محمد صبحى: إحنا «مش أراجوزات» والفن ضد الاحتكار
الفنان محمد صبحى
يواصل الفنان محمد صبحى التحضير لعمله المسرحى الجديد «هنوريكم نجوم الضهر»، والمقرر أن يستكمل به مهرجان المسرح للجميع الثانى، الذى بدأه بعملين مسرحيين هما «غزل البنات» و«خيبتنا»، وكان صبحى قد شارك مؤخراً كرئيس للجنة العليا لمهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى فى دورته الرابعة.
"تربيت على أعمالك" أسعد جملة سمعتها فى حياتى والحمد لله جزء كبير من رسالتى وصل لجمهورى
يتحدث «صبحى» فى حواره مع «الوطن» عن كواليس اختيار مصطفى شعبان لتكريمه والانتقادات التى تعرض لها، كما تحدث عن مسرحيته الأخيرة «خيبتنا»، وعن النظرة السلبية للبعض تجاه الفن والفنانين.
ما تقييمك لمهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى فى دورته الرابعة بصفتك رئيس اللجنة العليا للمهرجان؟
- مهرجان شرم الشيخ للمسرح تطور كثيراً، وأصبحت دورته الرابعة أكثر تطوراً وإبداعاً من الدورات الماضية، وهناك زخم كبير من جانب العروض والشباب المشاركين، فعدد الدول المشاركة يزداد من دورة لأخرى، ومن خلال متابعتى للعروض المشاركة فى هذه الدورة أشعر بسعادة بالغة بسبب رقى وتحضر الأعمال المشاركة، وشعرت بسعادة فائقة حينما شاهدت بدو محافظة جنوب سيناء يشاركون معنا فى فعاليات حفل الافتتاح، بالإضافة إلى حرصهم على حضور العروض من أجل التعلم وفهم ثقافة المسرح، وأرى أن هذا هو أهم أهداف المهرجان التى يهدف إليها منذ تأسيسه.
هل ستنفذ مبادرتك التى كشفت عنها فى حفل افتتاح الدورة الحالية بعرض العمل الفائز بالدورة فى مسارح محافظة القاهرة؟
- بكل تأكيد، فأنا عند كلمتى، ومستعد بكل ما أوتيت من قوة لعرض العروض صاحبة المراكز الأولى فى القاهرة والإسكندرية ومختلف المحافظات الأخرى، فأنا أرى أن المهرجان لن يحقق أهدافه لو اكتفينا بعرض الأعمال فى مدينة شرم الشيخ، أو محافظة جنوب سيناء فقط، لا بد أن تنتشر تلك العروض والأفكار فى كافة مناطق الجمهورية، فهؤلاء الشباب بذلوا كل ما فى وسعهم من أجل أن ينجحوا، فسيكون تقصيراً منا لو لم نمد لهم يد العون ونساعدهم فى عرض أعمالهم، حتى لو كان العرض لمدة قصيرة، يومين أو ثلاثة أيام، فهذا الأمر سيعطيهم دافعاً قوياً لاستكمال مسيرتهم.
أشكر من انتقد تكريم مصطفى شعبان بالدورة الحالية من المهرجان وأقول له "أنت مقصر فى حق المسرح"
ما رأيك فى عدد العروض المشاركة فى المهرجان؟
- هناك 15 عرضاً من مختلف دول وقارات العالم، وأرى أنه عدد ليس بالقليل ولا الكثير، ولكن أكثر ما يميز هذه الأعمال أنها متنوعة.
من صاحب فكرة اختيار جورج سيدهم بأن يكون حاملاً لاسم الدورة الرابعة من المهرجان؟
- اختيار الفنان الكبير جورج سيدهم جاء باتفاق الآراء جميعاً، بداية من الفنانة القديرة سميحة أيوب الرئيس الشرفى للمهرجان، وأيضاً المخرج المسرحى مازن الغرباوى رئيس المهرجان، وإنجى البستاوى مديرة المهرجان، فجورج اسم لا يختلف عليه اثنان، وبمجرد أن رُشح الاسم وافق الجميع عليه، فجورج سيدهم رمز من رموز المسرح المصرى والعربى، وقدم العديد من الأعمال المسرحية التى ما زالت فى وجدان الجميع، وحتى الآن لديها جمهورها وعشاقها، وكل ما نريده الآن هو أن ندعو له بالشفاء ويكون فى حال وصحة جيدة.
لماذا قررتم تكريم الفنان مصطفى شعبان خلال فعاليات المهرجان كنجم مسرحى شاب؟
- اتفقنا بداية من الدورة الرابعة أن يتم ترشيح وتكريم تلميذ من تلاميذى الذى بدأ حياته المسرحية على يدى، وكان اختيار هذه الدورة على الفنان مصطفى شعبان، ومصطفى كان من أوائل التلاميذ الذين تتلمذوا تحت يدى، وأصبحوا نجوماً كباراً فى السينما والتليفزيون، وأنا فخور للغاية بأننى قمت بتكريمه على المسرح فى حفل الافتتاح وأعطيته جائزة المهرجان، فخلال لحظة تكريمه عاد بى الزمن للوراء كثيراً وتذكرت بدايته معى خلال استوديو الممثل، فمصطفى كان واحداً من أهم هؤلاء التلاميذ، فلك أن تتخيل أنه شارك معى من ضمن 20 فرداً قدموا معى مسرحية بالعربى الفصيح من بين 3000 شخص.
