رحلة «سعيدة».. من عرض ابنتها للبيع على «فيس بوك» حتى باب «الجنايات»
صورة تعبيرية
قضت محكمة جنايات الإسكندرية، مساء أمس الأول، غيابياً بالسجن المشدد 10 سنوات على المتهمين «محمد. ن. ع»، عاطل، وزوجته «سعيدة. ط. ع»، ربة منزل، وتغريم كل منهما 100 ألف جنيه بتهمة الاتجار بالبشر فى القضية التى انفردت «الوطن» منذ 5 أشهر بتسليط الضوء عليها عندما حاولت سيدة بيع جنينها عبر «فيس بوك»، بعد أن حملت من شخص غير زوجها، لكنها أقنعت الزوج بأن الحمل من صُلبه، واتفقت معه على بيع الجنين قبل ولادته مقابل 20 ألف جنيه.
وكان قد تم اكتشاف أمر الصفقة فى منشور على صفحة «تبنى طفل» عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لحساب باسم «هنا محمد»، تعرض فيه طفلة للبيع مقابل مبلغ مالى تقول فيه:
«لو فيه حد حابب يتبنى طفلة هتتولد إن شاء الله كمان أسبوعين بالكتير، والتبنى هيتم من خلال أم وأب المولودة: التواصل عَ الخاص للجادين فقط، والله المستعان»، فتواصلت معها محررة «الوطن»، وأكدت لها صاحبة المنشور أنها تلقت عشرات الاتصالات، بعضها هزلى وأغلبها جاد، قائلة: «ابنتى أنا.. وهاولدها كمان يومين، وعاوزة فيها 20 ألف جنيه»، مؤكدة أن الظروف المعيشية الصعبة التى تمر بها هى سبب عرض الطفلة للبيع، وطلبت صاحبة البوست منها الحضور صباح الثلاثاء 18 سبتمبر الماضى بمستشفى الشاطبى العام بالإسكندرية، لوضع جنينها، وإتمام البيع، ودفع المبلغ المطلوب.
الأم المتهمة طلبت 20 ألف جنيه للتنازل عن طفلتها.. والمحكمة تعاقبها وزوجها بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لكليهما بتهمة الاتجار بالبشر
وأثناء التواصل مع «صاحبة البوست»، تدخّل زوجها ليوضح أن الأسرة التى ستتبنى المولود ستتسلم إيصالاً مختوماً من المستشفى باسم «أم الطفلة وزوجها»، ثم يتم تسليم المبلغ المطلوب وتسلّم الطفلة، وبسؤاله عن إجراءات التنازل عن الجنين، قال إنه سيوقع على تنازل نهائى عن ابنته، ولن يُسلم الإيصال إلا بتسلمه الـ20 ألف جنيه أولاً، قائلاً: «آخد الفلوس أدّيكم الطفلة، وإيصال البيع، وأمضى على التنازل».
وبادرت «الوطن» بإبلاغ خط نجدة الطفل 16000، التابع للمجلس القومى للطفولة والأمومة، بالواقعة وما حوته من تفاصيل ومعلومات، وقالت الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس، إنهم تلقوا البلاغ وتواصلوا مع الإدارة العامة لحقوق الإنسان بمكتب المستشار النائب العام، والذى بدوره وجّه فوراً نيابة استئناف الإسكندرية بمباشرة التحقيقات وتتبع السيدة صاحبة المنشور، مؤكدة أنه بالفعل تم التحقيق من صحة الواقعة، وألقى القبض على الأم والأب المتهمين، وبحوزتهما الرضيعة.
تقرير الشئون الاجتماعية: المتهمان كانا يشتريان المواد الغذائية من السوبر ماركت عن طريق "الشُكك".. والزوج رفض فرص عمل بسبب تعاطيه المخدرات
واستمعت النيابة لتسجيلات المكالمات الهاتفية بين محررة «الوطن» وأهل الطفلة، كما اطلعت على المحادثات الإلكترونية عبر «فيس بوك» بينها وبين المتهمة، وقررت نيابة باب شرق فى الإسكندرية بشهر أكتوبر الماضى، حبس الأب المتهم وإخلاء سبيل زوجته مراعاة لأبنائها، حتى تحويل القضية لمحكمة الجنايات.
