أول جمعة في نيوزيلاندا.. "دماء سيرى العالم من خلالها جمال الإسلام"
لامام جمال فودة خطيب الجمعة بساحة هاجلي
بعد مرور 168 ساعة على حادث إطلاق النار على المصليين في مسجدين بنيوزيلندا، أقيمت اليوم، أول صلاة جمعة في حديقة "هاجلي"، التي تجمع فيها المسلمون من أنحاء نيوزلندا لتكريم 50 شهيدا ضحايا العمل الإرهابي كرايستشيرش، والتي وصفها "إمام الصلاة" بـ" مشاهد الحب والرحمة".
واستهل الإمام جمال فودة، خطبة الجمعة بساحة "هاجلي" أمام الحشد الهائل، بمن فيهم رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جازيندا أرديرن، بالوقوف دقيقة حداد لتكريم الضحايا، وفق صحيفة نيوزيلند هيرالد، الأكثر توزيعاً فى البلاد.
وقال فودة في مستهل الخطبة، إن نيوزيلندا غير قابلة للكسر وشعبها متحمس لكنه غير مكسور، مضيفا: "شكرا لكل من أتى اليوم وهو يحمل الزهور، شكرًا لك على حبك وعطفك، شكرُا لرئيس وزرائنا على قيادتك، لقد كان درسًا لقادة العالم".
لم ينس إمام المسجد الملايين حول العالم الذين أعلنوا تعاطفهم ودعمهم لنيوزلندا، وتضمامنهم معها ضد الإرهاب: "شكراً لجميع الأشخاص الرائعين الذين أظهروا لنا أننا مهمون ولا ننسى، شكرًا لقوات الشرطة وخدمات المواجهة لقد وضعتم حياتكم أمام حياتنا اليومية".
وركز فودة في خطيبته التي أبكت جموع المصلين، أن الحادث المأساوي جعل الشعب بكافة طوائفه يجتمعون على قلب رجل واحد، وأن نيوزيلاندا لم تشهد حب وإيخاء مثل هذا من قبل: "يوم الجمعة الماضي، وقفت في المسجد ورأيت الكراهية والغضب في عيون الإرهابي الذي قتل 50 شخصًا بريئًا وأصاب 42 أخرين وكسر قلوب الملايين حول العالم".
واستكمل: "اليوم، ومن نفس المكان، أنظر وأرى المحبة والرحمة في عيون الآلاف من الزملاء النيوزيلنديين والبشر من جميع أنحاء العالم، والتي تملأ قلوب الملايين الآخرين الذين ليسوا معنا جسديًا ولكن معنا بأرواحهم".
وقال إمام المسجد، إن الارهابي سعى إلى تمزيق الأمة عن طريق أيديولوجية شريرة مزقت العالم، ولكن بدلاً من ذلك أظهرنا أن نيوزيلندا غير قابلة للكسر.
وأضاف فودة: "إنه ينبغي على العالم أن يأخذ نيوزيلاندا مثالاً على الحب والوحدة، ومصممون على عدم السماح لأي شخص بتقسيمنا"، عبارة جعلت الجميع يصفق بحرارة.
وتحدث مخاطبًا أهالي الضحايا والمصابين: "بالرغم من أن عدد القتلى ليس طبيعيا، لكن التضامن في نيوزيلندا استثنائي، وأحبائكم لم يموتوا سدى، ودمائهم سقى بذور الأمل ومن خلالهم سيرى العالم جمال الإسلام ووحدتنا".
وعن الضحايا قال فودة في خطبته، "إن الضحايا هم الأفضل منا، وصعدت أرواحهم في يوم مقدس للمسلمين وفي بيت من بيوت الله، وليسوا مجرد شهداء للإسلام ، بل شهداء لهذه الأمة".
ووجه إمام المسجد رسالة الى الشهداء، مضمونها: "خسارتنا لك هي مكسب لوحدة نيوزيلندا وقوتها، ورحيلك هو استيقاظ ليس فقط على أمتنا ولكن للبشرية جمعاء، إن الشهادة هي حياة جديدة لنيوزيلندا وفرصة للازدهار بالنسبة للكثيرين، واجتماعنا هنا اليوم بكل تنوعنا هو شهادة على إنسانيتنا المشتركة".
وشكر فودة المصليين من جميع الجنسيات الذين أتوا من كل حدب وصوب ليؤدوا صلاة الجمعة: "إلى إخواني وأخواتي أولئك الموجودين هنا اليوم لأداء صلاة الجمعة، أشكركم على توحيدكم مرة أخرى، وشكرًا لغير المسلمين الذين غضبوا وغفروا من أجل أخواتهم، وأشكركم على صمودكم وعلى وقفتك معنا".
وتحدث فودة عن رهاب الإسلام خلال الخطبة، قائلا: "لقد شعر المسلمون بالألم لسنوات عديدة، لقد قُتل من قبل في كندا، واستخدمت الوحشية ضد المراهقين في النرويج وضد المسلمين الأبرياء في المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى حول العالم".
واستكمل كلامه في هذا الشأن: "الإسلاموفوبيا حقيقية موجودة، إنها حملة مستهدفة للتأثير على الناس ولإنسانية وحثهم على الخوف من المسلمين وتخويفهم بشكل غير عقلاني من اختيار الطعام الذي نأكله، والخوف من الطريقة التي نصلي بها والخوف من الطريقة التي نمارس بها الطقوس الإسلامية".
ووجه فودة رسالة إلى قادة العالم والحكومات بما فيها نيوزيلاندا والبلدان المجاورة لها، دعا فيها إلى ضرورة وضع حد لخطاب الكراهية وسياسة الخوف التي باتت تسيطر على العالم.
وقال فودة، إن هجوم كرايستشيرش لم يأت بين عشية وضحاها، ولكنه كان نتيجة لخطاب معادٍ للإسلام ومعادٍ للمسلمين من جانب بعض الزعماء السياسيين والوكالات والمنصات الإعلامية.
واختتم الخطبة قائلًا: "إن حدث الأسبوع الماضي هو دليل للعالم بأسره على أن الإرهاب ليس له لون، أو عرق، أو دين".