ابتعدت عن السينما وأنا على أعتاب أفلام المقاولات.. وقررت أن أبيعها حتى لا أبيع نفسى.. والجمهور هو البطل الحقيقى فى عرض "خيبتنا" ونجحت فى إثبات أن الفنان هو الذى يختار جمهوره وليس العكس
بعض النقاد والإعلاميين انتقدوا تكريم الفنان مصطفى شعبان لقلة أعماله المسرحية.. فما ردك على هذا الانتقاد؟
- هى ملحوظة جيدة للغاية، وأشكر من أبرز تلك الملحوظة، مصطفى شعبان مقصر للغاية فى أعماله المسرحية، على الرغم من أن بدايته كانت للمسرح، وقدم عدداً جيداً من الأعمال المسرحية الهامة، ولكنه من بعد أن اتجه إلى السينما والدراما، ابتعد تماماً عن المسرح، وهنا لا بد أن أنصحه وأطلب منه أن يعود إلى المسرح من جديد ويهتم به مثلما يهتم بالسينما والدراما، لأن أى ممثل جيد ستجد أن بدايته كانت من المسرح، مثل فتحى عبدالوهاب ومنى زكى اللذين تتلمذا تحت يدى أيضاً، كما أن الجائزة لا تمنح فقط لنجوم المسرح إنما من الأساس تمنح لأحد طلابى الذين تتلمذوا على يدىّ.
هل ترى أن البروتوكولات التى يبرمها الفنانون العرب فى المهرجان ستعود بالنفع على الفن العربى؟
- على المستوى الإقليمى لا نجد أى تواصل بين الفنانين العرب، بل إن الفنانين فى البلد الواحد لا يجتمعون لكى يبحثوا مشاكلهم، فهل رأيت فى يوم ما اجتماعاً بين الفنانين لكى يناقشوا مشاكل الفن، نحن محتاجون للتواصل بشكل دورى وفعال، أنا فى حاجة ماسة للتواصل مع الفنان التونسى والكويتى والسورى والسودانى، فلو تم هذا الأمر فستكون هناك حركة فنية عربية قوية، كما أننى أريد أن أوجه نظرك إلى شىء هام، فالغرب دائماً يريد إبعادنا عن فكرة الوطن العربى، واستخدام مصطلح الشرق الأوسط تبرير لوجود الكيان الصهيونى، فالتواصل الحقيقى بيننا كعرب سيجعلنا نمنعهم من تمرير هذا المصطلح بيننا، ولكن التواصل بالمقابلات والجلسات النقاشية الحقيقية وليس من خلال الجوابات ومواقع التواصل الاجتماعى كالفيسبوك وأمثاله.
ما تقييمك لمسرحية «خيبتنا» بعد مرور 7 أشهر من عرضها؟
- إجابتى عليك تتلخص فى «الجمهور هو البطل الحقيقى لتلك التجربة»، فبعد 7 أشهر من عرض مسرحية غزل البنات، والآن بعد 7 أشهر من عرض مسرحية «خيبتنا» جمهورى هو البطل الحقيقى، فتلك المسرحيات لم يكن لديها أى بانرات فى الشوارع العامة والطرقات، كما أننى لم أطرح أى إعلان فى التليفزيون، فكل الإعلانات كانت فقط عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وهنا أنا أثبت صحة جملتى وهى أن الفنان هو الذى يختار جمهوره، وليس الجمهور هو الذى يختار الفنان، فأنا أختار الجمهور من خلال الأبطال المشاركين معى فى العمل وبتاريخى الكبير وثقتهم فيما سأقدمه.
«خيبتنا» مسرحية ليست للضحك وتحمل رسالة نقدية واضحة للحكومات العربية.. فلماذا أقدمت على تقديمها؟
- بالفعل المسرحية ليست مثل معظم مسرحياتى للضحك، فهى بها جزء كبير للبكاء والتراجيديا، لأنها تنتقد سلبيات عديدة للحكومات العربية، فرسالتى فى مسرحية خيبتنا هى أن يخرج الشباب والمشاهد من العمل وهو فى حالة إيجابية من حب الوطن الأصغر مصر والوطن الأكبر العربى، وأن يفكر وهو جالس على كرسيه فيما أقوله أولاً ثم يضحك ثانياً، فالمشاهد اعتاد فى مسرحى على الفكر ثم الضحك، فنحن جميعاً فى حاجة ماسة إلى تلك الأعمال التى تعيد لنا الفكر وتذكر هموم أمتنا العربية، ولا يخدعنا الغرب بمشاكل وأمور أخرى تنسينا تلك الأمة التى عانت الكثير.
