"تويا".. عمل إبداعي نسجه "العشماوي" بين "القاهرة" و"نيروبي"
"تويا"، عمل إبداعي ممتع للكاتب أشرف العشماوي، وصلت للقائمة الطولية للبوكر للرواية العربية لعام ٢٠١٣.. "تويا" اسم لفتاة أفريقية، قابلها بطل الرواية الطبيب المصري "يوسف كمال نجيب" في نيروبي.
يوسف شخصية تائهة تبحث عن ذاتها بين ثقافتين، ثقافة الأم الإنجليزية ذات المشاعر الأرستقراطية، والتي عجلت بفرارها من مصر للذهاب والاستقرار في ليفربول، وثقافة الأب ورمانسيته التي قادته إلى أفريقيا ليعالج مرضاها المصابين بالجزام.. بين هاتين الثقافتين تكونت تركيبة يوسف النفسية، فأصبح ذو إرادة قوية وخفية في آن واحد، تحركه في أمور كثيرة، فيسير ورائها وكأنه لا يملك من أمر نفيه شيئًا، وظهرت هذه الإرادة عندما سأله الدكتور "راندال" المشرف على رسالته، كيف ترى وظيفتك كطبيب؟ أهي مهنة أم رسالة؟!.
إذا كانت مهنة وتجارة، فسيكون هذا آخر لقاء بيننا، أما إذا كانت رسالة فاعتبر اليوم ميلاد يوم جديد. بهذا السؤال تغيرت بوصلة يوسف، واختار الرسالة فذهب إلى أعماق أفريقيا وخاصة كينيا، للبحث واكتشاف علاج جديد لمرض الجزام. في أدغال أفريقيا، ظهرت "تويا"، لتقلب حياة يوسف صاحب الهوية الملتبسة بين العربية والإنجليزية، لتزرع فيه بعداً ثالثًا هو الجذور المنسية ذات الأصل الأفريقي.
تنقلك الرواية، من عالم الرفاهية في لندن إلى عالم جنوب أفريقيا الملئ بالبؤس والمرض والجهل، واستنزاف رجال الأعمال لفقر الشعب الأفريقي وجهله في تجارة بيع الأعضاء البشرية.
بذل الكاتب مجهودًا كبيرًا في تجميع معلومات موثقة عن مرض الجزام، مع إنه ليس طبيبًا، وأيضًا معلومات عن أحراش أفريقيا، ونسج حولها العمل الدرامي في سلاسة وحرفية عالية بلغة رشيقة، عميقة، وغير متكلفة. كما نقلنا لأحراش كينيا بتصويره للأماكن والأحداث، وكأنه عاش هناك بالرغم إنه لم يزورها.. تخلل أحداث الروية لحظات من العشق الأسطوري بين "يوسف" و"تويا" ذات الجمال والحضور الأنثوي الطاغي.