وكشفت تحقيقات النيابة أن الزوج المتهم، 29 سنة، وشهرته محمد أبوهنا، يتعاطى المواد المخدرة، وهو المسئول عن التواصل والتفاوض مع العملاء لبيع ابنته فور ولادتها، وتم احتجازه فى قسم شرطة باب شرق على ذمة القضية، فيما نفت الأم، خلال تحقيقات النيابة، مسئوليتها عن الواقعة، وقالت إن زوجها هو من أجرى التواصل وعملية البيع، وقال الزوج إنه طلب منها أن تُسقط الجنين، لكنها عرضت عليه فكرة البيع.
وقال مصدر قضائى لـ«الوطن» إن التهمة الموجهة للمتهمين هى الاتجار بالبشر وحكمها قد يصل إلى 20 سنة، مؤكداً أن القانون يشدد العقوبة فى حالة لو أن بيع الأطفال من الدرجة الأولى إلى المؤبد، مؤكداً أن من حق الأم المتهمة مصاحبة نجلها الرضيع داخل السجن لمدة 4 سنوات.
سيدة من جيران الأسرة تبرعت لهما بسريرين ودولاب لعدم وجود أثاث فى الشقة
وخلال التحقيقات كشفت نيابة باب شرق بالإسكندرية عن أن الطفلة ليست ابنة الزوج، المتهم الأول، وحينها قررت تأجيل الحكم فى القضية إلى جلسة مساء أمس الأول. وباطلاع «الوطن» على تقرير الشئون الاجتماعية بالإسكندرية، تبين أن المتهمين يقيمان فى شقة دور أرضى «بدون عقد إيجار»، بشارع «عبدالوهاب»، متفرع من شارع الجمعية، منطقة المندرة قبلى، شرق الإسكندرية، خلف «سوبر ماركت سعيد»، بالإضافة إلى أن إيجار الشقة 300 جنيه شهرياً، وقرر أهالى المنطقة توفير فرصة عمل للمتهم فى أحد الملاهى بمدينة كفر الدوار، ولكنه رفض لبعد المسافة، خاصة أنه من متعاطى المواد المخدرة.
وأضاف التقرير أن الزوجة المتهمة «سعيدة. ط. ع»، 31 سنة، كانت تعمل فى محل أسماك مملحة وتركته لأسباب لم يعلن عنها، ثم ذهبت للعمل مع شيف مأكولات لإعداد وجبات الأفراح، وبعد مرور الوقت شعرت بآلام الولادة وتركت العمل، ولديهم طفلة اسمها «هنا محمد»، تبلغ من العمر عامين ونصف العام، بالإضافة إلى أن المتهم استدان يوم الولادة من صاحب «السوبر ماركت» 25 جنيهاً.
وأكد التقرير أن المتهمين يشتريان المواد الغذائية من «السوبر ماركت» عن طريق «الشُكك»، وأنهما مدينان بمبلغ 300 جنيه، وأن المتهمة طلبت من صاحب «السوبر ماركت» يوم الولادة إصلاح التليفزيون بتكلفة 100 جنيه، وأكدت سيدة من الجيران أنها تبرعت لهما بسريرين ودولاب لعدم وجود أثاث بوحدتهما السكنية، مشيرة إلى أنه قبل العيد طلبت المتهمة قطعة من اللحم لعدم تناول أسرتها اللحوم منذ شهر تقريباً.
وأشار التقرير إلى أن الزوج المتهم كان دائماً يطرد زوجته خارج الشقة، وبعد مرور الوقت يفتح لها الباب مرة أخرى، بدون تدخل الأهالى لأنهما كانا منغلقين على نفسيهما، وليس لهما ترابط بالجيران. واستمر دور «الوطن» فى القضية حتى الاطمئنان على مصير الرضيعة، حيث أكد مصدر قضائى، عقب التحقيقات، أن الشئون الاجتماعية ستتكفل بمصاريف شهرية لها، موضحاً أنه تم التحفظ عليها فى مكان تابع لها لحين الانتهاء من المحاكمة، وأضاف المصدر لـ«الوطن» أنه تم إخلاء سبيل الزوجة مراعاة لأبنائها لحين تحويل القضية لمحكمة الجنايات.