ما الذى سيقدمه محمد صبحى بعد مسرحية «خيبتنا»؟
- مسرحية «خيبتنا» واحدة من مهرجان المسرح للجميع فى موسمه الثانى، فالموسم الأول الذى قدمته منذ سنوات عديدة قدمت من خلاله 3 مسرحيات، وهى لعبة الست، وكارمن، وسكة السلامة 2000، والموسم الثانى قدمت منه حتى الآن عملين، وهما غزل البنات وخيبتنا، ومن المقرر خلال الفترة المقبلة أن أبدأ العمل على المسرحية الثالثة، وهى «هنوريكم نجوم الضهر»، وعقب عرضها لمدة 7 أشهر، سنعيد عرض المسرحيات الثلاث على مدار الأسبوع، ويتم عرض كل مسرحية لمدة يومين متواصلين، والعرض سيكون فى مدينة سنبل، مثلما عرضت كافة المسرحيات وقت عرضها الأول.
ما الفكرة التى ستدور حولها مسرحية «هنوريكم نجوم الضهر»؟
- الفهم الخاطئ لدى الجميع بأن النجوم لا تظهر فى فترة الظهيرة لأنها تكون فى مكان ما، ثم تظل تتحرك إلى أن تأتى إلينا، ولكن ما عرف علمياً هو أن النجوم تظل ثابتة فى مكانها لا تتحرك، ولكن قوة الشمس الساطعة تجعلنا لا نرى تلك النجوم إلا مع خفض توهجها، هذه قصة المسرحية ولا أستطيع أن أتحدث عنها أكثر من ذلك فى الوقت الحالى.
هل أنت مع أم ضد عرض المسرحية على القنوات التليفزيونية بعد فترة قصيرة من تقديمها على المسرح؟
- أرفض عرض المسرحية على شاشة أى قناة قبل عرضها على خشبة المسرح للجمهور 3 سنوات على الأقل، فعلى مدار 50 سنة من عملى بالمسرح كل العروض التى قدمتها عرضت على التليفزيون بعد وقت ما بين سنتين إلى 5 سنوات من وجودها فى المسرح، فالعرض المسرحى يستغرق وقتاً طويلاً فى التحضير، بمعنى أن النص يكتب فى وقت ليس أقل من عامين، ويستغرق بروفات على الأقل 8 شهور، فليس من المنطقى أن أعرضها على التليفزيون بعد بضعة أشهر، فالعمل المسرحى له أصول وقواعد لا بد من احترامها.
هل يشعر محمد صبحى بنظرة سلبية تجاه الفنانين بشكل عام؟
- فى الحقيقة لا بد أن يفهم الجميع أن المثقف والمفكر والواعى والعالم هم القوى الحقيقية لهذا البلد، وأن الفنانين من أكثر الناس عشقاً لتراب هذا الوطن، ويجب ألا يتم التعامل مع الفن بسياسة احتكار السلع أو باعتبار أننا أراجوزات، فما يحدث الآن خلق غصة فى قلوب وحلق الكثير من الفنانين والمثقفين.
هل سيعود محمد صبحى لمعشوقته الشاشة الصغيرة؟
- لا أريد أن أنتج عملاً درامياً وأذهب لكى أسوقه للقنوات فيكون الرد علىّ شكراً يا أستاذ محمد.
هل اكتفيت بأعمالك السينمائية التى قدمتها بمسيرتك الفنية؟
- أنا قدمت خلال مسيرتى 23 عملاً سينمائياً، والحمد لله كافة تلك الأعمال جيدة ولا يوجد أى عمل أخجل منه، وانسحبت منها حينما كنت على أعتاب دخولى عالم سينما المقاولات، فلك أن تتخيل أن تحصل على الرقم الذى تريده مقابل أن تصور الفيلم فى 3 أسابيع، ولذلك أستطيع أن أقول لك إن السينما هى التى فشلت فىّ ولست أنا من فشل فيها، فأنا مع تلك الفترة قررت أن أبيع السينما حتى لا أبيع نفسى، والرسالة الفنية التى كنت أريد إيصالها للجمهور من خلال العمل السينمائى استطعت أن أوصلها من خلال المسرح والتليفزيون.
بعد أكثر من 50 عاماً فى عالم الفن بمختلف مجالات السينما والمسرح والتليفزيون.. هل وصلت رسالة محمد صبحى لجمهوره؟
- الحمد لله، جزء كبير من رسالتى وصل لجمهورى، وكنت أرى هذا النجاح فى أعين الناس التى كانت تقابلنى وتلتقط معى الصور التذكارية وتقول لى إنها تربت على أعمالى، ربما يصل عمر الشخص إلى 35 عاماً ويقف لكى يناقشنى ويشكرنى على أنه تربى على مسرحياتى ومسلسل ونيس، هذا الأمر لم يكن فى مصر فقط بل رأيته فى دول وطننا العربى وأيضاً فى أمريكا، فأنا فخور بمسيرتى وبما قدمته وفخور بجمهورى.