا الوضع ليس نتيجة خطأ الموظفين الحاليين ولكنه خطأ تراكم 20 سنة ناجم عن سوء حالة السجلات وعدم تدريب الموظفين وقلة خبرتهم بسبب قصر مدة عملهم بإدارة وقلة عدد الموظفين بالمقارنة بعدد المترددين على الإدارة خاصة في فترة الصيف، وأنه يصعب تحديد المسؤولية، فالدفاتر قديمة والمسؤولين عنها توفاهم الله أو خرجوا على المعاش، ويصعب تحديد المسؤول عن هذه السجلات بدقة بسبب حالتها السيئة.
"أنا رفضت استلام العمل حتى يتم تسليمي العمل من خلال لجنة ولكن لم يتم الاستجابة لطلبي نتيجة وجود ضغط في العمل من أجل تحصيل المبالغ المتأخرة"، هكذا عبر محمد السيد الشبراوي، كاتب شطب برئاسة جمصة، عن عدم رضاه عن حالة الدفاتر، وقرر أنه كان أمين سجل حق الانتفاع، وبعد الضغط عليه تم العمل في السجلات بحالتها وبصفة عامة كانت السجلات متهالكة، وهذه الأخطاء متوارثة حتى جاءت لجنة من المحافظة أثبتت وجود متأخرات تجاوزت 24 مليون جنيه.
وأضاف الشبراوي في أقواله، أنه حاليا وبناء على تعليمات النيابة الإدارية يجري إعادة قيد البيانات إلكترونيا من أجل تلافي هذه الأخطاء، وقرر أنه غير مسؤول عن عيوب هذه السجلات لأنه استلمها على هذه الحالة وأنه طلب نقله من قسم الإيرادات لهذا السبب فتم نقله للمخازن، وقرر أن تقرير اللجنة الأولي يثبت أن المشكلة موجودة قبل عمله بقسم الإيرادات، وأن تقرير اللجنة الثانية أثبت معوقات العمل.
وأعدت النيابة الإدارية مذكرة للمحافظ طالبت فيها بتطوير نظام الإيرادات وذلك من خلال الربط الإلكتروني بين إيرادات المجلس وبصفة خاصة الإيرادات والتنازلات والأملاك والإدارة الهندسية والرخص، بحيث تستفيد كل إدارة من بيانات الإدارات الأخرى، وإعادة حصر الأراضي والشقق والمتخللات وفي المدينة وإعادة ربط الإيرادات بأنواعها للقضاء علي عشوائية الربط والتحصيل.
وخصصت النيابة الإدارية في مذكرتها تفصيلات لتطوير الإدارة الهندسية، وتطوير المدينة وبيئة الاستثمار، وتطوير نظام الإيرادات، بل وطالبت بتعميمه علي كافة مراكز ومدن المحافظة.
"بدأنا منذ فترة في تحويل السجلات من صورة ورقية إلي رقيمة" هكذا أكدت المهندسة سحر لطفي، رئيس مجلس مدينة جمصة، وقالت: "أعددنا برنامجا إلتكرونيا خاص بكل الأصول الخاصة بالدولة، وكل وحداتها، وأدخلنا نحو 600 ألف بيان، لأن جمصة هي المدينة الوحيدة في مصر التي جميع أراضيها حق انتفاع وليست تمليك، واستحدثنا منظومة للرخص للإدارة الهندسية وجعلها ملفات رقمية".
وأضافت "لطفي" لـ"الوطن": "بدأنا في عمل أرشيف إلكتروني بجميع المستجدات، حتى ولو كانت إيرادات الجهود الذاتية، كما أننا عملنا خريطة استثمار رقمية لمدينة جمصة لتوفير فرص استثمار حقيقية وربطها مع الهيئة العامة للاستثمار، أما بخصوص المبالغ التي قدرتها لجنة المحافظة بنحو 24 مليون فقد تم تحصيل معظمها، وتسجيلها آليا".
وأشارت إلى أن "العمل يلاقي صعوبات ونجد مقاومة للتغيير ولكننا مستمرون في المكنة لسد جميع منابع الفساد، وبالفعل تم تجهيز مبني التطوير التكنولوجي لخدمة المواطنين وسيتم افتتاحه قريبا".